إحدى الأسس التي بنيت عليها رؤية 2030 السعودية كانت الثقافة والترفيه، فهما من مقومات جودة الحياة، وما كان متوفرًا من فرص ثقافية وترفيهية لا ترقى إلى تطلعات المواطنين والمقيمين ولا تتواءم مع وضع ومكانة المملكة ولذلك سعت حكومة خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- لدعم الجهود المختلفة لتفعيل دور الثقافة والترفيه في المجتمع وذلك في كافة المناطق والمحافظات من خلال إقامة المهرجانات والفعاليات وتأسيس وتطوير المراكز الترفيهية وتشجيع الاستثمار من الداخل والخارج في هذه المجالات وعقد الشراكات مع الشركات العالمية المتخصصة لإقامة مشروعات ثقافية وترفيهية كالمكتبات والمتاحف ودعم الموهوبين من الكُتاب والمؤلفين والمخرجين وإيجاد خيارات ثقافية وترفيهية تتناسب مع كافة الأذواق والفئات. كما قامت الدولة في هذا الصدد بتأسيس هيئة للترفيه قبل عدة سنوات في حين قامت مؤخرًا بالإعلان عن فصل الثقافة عن الإعلام وتأسيس وزارة مختصة بالثقافة وتعيين سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزيرًا لها، وقد جاء هذا القرار ليلبي رغبات العديد من المثقفين والأدباء والمهتمين بالجانب الثقافي والذين طالبوا بوجود وزارة للثقافة مختصة، فوجود مثل هذه الوزارة هي إحدى تقاليد وأعراف الدول المتقدمة وهي لا تقتصر على الثقافة التقليدية بل تشمل كافة أنواع الثقافة القديمة والمعاصرة مثل التأليف والتصوير والرسم والنحت وغيرها من الفنون المختلفة، فالثقافة محيط واسع لم يحظ كثير من أبناء هذا الوطن باستكشافه بعد ولعل وجود هذه الوزارة يساعد في ذلك. تأسيس وزارة الثقافة لم يلبِّ تطلعات المثقفين والمبدعين والموهوبين في المجال الثقافي فقط بل ساهم في توفير قاعدة أساسية ملحة تطلبها المرحلة التي نعيشها اليوم كما تطلبها رؤية 2030 وستساهم في حجز موقع للوطن بين ثقافات العالم المختلفة، فالمجتمع متعطش اليوم لانطلاقة ثقافية فكرية تساهم في تطوير الخطاب الثقافي وتوضح معالمه التي يتقاسمها اليوم عدد من الجهات المختلفة كوزارة الإعلام والهيئة العامة للثقافة والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وهيئة الترفيه وغيرها من الجهات التي يتداخل موضوع (الثقافة) مع أنشطتها وبرامجها المختلفة. الوزارة الجديدة هي قوة ناعمة في غاية الأهمية ويقع على عاتقها إيجاد نقلة نوعية للمستوى الثقافي في الوطن، خصوصًا فيما يتعلق بمعارض الكتاب الدولية وتأسيس المتاحف وحماية المواقع التاريخية والأثرية والتراثية والتعريف بها وتسجيلها في القوائم الدولية وفي مقدمتها (اليونسكو)، إضافة إلى الاهتمام بالجوانب الثقافية والفنية الأخرى كالمسرح والأندية الأدبية وغيره من البرامج والمبادرات الثقافية الأخرى والتي تعزز الجانب الثقافي لدى شباب وشابات الوطن وتحفزهم لتقديم المزيد من الإبداعات الثقافية وترسخ لديهم الهوية الثقافية؛ ليكون لدينا جيلا مثقفًا يقود المرحلة المقبلة لمزيد من النجاحات والإنجازات.