تعودنا على أن نسمع عبارة «جدة غير» بكل مناسبة، فأسواقها ومقاهيها غير، وأماكنها الترفيهية وشاليهاتها غير عن بقية مدن المملكة، احتفالاتها واجازاتها ومواسمها أيضاً غير، حتى رطوبتها وجوها الخانق غير كذلك، هذا ما يردده معظم أهالي جدة وما حولها، فالكل مفتون بعروس البحر ولا أحد يلومهم في حب الوطن.. ويبدو أن عيد جدة «غير» عما هو معتاد، فقد أُغتيلت فرحة الاطفال وبهجة الكبار بالفاجعة التي حصدت الارواح والممتلكات، فلم تُبق ولم تذر حتى أننا لم نصدق الاخبار من هول الصدمة التي صدتنا عن الشعور بفرحة العيد، فقد تسمر الجميع أمام الشاشات الفضائية والالكترونية لمتابعة ما حصل وما سيحصل!! فما أصاب جدة من سيل جارف لم يكن ليحصل لو تم تنفيذ مشاريع الصرف الصحي المتفق عليها والتي رُصدت لها الميزانيات الهائلة.. ويأتي خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، بوصفه للفاجعة وأمره بتشكل لجنة لمحاسبة المتسببين وتعويضه للمتضررين، ليمسح على قلوبنا ويضمد جراحنا، لكن لابد أن تأخذ العدالة مجراها.. إن أكثر ما يقلقني هو ماذا سنروي لأبنائنا عن هذه الفاجعة؟ وماذا سينقل التاريخ لأبنائنا عن تلك الكارثة؟ وهل ستنقل الحقيقة ويكشف الزيف ويصرح بالمتورطين؟ أم سيبرر تلك المصيبة ويقول أنها كانت قضاء وقدر دون الاشارة عن التقصير البشري؟ كيف سيتعامل أبناؤنا مع هذه النكبة التي عرّت الحقيقة وكشفت المستور وفضحت المجرمين؟ خلال زيارتنا لجزيرة سيلان قبل سنوات كانت الأمطار تصاحبنا في كل منطقة نمر بها والعجيب أننا لم نر سيولاً كما رأينا في جدة، فقد كانت تمطر على رؤوسنا وأرجلنا تمشي على أرض جافة!! فإذا كانت بلدا فقيرة مثل سيريلانكا لم تجرفها السيول رغم شدة أمطارها واستمرارها، فما بالنا ونحن نعد من الدول الغنية والصحراوية التي تنتظر المطر بفارغ الصبر كل عام نغرق في شبر ماء!! وفقة: شكر خاص لجريدة المدينة على تفاعلها مع الفاجعة وجودة متابعتها وتغطيتها للأحداث وجرأتها في نقل الحقائق والوقائع.. [email protected]