طبع الإنسان منذ القدم على حب الترويح عن النفس، وذلك بالبحث عن مكان جميل يجد فيه الراحة والاستجمام ويجد به العديد من الفعاليات الممتعة، ليرفه عن نفسه وليبتعد عن ضغوطات الحياة ومنغصاتها، ليمنح نفسه بعدها طاقة وحيوية تجعله يقدم على إنجاز عمله بهمة ونشاط، وبالنظر إلى تاريخ الترفيه نجد أنه موجود في كافة الحضارات السابقة، وذلك بحسب إمكاناتها، وفي الماضي القريب عرف أجدادنا سبيلهم إلى الترفيه وإن كان في أوقات معينة من السنة، وذلك نظراً لقسوة حياة الأمس وشظف العيش التي تتطلب الجد والمثابرة ودوام العمل الشاق دن توقف من أجل تأمين لقمة العيش، فالجميع كان يأخذ حقه من الترفيه في أيام الأعياد مثلاً حيث يقضون أيامه في لعب وسرور ف"العرضة" للرجال كانت متنفساً لهم برقصاتها المصاحبة بالسيوف، وكذلك "السامري" الذي تتمايل معه الأجساد طرباً، و"الرديات" بين الشعراء الذين يمتعون مستمعيهم من الجمهور الذي يحضرها، وغيرها من الفعاليات على بساطتها، كما كان لطلعات البر دور مهم في التنفيس عن البعض وتغيير الأجواء، وللنساء والأطفال أيضاً نصيبهم من اللهو البريء والترفيه، ومن أوقات الترفيه أيضاً حفلات الزفاف على بساطتها، وبعد أن تغير الحال وتحسنت الحالة الاقتصادية بدأ الناس يعرفون الترفيه طوال أيام العام، وأول ما عرفوا من أنواع الترفيه "الملاهي" وهي مدن الألعاب التي بدأت تنتشر بالمدن الكبرى، ويغلب عليها لعب الأطفال، وكانت في بداياتها مخصصة لفئة الشباب وصغار السن فقط، وقد يخصص يوم أو يومان للنساء بصحبة الأطفال، ومن ثم توالت فعاليات الترفيه ولكنها كانت غير منظمة. وفي عصرنا الحاضر ولما للترفيه من أهمية فقد زاد الاهتمام به ومن أجل ذلك أنشئت هيئة عامة للترفيه تتولى توفير الخيارات والفرص الترفيهية لكافة شرائح المجتمع في كل مناطق المملكة، لإثراء الحياة ورسم البهجة، ولتقوم على تحفيز دور القطاع الخاص في بناء وتنمية نشاطات الترفيه، وتعد الثقافة والترفيه من مقومات جودة الحياة، لذلك تقوم هيئة الترفيه بدعم جهود المناطق والمحافظات والقطاعين غير الربحي والخاص في إقامة المهرجانات والفعاليات، كما أنها تفعّل دور الصناديق الحكومية في المساهمة في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية ليتمكن المواطنون والمقيمون من استثمار ما لديهم من طاقات ومواهب، كذلك تشجع المستثمرين من الداخل والخارج، وتعقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وتخصص أيضاً الأراضي المناسبة لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف وفنون وغيرها، إضافةً إلى أنها تدعم الموهوبين من الكتّاب والمؤلفين والمخرجين، وتعمل على دعم إيجاد خيارات ثقافية وترفيهية متنوّعة تتناسب مع الأذواق والفئات كافة، ولن يقتصر دور هذه المشروعات على الجانب الثقافي والترفيهي، بل ستلعب دوراً اقتصادياً مهمّاً من خلال توفير العديد من فرص العمل، وتعتبر الهيئة العامة للترفيه من أنجح خطط ومشاريع رؤية المملكة 2030 على أرض الواقع، إذ استطاعت إحداث تغيير إيجابي سريع في مجتمعنا، وساهمت وتساهم بإعادة المليارات من الأموال المهاجرة كل عام في كل إجازة. ترفيه الزوار مدينة الملاهي أو المدينة الترفيهية هي منطقة غرضها ترفيه الزوار بأعداد كبيرة، تجذب السياح من خلال ألعاب ومركبات متنوعة ومنشآت أكثر تعقيداً، توفر عوامل جذب، وعادةً ما تهدف إلى تلبية احتياجات الأطفال المراهقين والبالغين، ويختلف المتنزه العادي عن مدينة الملاهي، فأراضيها متفرعة ومكرسة لتحكي قصة خاصة في الغالب هي ضرب من الخيال، وتتميز هذه الأراضي من حيث الفكرة التي تخدمها البيئة الغامرة بالعناصر المختلفة أنها تخلق جواً أسطورياً لمن يراها، حيث تم تسخير كل شيء ليخدم هذا الغرض، فالهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية والمخازن والمركبات وحتى المواد الغذائية التي تدعم هذا الموضوع المحدد، وافتتحت أقدم