يعيش العالم فترة من أشد الفترات التاريخية توجسًا، خِيفة نشوب حروب نووية وشيكة بسبب تناحر الدول «العظمى» على ما تُسمِّيه «مصالحها»، مع غياب شبه كامل لقِيَم العدالة والإنصاف على الساحة العالمية، مع دور سلبي واضح لمنظمة الأممالمتحدة ومجلس أمنها الجائر، مما تمخَّض عنه ممارسات الإرهاب العالمي، وكذلك لغياب القيادات الحكيمة في عدد من الدول المعروفة بدول النادي النووي. حروب ذرية متوقعة ستأكل الأخضر واليابس، وتُدمِّر المدنية الحديثة، وقد تعود بالبشرية إلى مربع الصفر من جديد. لقد وصل العالم إلى هذا الحضيض الأمني بسبب التصعيد السياسي والكلامي بين عدد من دول النادي النووي، وعلى رأي المثل العربي: ما أشبه الليلة بالبارحة، فالعالم يعيش أجواء عشية الحرب العالمية الثانية، غير أنها حرب نووية هبَّت هبوبها ودقَّت طبولها. فالولاياتالمتحدةالأمريكية برئاسة دونالد ترمب يريد أن يُعاقب الرئيس الكوري الشمالي، والأخير يكاد أن يستجر نظيره الأمريكي إلى حرب نووية، ويتوهَّم أن بلاده لن تخرج من عزلتها العالمية التي فرضتها عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية، والمضروبة عليها منذ 65 سنة، كلها كانت عجافًا، عقب الحرب الكورية في شبه الجزيرة الكورية عام 1950م، والتي لم تنتهِ رسميًا حتى اللحظة، ناهيك عن أن شخصية الرئيس الكوري الشمالي متقلِّبة وغير مستقرة، وبطشه بشعبه شديد، وقد سبق لهذه الزاوية الإشارة إلى قتله عمّه الذي حاول الانقلاب عليه بقذيفة مضادة للمصفحات، وعن كثب، فلا يكاد أن يكون بين قراراته والجنون سوى شعرة، فلا يستغرب منه أي عمل طائش. ليس غريبًا أن يتدهور الوضع بين الطرفين -أمريكا وأحلافها من جهة، وعدوتها الشمالية وأحلافها- إلى حربٍ ضروس، وبذلك يكون العالم قد تجاوز فرضية توازن الردع النووي الذي ساد العالم لعقودٍ طويلة، وبالتحديد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. عودًا على بدء عن القنبلتين الذرية والهيدروجينية، وكما هو مشهور، فإن القنبلة الذرية التقليدية كمثل تلك التي استخدمت في نهاية الحرب العالمية الثانية في 6 و9 أغسطس عام 1945م والتي أنهت حياة مئات الآلاف من اليابانيين في لمح البصر، وولَّد ذلك الانفجار العنيف لكل من قنبلتي هيروشيما ونجازاكي ما يُعادل تفجير 17.000 طن من مادة ال»تي إن تي» شديدة الانفجار، من خلال شطر الذرات غير المستقرة إلى شطرين، كمثل ذرات اليورانيوم أو ذرات البولونيوم، والتي تصبح نيوتروناتها حرة، وتنشق بفعل ذلك كل ذرة إلى ذرتين، مصحوبة بإطلاق كمية هائلة من الطاقة الذرية: طاقة صوتية (صوت الانفجار)، طاقة ضغطية (موجات صوتية)، طاقة ضوئية (وميض الانفجار)، طاقة إشعاعية، وطاقة موجات الكترومغناطسية. أما القنبلة الهيدروجينية والتي تبلغ قدرتها التدميرية 1000 ضعف القوة التدميرية لقنبلة هيروشيما ونجازاكي حسب التجارب الأمريكية التي أُجريت في خمسينيات القرن الماضي، فإنها تعمل من خلال دمج نظائر الهيدروجين كالدتيريوم، منتقلة بذلك إلى دمج المادة بدلًا من انشطارها تمامًا، كما يحدث في الشمس، وتمتلك كل من الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا قنابل هيدروجينية. كانت الفلسفة الرائجة لامتلاك السلاح النووي هي تحقيق التوازن النووي. وبتمكن كوريا الشمالية من صنع كل من القنبلتين الذرية والهيدروجينية، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، يكون العالم قد دخل منعطفًا جديدًا، فإما أن تمتلك كثير من الدول كل تلك الأسلحة الفتاكة شراءً من كوريا الشمالية، وإما أن يدخل العالم في سباق تسلُّح وتصنيع للأجيال الجديدة من أسلحة الدمار الشامل، أو أن يدخل مع كوريا الشمالية في حروب نووية مدمرة. خيارات أحلاها مرّ، حفظ الله المسلمين وديار المسلمين من تداعياتها. ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ويأتيك بالإنباء من لم تزود!!