انقسام أميركي حاد حول سياسات ترمب وأثرها على الحكومة    تصرف كريم بنزيمة مع جماهير الاتحاد بعد لقاء القادسية    الخلود يعمق أزمات الفتح في دوري روشن    الاتحاد يتعادل مع القادسية في الوقت القاتل من دوري روشن للمحترفين    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على الرياض    تقارير.. عرض كبير من دوري روشن لضم ابراهيم دياز    انطلاق منافسات بطولة الاتحاد السعودي للرياضة الجامعية للكرة الطائرة    رئيس محكمة استئناف جازان وقائد حرس الحدود بالمنطقة يزوران أسرة الخرد    مسؤول فلبيني يشيد بجهود المملكة في إرساء التعايش السلمي بين شعوب العالم    «الغذاء والدواء» : فوائد الكمّون لا تُغني عن الاستشارة الطبية    زيلينسكي: سأزور السعودية الاثنين المقبل للقاء ولي العهد    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس جمهورية زامبيا    قطر تستضيف كأس العرب FIFA.. وكأس العالم تحت 17 عامًا 2025    مسجد الرحمة بجدة.. أول مسجد في العالم يُبنى على سطح البحر    رئيس غرفة تبوك يدشن فعاليات ديوانية الغرفة    أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لاعمال فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة    العبدالقادر للرابعة عشر    دوري مجنون.. ومقترح أفضل لاعب محلي في كل جولة    النعاس أثناء القيادة.. مشكلة شائعة ومضاعفاتها خطيرة    «القطاع غير الربحي» يخترق سقف ال100 مليار ريال في المساهمة الاقتصادية    تقنيات متطورة لخدمة ضيوف الرحمن    الإبل.. سيدة الصحراء ونموذج للصبر    محافظ أبو عريش يدشن مبادرة "صم بصحة" لتعزيز الوعي الصحي في رمضان    تعليم جازان يطلق جائزة الأداء التعليمي والإداري المتميز "متوهجون" في دورتها الثانية    استشهاد فلسطيني في غزة واعتقال 30 بالضفة    هطول أمطار في 8 مناطق والقصيم الأعلى كمية    الذهب ينخفض مع تعافي الدولار من أدني مستوى وارتفاع عائدات سندات الخزانة    أبرز ثلاثة علماء رياضيات عرب لا يزال العلم الحديث يذكرهم حتى اليوم    وزارة التعليم و"موهبة".. تعلنان عن اكتشاف 29 ألف موهوب في المملكة    انطلاق مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في نسخته الثانية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين    هجوم إسرائيلي على فيلم وثائقي فاز بجائزة الأوسكار صنعه فلسطينيون و اسرائيليين    سمو أمير منطقة تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى احمد الحجيلي    الاحتلال يقضم أراضي الضفة.. وفلسطين تطالب بتدخل دولي    ابنها الحقيقي ظهر بمسلسل رمضاني.. فنانة تفاجئ جمهورها    تفاصيل مهرجان أفلام السعودية ب"غبقة الإعلاميين"    أفراح البراهيم والعايش بزفاف محمد    حرم فؤاد الطويل في ذمة الله    نائب أمير منطقة مكة يشارك الجهات و رجال الامن طعام الإفطار ‏في المسجد الحرام    همزة الوصل بين مختلف الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن.. مركز عمليات المسجد الحرام.. عين الأمن والتنظيم في رمضان    الأسمري ينال الدكتوراه    تحفيز المستثمرين وفرص العمل والابتكار..الفالح: «تسويق الاستثمار» سيعزز الاستدامة والازدهار    السياحة ترصد 6 آلاف مخالفة في مراكز الضيافة بمكة والمدينة    تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية    طبيبة تستخرج هاتفًا من معدة سجين    أمين الجامعة العربية: السلام خيار العرب الإستراتيجي    14 تقنية مبتكرة في البيئات الصناعية بالسعودية    مشروع "ورث مصحفًا" يستهدف ضيوف الرحمن بمكة بثمان وعشرين لغة    أمير حائل يشهد حفل تكريم الفائزين بمسابقة جزاع بن محمد الرضيمان    ترمب وكارتلات المخدرات المكسيكية في معركة طويلة الأمد    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    الصين تصعّد سباق التسلح لمواجهة التفوق الأمريكي في آسيا    محافظ جدة يُشارك أبناءَه الأيتام مأدبة الإفطار    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    التسامح.. سمة سعودية !    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد العوفي يطلق «البلبل الأسير» ورفيقه

وقف الشاعر السعودي سعد سعيد العوفي جلّ تجربته الشعريّة في دواوينه الثلاثة: ملاحم الشّرف (1405ه) وبيد أخي قتلت (1407) وبركان الغضب (1409ه) على عذابات الإنسان المعاصر وجراحاته في أصقاع المعمورة، إذ وقف طويلًا أمام القضيّة الفلسطينيّة (قضيّة المسلمين الأولى)، ثمّ أحداث لبنان المؤسفة، مرورًا بمآسي المسلمين في بورما وأريتريا وأفغانستان وجنوب السّودان، وامتدّ الشّاعر بقلبه ولسانه إلى قضايا إنسانيّة عالميّة أخرى كالتّمييز العنصريّ في جنوب أفريقيا، وحروب فيتنام والفلبّين وغيرها.
وكان الشاعر يتناول هذه القضايا بقلب نازف، وأحرف ملتهبة، ولغة قاسية، ورؤى متشائمة؛ متعجّبًا من تناقضات إنسان اليوم ؛ بين الدّعاوى المنمّقة والواقع الأليم.