مدينة ملاهي في العالم عام 1583م شمال "كوبنهاغن" بالدنمارك، أما في بلادنا فقد تم إنشاء أول مدينة ألعاب على مستوى المملكة في الرياض وهي "ملاهي الحكير" والتي أقيمت بحي الربوة عام 1400ه تحت مسمى "مدينة ألعاب الرياض"، وقد شكل افتتاحها نقلة نوعية في صناعة الترفيه، إذ كانت ولعدة سنين مصدر جذب سياحي لسكان العاصمة الرياض وزوارها، خاصةً في المناسبات كالأعياد والإجازات كإجازة الربيع والإجازة الصيفية، حيث تكتظ بالزوار من مختلف مناطق المملكة بجميع الفئات العمرية، وقد كانت في البداية تفتح أبوابها للشباب والأطفال وتخصص يوم أو يومين للنساء برفقة أطفالهن، ومن ثم بات الدخول للعائلات، ولازال صدى ذكراها عالقاً في الأذهان لدى جيل الأمس صغاراً وكباراً، وبعد فترة من الزمن توسعت الشركة في افتتاح فروع لها في مختلف مناطق المملكة، كما تم إنشاء العديد من مدن الألعاب الترفيهية لعدد من الشركات التي باتت تتنافس في هذا المجال نظراً لتهافت الناس على الترفيه، وباتت الأسواق و"المولات" تخصص جزءاً كبيراً من مساحاتها لغرض إقامة مدن مصغرة للألعاب، وصارت هذه المدن الترفيهية المصغرة مخصصة للعائلات، حيث يستطيع الطفل اللعب في ظل وجود والديه إلى جنبه، مما يشعره بالأمان ويحقق الترفيه المنشود له ولأسرته. توفير تسلية ويعرّف الترفيه بأنه أي نشاط يقوم بتوفير تسلية أو يسمح للأشخاص بتسلية أنفسهم في أوقات الفراغ، وعادةً ما تكون التسلية كما هو الحال في مشاهدة الأفلام أو المسرحيات أو الأنشطة التي تنطوي على المشاركة في الألعاب أو الرياضة، والتي تعتبر في أكثر الأحيان ترفيه، وتسمى الصناعة التي تعمل على توفير الترفيه بصناعة الترفيه، وهناك العديد من أشكال الترفيه التي ترضي الأذواق الخاصة، فعلى سبيل المثال هناك السينما، المسرح، الرياضة، الألعاب، التي ترضي فئات مختلفة من الناس، ويمكن تقسيمها أيضاً إلى مجموعات على أساس عمر الأشخاص المهتمين، مثل ترفيه الأطفال أو ترفيه الكبار على سبيل المثال الدمى، المهرجين، فن التمثيل الإيمائي والكرتون، كلها أنشطة تستهدف الأطفال، ومع ذلك فيمكن إيجادها ممتعة للبالغين أيضاً، وقد اهتمت الكثير من الدول بالترفيه منذ القدم وزاد الاهتمام في العصر الحاضر، حيث تولي الدول دعمها لصناعة الترفيه، حيث بات ضرورة ومصدر دخل وجذب سياحي. رعاية تامة وفي بلادنا اهتمت الدولة بالترفيه وأولته رعاية تامة وقد كانت أنشطة الترفيه موزعة على العديد من القطاعات الحكومية من الوزارات والهيئات مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، من خلال تقديم الأنشطة من خلال الأندية وبيوت الشباب، ووزارة الإعلام من خلال السهرات التلفزيونية والبرامج التي تحظى بحضور جماهيري كبير ويتم نقلها مباشرة أو عن طريق التسجيل ومن ثم البث، وكذلك برامج وأنشطة وزارة المعارف سابقاً، وفي العصر الحاضر فقد تم توحيد الجهود بتأسيس الهيئة العامة للترفيه التي تم إنشاؤها في 30 رجب 1437ه، وتُعنى بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه تماشياً مع رؤية المملكة 2030، وتقوم على تنظيم وتنمية قطاع الترفيه في المملكة وتوفير الخيارات والفرص الترفيهية لكافة شرائح المجتمع في كل مناطق المملكة، لإثراء الحياة ورسم البهجة، ولتقوم على تحفيز دور القطاع الخاص في بناء وتنمية نشاطات الترفيه، وكان قرار إنشاء الهيئة العامة للترفيه إحدى القرارات الملكية التي تأتي تماشياً مع إعلان المملكة لرؤيتها المستقبلية 2030، لما يمثله قطاع الترفيه من أهميّة كبرى في تنمية الاقتصاد الوطني السعودي، ومنح المدن قدرة تنافسيّة دوليّة، وكان ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في 25 أبريل 2016م قد أشار يوم تدشينه رؤية السعودية 2030 إلى دفع الحكومة لتفعيل دور الصناديق الحكومية المختلفة في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية، وتشجيع المستثمرين من داخل وخارج