192 نقطة انخفاض للأسهم.. التداولات عند 6.4 مليار ريال    أسعار الذهب تقفز فوق 2,919 دولاراً    «العقار»: 20,342 إعلاناً مخالفاً بالأماكن العامة    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يصل القاهرة للمشاركة في القمة العربية غير العادية    حرس الحدود يحبط محاولات تهريب (116,682) قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر و(537,087) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي و(717) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    فيصل بن فهد بن مقرن يطلع على برامج جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية بحائل    أمير المدينة يكرم الفائزين بجوائز مسابقة "منافس"    "الجميح للطاقة والمياه" توقع اتفاقية نقل مياه مشروع خطوط أنابيب نقل المياه المستقل الجبيل - بريدة    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الدويد بالحدود الشمالية ويحفظ مكانته    هطول أمطار في 6 مناطق.. والمدينة المنورة تسجّل أعلى كمية ب13.2 ملم    القمة العربية الطارئة تعتمد خطة مستقبل غزة    أوكرانيا: مستعدون لتوقيع اتفاق المعادن    أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بشهر رمضان    أمانة المدينة تعزز خدماتها الرمضانية لخدمة الأهالي والزوار    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيًا من الضفة الغربية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعزز أعمالها البيئية بانضمام 66 مفتشًا ومفتشة    1.637 تريليون ريال إيرادات ⁧‫أرامكو بنهاية 2024 بتراجع طفيف مقارنةً ب2023    بالأرقام.. غياب رونالدو أزمة مستمرة في النصر    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    موعد مباراة الأهلي والريان في دوري أبطال آسيا للنخبة    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. أتلتيكو مدريد لإنهاء عقدة الجار.. وأرسنال لتعويض خيبته المحلية    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    منعطف إجباري    وزير الدفاع يبحث مع نائب رئيس الوزراء السلوفاكي علاقات البلدين في المجال الدفاعي    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    ليالي الحاده الرمضانية 2 تنطلق بالشراكة مع القطاع الخاص    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    ياسر جلال ل «عكاظ»: أنا معجب بمقالب شقيقي «رامز»    محمد بن علي زرقان الغامدي.. وجه حي في ذاكرة «عكاظ»    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن وجبة الإفطار في الميدان    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    خديجة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    "حديث السّحر" ماشفت ، ماسويت ، ماقلت ، مدري    لهذا لن تكشف الحقائق الخفية    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    قال «معارض سعودي» قال !    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    النصر يتعادل سلبيا مع الاستقلال في غياب رونالدو    الدوري أهلاوي    التسامح...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غونّار إيكيلوف على خطى ابن عربي
نشر في الحياة يوم 13 - 10 - 2009

يعتبر الشاعر السويدي غونار إيكيلوف (1907-1968) بصفته واحداً من أهم شعراء السويد المعاصرين، وأعمقهم تأثيراً في الأجيال التالية، فهو يمزج في شعره بين الرومانسية والسوريالية والصوفية الشرقية. كان عضواً في الأكاديمية السويدية منذ عام 1958 إلى يوم وفاته. وعلى رغم تأثره الواضح بالشعر العربي والأدب الصوفي وشعر محيي الدين بن عربي، فإنه يوصف بأنه أول شاعر سوريالي سويدي بعد ان أصدر ديوانه الأول «متأخراً على الأرض» عام 1932، لكنه تحول إلى الرومانسية بعد ذلك، ما جلب له الشهرة والمقروئية الواسعة في السويد وخارجها.
بغياب ترجماته عن العربية لسنوات طويلة خسر الشعر العربي المعاصر فرصة التفاعل مع واحد من أهم شعراء البلدان الاسكندنافية وربما، وباعتراف الشاعر البريطاني دبليو. اتش. أودن، خسر واحداً من أهم شعراء الغرب المعاصرين كذلك. فغونّار ايكيلوف، على رغم صعوبة عمله وغموضه وكثرة إحالاته على أساطير وآداب من الشرق والغرب، الا أنه استطاع خلال سنوات الستينات من القرن الماضي أن يحقق شهرة كبيرة خارج بلده السويد بحيث وصلت مبيعات مجموعاته الشعرية في أميركا إلى مئتي الف نسخة.
ومع أن غونّار شديد القرب من المصادر الشرقية والعربية، إلا أن الالتفات إليه في الثقافة العربية لم يتم إلا بصورة عرضية عبر ترجمات نادرة لبعض قصائده. لكن الشاعر الأردني، المقيم في السويد، موسى صرداوي تصدى خلال السنوات الأخيرة لنقل بعض أهم أعمال غونّار ايكيلوف الشعرية إلى العربية، ومن ضمنها ثلاثيته «ديوان» التي تضمنت ثلاثة أجزاء، هي: «ديوان أمير أمجيون»، و «حكاية فاطمة»، و «دليل العالم السفلي».
*
خلال إقامته في باريس اهتم إيكيلوف بالمدارس الحديثة في الفن والأدب: بالمستقبلية والدادائية والسوريالية. واستغرق في كتابة الشعر ما بين عامي 1927 و1931. وعندما عاد إلى ستوكهولم وجد حوله عدداً من الشعراء الشباب كان معظمهم ينشر في مجلة سبيكتروم. وفي تلك الفترة تأسست حركة تجديدية للفن والأدب على أيدي الشعراء والكتاب الشباب.
