عبارة تدمي القلوب، تدق لها المساجد حزنًا وألمًا، تبكي روادها ومحبيها، تعتصر ألمًا لبعاد مرابطيها من المصلين وحلقات الذكر وحفاظ القرآن الكريم.. شعر المصلون بانقباض وحزن شديد في صدورهم، وتغالبهم الدموع، فلم يتوقعوا يومًا أن يسمعوا قول «صلوا في بيوتكم»، داعين وآملين من الله عز وجل أن يرفع الغمة ويدفع عن المسلمين وعن البشرية هذا الوباء. فمع جائحة وباء كورونا والمؤذنون يكررون في كل أذان ولكل صلاة عبارة مبكية «صلوا في بيوتكم»، لنردد بعدها عبارة «لا حول ولا قوة الا بالله»، لأن دين الإسلام الحنيف يحرص على النفس البشرية، بأخذ الحيطة والحذر واتباع التعليمات بالعزلة وعدم الانتقال إلى الأماكن العامة وان كانت دور عبادة، وإيقاف صلاة الجماعة التي هي من أجل القربات.. والبقاء في أماكننا أمر ملح أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الاختلاط والحد من نقل الوباء، فدلت الأحاديث النبوية على وجوب الاحتراز في حال انتشار المرض كقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يُورِد ممرض على مصح». والدروس من «صلوا في بيوتكم» بعد كشف الغمة وفرج الكرب «بمشيئة الله»، أن يستديم العباد على نهج الطاعة والاستقامة، واتباع صلاة الجماعة في المساجد التي هي من أفضل الطاعات التي يتقرّبون بها إلى الله.. فيعجب الله عز وجل لمن يداوم على صلاة الجماعة، لحديث النبيّ عليه الصلاة والسلام: «إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ليعجبُ منَ الصَّلاةِ في الجميعِ». فاجتماع المصلين في نفس الوقت والمكان اقتداءً بنبيهم عليه الصلاة والسلام يؤلّف بين قلوبهم ويُعزّز الإحسان بينهم.. ويرفع الله للعبد المسلم الدرجات ويحطّ عنه السيّئات ويغفر الله له الذنوب بكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، فهي من الأسباب التي تُحقّق له السعادة في الدنيا والآخرة. إن سلامة العقيدة تلزم العبد المسلم تعليق كل حركات الوجود وسكناته بالله، فمعتقده أن «كورونا» داء عضال ظهر بحكم الله وسيعدم بقدرته، يكون سببًا موجبًا للتذكير به والرجوع إلى بابه «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ»، فرجوع الناس إلى الله في الضراء من سلامة دينهم، فرب ضر أوجب توبة وإنابة «فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون»، شرط أن يلزم التائب باب الله بعد رفع هذا الداء واجابة «حي على الصلاة، حي على الفلاح»، وليس تدينا سريعًا وانما ذكرى بعد غفلة.