وظلّ قراء الشاعر العوفي ومحبوه في انتظار أن يجود بنشر الجانب الآخر من تجربته: الذاتي، والاجتماعي، واليومي، فكان يتلكّأ ويسوّف، حتى سمح -أخيرًا- بالإفراج عن تلك الأشعار -التي يراها لا تمثّل همّه الأوّل- فكان أن صدر له ديوانان في آن معًا -هذا العام 1440ه- وهما «البلبل الأسير» و»على مدارج الزمن».
وأوّل ما يلفت النّظر في هذين الديوانين هو عنونتهما بما يوحي بإحساس الشاعر بثقل الزمن وطول العمر، فالشاعر -أطال الله بقاءه- قد أربى على التسعين؛ مع صدور ديوانيه هذين.
وعند النظر في نصوص الديوانين، وتأمّلها؛ لا يظهر أن الشاعر رتّبها فيهما ترتيبًا دالًا، لا زمانيًّا، ولا موضوعيًا.
أقدم نصّ يواجهنا في هذين الديوانين كتبه الشاعر سنة (1363ه) عندما كان عمره قرابة العشرين؛ بعنوان «وداعًا أمّي» وأمّه هذه (دار الأيتام) وهي مدرسة أهليّة أنشأها أحد المحسنين الهنود بالمدينة المنورة؛ تعلّم فيها الشاعر العلم والعمل، وبعد تخرّجه فيها عيّن معلّمًا في منطقة جازان، فقال مودّعًا:
أمّاه يا من حقّقت أحلامي
ومحا حنانك قسوة الأيّام
ونشلتني من وهدة البؤس الذي
نهشت ضراوتها نخاع عظامي
إلى أن يقول:
ولك السلام -أمّاه- إني راحل
في لجّة المجهول من أيّامي !
وأحدث نصّ كتبه الشاعر كان في سنة (1434ه) في تهنئة إحدى حفيداته بزواجها بعنوان «زفاف رزان».
وبين هذين النصين أو العامين نثر الشاعر نصوصًا متعدّدة الموضوعات والمواقف: في رحلاته وتنقلاته للعمل في مدن شتّى من المملكة، وفي آلامه وآماله، وفي علاقاته اليوميّة مع الناس.
وكان لأولاده وأحفاده نصيب كبير من نصوصه الشعريّة: مداعبًا، وناصحًا، ومهنّئًا، ومحفّزًا إياهم لطلب العلم والمعالي.
ومن طريف تلك النّصوص قصيدة بعنوان (الأسماء) يحدّث فيها الشاعر أربعة من أحفاده كلّ منهم سُمّي باسم جدّه (سعد) فأخذ يحاورهم ويوصيهم بالعلم والعمل من أجل أمّتهم:
يا سعد، يا سعد، ويا سعد احذروا
أن تسلكوا مضمار سعد الشاعر
أحفادي الأبرار.. إنّ وصيّتي
أن تنهجوا نهجًا يخالف حاضري
وكان للشاعر تجربة طويلة مع الإبصار والعمى: العمليّات التي أجراها، مخاوفه منها، تناقص بصره شيئًا فشيئًا، حتى إذا فقد القدرة على القراءة -وما أقسى تلك اللحظة- ودّع كتبه وصحفه، ولم يبق له إلاّ المذياع سميرًا وأنيسًا:
أمس ودعتُ -يا صديقي- كتابي
وانطوى عهده الحبيب بياس
قد هجرتُ الكتاب وهو وفيّ
باسم الروض.. إنّما الدهر قاسي
وكان للشاعر تجربة أخرى أقسى وأشد مرارة مع الموت والفقد؛ فقد رزئ الشاعر بموت طائفة من أحبابه (منهم اثنان من أبنائه وثلاثة من أحفاده) !
قال من قصيدة بعنوان «دمعة على شقيقي الأكبر رحمه الله-»:
وددتُ لو أنّ داعيكم دعاني
فبعدكم انتهت بيض الأماني
وكنتَ أبي.. وكنت النّاسَ طرًّا
ودرعي كلمّا خطب رماني
وإثر حادث مروري فاجع فقد الشاعر أحد أصهاره تاركًا وراءه ثلاثة أطفال صغار، كان أكبرهم في الرابعة، وكان هذا الصغير يحسّ بفقد أبيه، وينتظر عودته في كلّ آن ! فقال الشاعر مصوّرًا هذا الموقف:
يا من رحلت عن الوجودْ
فأنت في غيبة الأبدْ
غياب ليس له حدود
وأمر مولاك لا يُرد
ومن قصيدة (عديل الروح) يخاطب الشاعر حفيده الصغير الراحل بهذا الشجن:
عديل الروح عجّلت الرحيلا
وما عايشتنا إلاّ قليلا
وكنت لكلّ ذي قربى ضياءً
يضيء لكلّ مكرمة سبيلا
وللشاعر شغف شديد بالمكان، ترى ذلك في نصوص كثيرة تحدّث فيها عن مسقط رأسه، عن مدرسته الأولى،، عن جبال الحجاز، عن المدن الكثيرة التي عاش فيها. يقول شاعرنا من قصيدة بعنوان (قلت للأرض):
قلت للأرض كلامًا
عن شجوني ذات مرّهْ
فأجابتني بصمتٍ
مطبق أفهمت سرّهْ
ومن وراء تلك النصّوص تتسلّل نصوص أخرى تحمل قضيّة الشاعر الأولى وأمثولته الشعريّة الكبرى؛ أعني هموم الإنسان المعاصر، وشراسته ضدّ أخيه الإنسان!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.