أفتى المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري بجواز الاعتكاف في الموطن المخصص للصلاة في المنزل قياسا على إجازة ذلك للمرأة من قبل طائفة من أهل العلم , وحذر من الاجتماع لأداء صلاة التراويح في بيوت الجيران أو الأقارب , مؤكدا أن اعتزال كل واحد في منزله وأدائه الصلاة فيه هو خير وأحب إلى الله جل وعلا , وقد ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم أنه في زمن الطاعون لما تفرقوا لم يكن عندهم صلاة جماعة. جاء ذلك خلال اللقاء الافتراضي الذي نظمته هيئة تطوير المدينةالمنورة وأداره يحيى الحجيري بعنوان : " شهر رمضان المبارك وجائحة فيروس كورونا " حيث تحدث في مستهله عن تأكيد مبدأ السمع والطاعة لولي الأمر , والثناء والشكر على أصحاب هذه الولاية مستدلا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا يشكر الله من لا يشكر الناس " , مؤكدا على التقرب إلى الله بمحبتهم , وفي الحديث : " خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم " , كما تناول أهمية الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الوباء , منوها بالجهود التي تقوم بها الدولة لاحتواء تفشي الجائحة , والقرارات الإنسانية والأموال الطائلة التي تبذلها. وحذر د. الشثري من الشائعات , وقال : هناك من يرجف وينشر الشائعات فتارة يخوف الناس من نقص السلع الغذائية , ومرة يضعف نفوسهم , وهذا مخالف للشرع فنقل الإشاعات محرم , قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " , وفي نقلها مناقضة لمقصد الشارع من زراعة الطمأنينة في قلوب الخلق. وقال : الإجراءات المتخذة إنما اتخذت على موافقة الشرع , وبناء على تحقيق مقاصد الدين وعلى المسلم أن يتقرب إلى الله عز وجل بالالتزام بها , وعليه أن يرضى بها , وأن يعرف أنها لم تتخذ إلا من أجل مصلحته فيوقن بذلك , ويثني على من أمر بها لا يكون ممن يتسخط منها. وأضاف : إن ترك صلاة الجمعة والجماعة في المساجد جاء احترازا من انتشار الوباء فمن باب أولى ما يتعلق بصلاة التراويح التي هي نافلة وليست من الواجبات , والنبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه كان يصلي أكثر الصلاة في بيته وبالتالي فإن الاقتداء به أولى , أما بالنسبة لعبادة الاعتكاف فإن طائفة من أهل العلم قالوا : إذا كان هناك مكان مخصص للصلاة في المسكن فإنه لا بأس بأن يكون الاعتكاف فيه , وبعضهم قال : أن الاعتكاف يجوز للمرأة في زاوية من بيتها اتخذته موطنا للصلاة , وإذا كان الناس في وقتنا الحاضر يماثلون هذه المرأة فإنه حينئذ لا يبعد أن يقال أنه لا بأس أن يعتكف المسلم في موطن أدائه للصلاة في بيته. وحول إفطار الصائم قال : ليس ذلك مما تختص به المساجد , وكون المسلم يعطي الصدقة لجمعية خيرية تقوم بإيصال الطعام والإفطار إلى المسكين في بيته فهو أهنأ له , يشاركه فيها من كان ساكنا معه , وأوصي بتفقد أحوال المحتاجين وإرسال الطعام لهم. وعن الصلاة على الميت خلال الجائحة , قال : صلاة الجنازة من فروض الكفايات فإذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين , ولا يلزم أن تكون جماعة , فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات صلى الناس عليه فرادى , فذهاب أهل الميت إلى المقبرة وصلاتهم فرادى أو جماعة عليه فالأمر في ذلك واسع , فإذا كانت الإجراءات تلزم التباعد فإنه يصلى عليه فرادى , فيجتنبون بذلك المحذور وهو الاجتماع , وإذا كان الإجراءات تمنع التنقلات وكان التنقل صعبا عليهم فإنه يصلى عليه في البيوت , وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على بعضهم صلاة الغائب , فلا بأس أن تصلى صلاة الجنازة على الغائب متى كان هناك تشديد في التنقلات فيصلي عليه ثلة من أقاربه في المقبرة والبقية يصلون عليه صلاة الغائب في بيوتاتهم.