في عام 1931 أصدر إيكيلوف ديوانه الأول «متأخراً على الأرض» عن دار نشر سبيكتروم. لكن هذا الديوان، الذي كُتب تحت تأثير الشعراء السورياليين، لم يقيض له النجاح. لكنه أصدر عام 1934 ديوانه الثاني «التكريس». أحس النقاد هذه المرة أنهم أمام شاعر مبدع يخرج على التقليد المألوف ويؤسس لوناً جديداً من الشعر. وفي الديوان الأخير اعتنق الشاعر السويدي الرفض المطلق للدولة والقانون، والعائلة والكنيسة، وشن حرباً شعواء على الكذب والخداع والخوف. وقد كان في «التكريس» لا يزال متأثراً بالسورياليين وثورتهم على الواقع ورغبتهم في تغيير المجتمع من القاعدة إلى القمة.
في ديوانه الرابع «اشتر أغنية الأعمى» بدأ إيكيلوف خطاً جديداً مغايراً لدواوينه الثلاثة الأولى، فهجر السوريالية والرومانسية وأخذت شطحات من الشعر الصوفي تدخل قصائده. وفي هذا الديوان كانت أولى إشاراته عن أمير إمجيون الذي رسم له صورة نهائية في دواوينه الأخيرة. كان يشعر، كما يقول مترجمه إلى العربية موسى صرداوي، أن هذا الأعمى كراءٍ ومعذب هو نفسه غونار إيكيلوف.
تعد الثلاثية التي تضم «ديوان أمير إمجيون» (الذي صدر عام 1965)، و «حكاية فاطمة» (1966)، و «دليل العالم السفلي» (1967)، القمة الختامية لحياته الشعرية. ويستوحي إيكيلوف الحضارات الإنسانية جمعاء ملغياً الأبعاد والفواصل بين الأزمنة والأمكنة، مستخلصاً جوهراً شعرياً ورؤيوياً مطابقاً في بعض سماته وخصائصه للتأمل الرؤيوي الصوفي لدى شعراء المتصوفة، خصوصاً لدى ابن عربي. فكما استحدث ابن عربي لغة باطنية مشرقة ورمزية تحتاج الى التأويل والشرح والتفسير، استحدث غونار إيكيلوف لغة شعرية لا تقبل أحادية التفسير والتأويل. فلكي ندرك الكليات لا بد من الجزئيات، ولكي ندرك الجزئيات لا بد من الكليات.
يبدو إيكيلوف في «ديوانه الشرقي» وهو ينهل من مصادره الشرقية: جلجامش، و «ترجمان الأشواق» لابن عربي، وأشعار جلال الدين الرومي؛ كما يبدو وهو يجدل هذا كله بتأثيرات الشعراء الذين نقلهم الى اللغة السويدية: اليوت، ورامبو، وبودلير، ومالارميه، وأودن. ومع أنه لم يُتم دراسته العربية والفارسية، الا أنه ترجم بمساعدة المستشرق نيكيلسون إحدى قصائد «ترجمان الاشواق» إلى الإنكليزية.
في «حكاية فاطمة»، كما يقول الناقد السويدي رايدر إيكنر، نعثر على شعر فيه الكثير من البساطة، وقلما نعثر على مثيله في الشعر الغنائي السويدي أو في شعر شمال أوروبا بعامة. في التاسعة والخمسين من العمر وقف إيكيلوف على قمة نضجه الفني، في تعبيره وتشكيله لرؤياه بقدرة بلغت حداً حاسماً من التوحد القلق، لا راحة فيه. دليل ذلك خمس وثلاثون سنة من التجريب المتواصل، والخبرة المحكمة في كتابة الشعر وصياغته، ميزت جملته الشعرية، وخلقت عنده استقلالاً في تعبيراته، وإحكام سيطرة على أدواته.
يكتب في «حكاية فاطمة»:
مرات خمساً/ أبصرت الظل/ في لحظة عابرة حيّاً/ لكن سادس مرة/ رصدتني فجأة/ سدت دربي، بزقاق ضيق/ في حاضرة سفلى/ وبأقذع قول/ نبحت في وجهي/ وأخيراً سألت:/ - لم تهملني.../ - هل تنفر مني؟/ لم لم ترقد مع ظلك؟
قلت: هل للمرء أن يرقد مع ظله؟/ مألوف أن يتبعني خلفي ظلي،/ قيد خطوتين حتى غروب الشمس./ على وجهها أحكمت خمارها/ - وبعد غروب الشمس/ - للهائم الطريد/ يمسي ظلان،/ الأول من خلف المصباح،/ والثاني من مصباح آخر يدنو منه.
في «دليل العالم السفلي»، وهو الجزء الثالث من الثلاثية، نعثر على الرؤيا الصوفية ممزوجة برؤيا شيطانية جحيمية تذكر بعوالم دانتي ونبرة بودلير الجحيمية، إضافة إلى استقصاءات لمعاني الحقيقة والوجوه التي تتلبسها. ويستدعي إيكيلوف لتوضيح مفهومه للحقيقة شخصية راوية الشعر العربي خلف الأحمر مذكراً بقضية الانتحال في الشعر الجاهلي، معيداً تشكيل شخصية خلف الاحمر:
إسمي خلف الأحمر/ ولا مثيل لي/ في فن التذكر./ (...) قلدت كل شاعر موجود/ فأُصبت بضريبة سيف العرفان/ رتّلت القرآن/ صبحاً ومساء في سن الرشد/ أنا حلٌ مما قيل أمامي/ عن تقليدي للشعراء.
في هذا السياق، يعيد إيكيلوف توليف كل مصادره في قصيدة تؤمن بسيولة الزمن:
حدثتني ساعة الحائط/ المضربة عن دق إيقاع الزمن/ بكل هذا،/ فلا وجود لزمن أضبط قياسه/ فما وهبت هو كل الزمن/ زمنك ماء،/ وأنا ساعة مائك.
*أدين في هذا العرض لترجمة الشاعر الفلسطيني المقيم في السويد موسى صرداوي، والمقالة هي تحية لجهوده في نقل شاعر سويدي كبير إلى العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.