المملكة، وعقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وتخصيص الأراضي لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف وفنون وغيرها. توسع وتنوع وأكد رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية أحمد الخطيب، في مقابلة تلفزيونية على أن أكثر من (80%) من فعاليات الهيئة في المملكة خلال العام موجهة للعائلات، وأعلن أن خطة 2018م ستشمل حوالي (5500) فعالية، وسيكون التركيز على المحتوى المحلي الخاص بأنشطة الشباب، مع التوسع في الأنشطة العالمية، وفي التنوع فيما يتعلق بالجمهور المستهدف في مختلف المراحل السنية، ملمحاً إلى أن الهيئة أنجزت في عامها الأول 2017م حوالي (2200) فعالية، وذلك بعد إطلاقها عام 2016م، كما قال: لا نركز على الحفلات الغنائية، حيث لم يتجاوز حجمها عام 2017م سوى خمسة في المئة من أنشطة هيئة الترفيه، مشيراً إلى أن الهيئة استجابت لطلبات بعض المنظمين ومنحتهم التصاريح اللازمة، كما تعهد بالاستجابة للرأي العام، وتوسع أنشطة الهيئة قريباً لتشمل كافة مدن المملكة، مبيناً أن الهيئة أقامت فعاليات في (55) مدينة مقارنة ب(25) مدينة عام 2017م، وكشف الخطيب عن تأسيس حوالي (500) شركة متخصصة في صناعة الترفيه خلال العام الأول من عمر الهيئة، كما توفرت (22) ألف فرصة عمل، إضافةً إلى أن الهيئة تركز حالياً على تشييد البنية الأساسية لصناعة الترفيه مثل الحدائق الكبيرة ومدن الملاهي وغيرها. نموذج عالمي وضمن اهتمام بلادنا بالترفيه فقد خطت خطوات جبارة نحو صناعة ترفيه عالمية، ففي إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 بتحول المملكة إلى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، حيث كانت البداية بمشروع "نيوم" الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة -حفظه الله-، وهو مشروع ضخم وعملاق حيث إن منطقة "نيوم" ستركز على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، ومستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، وكذلك مستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات. مشروع القدية ولعل آخر ما تم في مجال الاستثمار والترفيه حسب رؤية 2030 هو وضع حجر الأساس لمشروع "القدية" الذي سينافس الوجهات السياحية العالمية بأكبر مدينة ترفيهية في العالم وهو الوجهة الترفيهية والرياضية والثقافية الجديدة في المملكة، والذي دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مؤخراً بحضور سمو ولي العهد، وهو مشروع استثماري ترفيهي ضخم سيقام بمنطقة "القدية" -جنوب غرب العاصمة الرياض- بمساحة تبلغ (334) كيلومتر مربع، ومن المتوقع أن تنتهي المرحلة الأولى من المشروع بحلول عام 2020م، ويضم المشروع أربع قطاعات رئيسية هي: الترفيه، رياضة السيارات، الرياضة، الإسكان والضيافة، وسيضم أشهر المطاعم والماركات العالمية للاستمتاع بأجمل أوقات التسوق، وكذلك عالم من المغامرات، ويحوي المشروع منطقة سفاري كبيرة، إلى جانب منتجعات سياحية، والكثير من مساحات الألعاب الترفيهية، مع توافر أنشطة المغامرات المائية والمغامرات في الهواء الطلق، ومساحات للقيام برحلات برية ممتعة، إضافةً إلى تخصيص أنشطة وفعاليات لرياضة السيارات ومحبي سيارات "الأوتودروم" من خلال إقامة فعاليات ممتعة لرياضة السيارات طوال العام ، كما يضم المشروع الكثير من المشروعات المعمارية الضخمة والفنادق الفاخرة بمواصفات عالمية، مما سيضع المشروع الأضخم من نوعه المملكة على خريطة الوجهات السياحية الرائعة عالمياً وعربياً. جيل الأمس رفّه عن نفسه بما توافر لديه من مقومات مدينة ألعاب الرياض شكلت نقلة نوعية في صناعة الترفيه جيل الأمس استمتع بالسامري في الماضي كان لطلعات البر أهمية في الترفيه الهيئة العامة للترفيه أوجدت عدة فعاليات متنوعة المدن الترفيهية انتشرت في الأسواق و«المولات» الكبيرة Your browser does not support the video tag.