أفاد خبرٌ حديث، نشره موقع (العربية نت) باعتماد (أيسلندا) لنظام العملِ أربعة أيامٍ أسبوعياً فقط، نتيجة تحقيق تجربته «نجاحاً ساحقاً» خلال الفترة من (2015 إلى 2019)، مما أدى إلى انتقال نحو (86%) من العمّال إلى ساعات عملٍ أقصر لا تتجاوز (35) ساعة أسبوعيًا، دون المساسِ بالأجر الشهري نفسه، مع الحفاظ على الإنتاجية أو تحسّنها في غالبية أماكن العمل.. وفي السّياق نفسه، تقومُ الحكومة الإسبانيةُ حاليًا بمشروعٍ تجريبي لشركات مهتمّة بتطبيق أسبوع عمل مكوّن من (4) أيام عمل فقط أي (32 ساعة) أسبوعياً، مع الأخذ في الاعتبار، أهمّية «عدم خسارة أيّ جزء من الراتب ولا عدد الوظائف».. كما تتردّد أخبارٌ بأن (اليابان) بدأت بالسّماح لنظام العملِ (4) أيام أسبوعياً لتجربةِ منافعه الإنتاجية والاقتصادية والاجتماعيةِ على الموظفين. وفي عام (2019) أظهرتْ تجربةُ شركة مايكروسوفت اليابان، تقليلها أيام العمل إلى (4) أيام أسبوعياً فقط «دون المساس بالرّاتب»، نتائج مشجّعة، حيث زادت المبيعاتُ بنسبة (40%)، وانخفضَ استهلاك الكهرباء بنسبة (23%)، وقلّت طباعة الأوراق بنسبة (59%)، وازداد الرضا الوظيفي إلى (92%) من الموظّفين، مع تقليلِ طلب الإجازات بنسبة (25%). وبصورةٍ عامّة، فالمنطقُ السليم والتجربة العملية يشيران إلى أنه لا يوجد عملٌ يُمكن إنجازه في (9) ساعات، ولا يمكن إنجازه في (6) ساعات دوام أو أقلّ، كما لا يوجد عملٌ يمكن إنجازه في (5) أيام أسبوعيًا، ولا يمكن إنجازه في (4) أيام أسبوعياً فقط، فضرورةُ الدوام لساعات عملٍ طويلة يوميًّا وأسبوعياً، مجرّد خرافة تاريخية تمّ استغلالها اقتصادياً، على حسابِ الرّفاهية الاجتماعية للأفراد، وازديادِ خطر إصابتهم بالأمراض النفسية والعضوية، مع اختلال توازن حياتهم العمَلية والشخصية. يقول فيلسوف السّعادة والأخلاق والمنطق، وأستاذ الرياضيات، أكبرُ فلاسفة القرن العشرين (برتراند راسل): «إنّ العالمَ الحديث يُصيبه الكثير من الأذى نتيجة الاعتقاد بفضيلة العمل، بينما أرى السبيل إلى السّعادة والرّفاهية ينحصرُ في الإقلال المنظّم للعمل، ولو أنّ الكادح في سبيل الرزق عمل مدة (4) ساعات يومياً، لكان هناك ما يكفي كلّ إنسان ولما كانت هناك بطالة»، وهو هنا يُشير إلى الضرّر الكبير الذي يلحقُ بالأفراد جراء التنافسِ المحموم لساعات عمل طويلة غيرِ مُجدية، والإرهاقِ الفظيع، والنّهمِ المُفرط، والأنظمةِ غير الإنسانية للسُّخرة الوظيفية.. وأختمُ بالتشديد على أهميّة النظر في تقليص ساعاتِ العمل الأسبوعية لما لا يزيد عن (30) ساعة أسبوعياً فقط، من دون المساسِ بالرّاتب أو البدلات.