انا ماجيت اعدل منعوج جيت اعوج المعدول واشب النار باطراف القصايد واشهر سيوفي* الشعر عندما يجيء لايجيء منطقيا يساير الأشياء ويسعى لإبقائها على ماهي عليه. هو يأتي لكي يخلخلها، ويبعثرها، وربما يكسرها أيضا، لكنه في الأخير، يلملمها بتلك اليد السحرية، ويعيد صياغتها بشكل وصورة أخرى، فالشعر له صلة وثيقة بكل مايبهج أو يؤلم، هو لغة يتنسك بها القلب، هو علاج للأرواح،متنفس يهزّ فؤاد الشاعر شكلاً ومضمونًا، وقد تتغلب المشاعر لصياغة معاني جديدة وانفعالات شتى تسيطر عليه ليحدث خلخلة وصراعا، تنبثق أطرافهما، خارجة عن المألوف فيمسكهما ويرممهما ويبني عليهما أفقًا جديدًا في مشهد جديد قد يخفي معانيه في بؤرة النص وثيمات النفس وصراعها نحو بلوغ أمكنة وأزمنة مختلفة تستطيع كسر الجمود الرتيب واستدعاء حالة من التماهي يظل فيها الشعر المتسيد مهما كانت المنغصات، فهو بحاجة لمزيد من فكّ الصور المعتادة، فيزيح المعدول ويبدله بالمعوج متوقا للمأمول والحصول عليه، فهو لا يميل للاستنساخ حتى لو كلفه الكثير، من قلق الكتابة وبعثرة الشعور، فما بين الشاعر والكلمة،هناك يقين يراه، يلتحم به ولا يترك مساحة أخرى سوى الشعر، يكتبها قصيدة لا يراها أحد سوى قريحته، ليزيح العادي ويخرق نظامه ويزيده اعوجاجا، ينتهكه ليحدث له خاصية مميزة تظل راسخة، فمجيئة المغاير ضرورة ملحة تثبت خبرته اللغوية وترتفع فيها طاقاته الانفعالية فلا تنفلت منه فرصة التغيّر الإبداعي مهما كانت مجهدة،يظل يبحث عنها بإدراك ليعود الى تمامه،هي فلسفة الشعر التي تخرج كوليد يشقّ بسيفه الأبجدية، فيحدث مخاضًا وخلخلة،وصراعا، تنبثق سيوفه خارج ما اعتدناه، وتفتح أبواب النقصان فيه لإعادة بنائه وتفكيكه وصهره في معمار تخيّلي ولغويّ وحسيّ مكتمل، يدخل معه في لوحة وحوار وبلغة فانتازية كي تنحني له المحابر والمشاعر ويكشف اللغة بمحاسنها ومفاتنها التي قد تغيّر خارطته،يعيد رسمها من جديد في بنية وقوام مختلف بعيدا عن الكلام المصفوف ويشهر معها سيوفه وأخيلته للدرجة التي تجعله يسيطر على منطقه، فيتخطى المألوف، ويأتي بدرّة فريدة يعيد لها، وبها الحياة، يتتبّع إيقاعها ويجمعها من صليل السيوف التي فرضت سيطرتها عليه حسًا ووعيًا كيما يقتحم خلوتها وتخضع له ليتمكن من قيادها، محدثا تلك الصورة الشعرية التي لاترتبط بما يتصوّره الآخرون بل بما يتصوّره الشاعر ويستوعبه، بفكره ومشاعره المتفردة، وان كانت مكوناتها مما هو مألوف ومطروح في طريق الناس فالعبرة في التناول لا في جدّة الفكرة، العبرة في الصياغة لأشياء تعوّدنا ان نراها بشكل روتيني، وتبقى المفارقة الفارقة في (المنعدل والمعوج) حيث الإتساق والمقابلة بين قطبي الحالة وما نتج عنه من بُعد زمني تفاعل معه حتى دبّت الحياة فيه ليرتعش معه الوعي في صورة مؤثرة تعكس عمق الفكرة ورهافة الحس حتى وهو يشهر سيفه يبدو وكأنه يشهر نايه بسريالية، وسط هدير السيوف، وإيقاد النار في تناصٍ شاعري، مع معارك الشعر، نتلمسه ككائن، تمسّ سيوفه أيدينا، وتمس ناره حروفنا وتمس قصائده قلوبنا،تتجسد بمشهد مثير يشعل من الثلج نارًا لمنطقة قلّما يصل إليها شاعر وقلّما يتوغّل في عتماتها ويحرك بسيوفه البيضاء أسبارها، مستدرجًا نارها ليوقد إبداعه، ممزقًا كل البروتوكول' وكأنه يقيس نظرتنا وتلهّفنا للمعة سيوفه،وهي تشقّ اللغة شقًا، في مونتاج محكم تغرد فيه القصيدة مطلقة عنانها في مروج قلبه الأخضر. سعد الحريص