بحضور سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ عقدت مساء أمس الأول في جامع الإمام تركي بن عبدالله محاضرة بعنوان (صور من المعاملات المالية المعاصرة وبيان أحكامها) ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند رئيس قسم الفقه المقارن والأستاذ بالمعهد العالي للقضاء، إذ استهل فضيلته المحاضرة بالحديث عن أهمية فهم فقه المعاملات، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشدد على من يدخل إلى الأسواق وهو لا يعلم أحكام المعاملات، فقال رضي الله عنه: (لا يبع في سوقنا إلا من تفقه في الدين) والمراد الفهم اليسير اللازم لاتقاء الوقوع في البيوع الفاسدة والمحرمة. وتناول المحاضر صوراً من المعاملات المالية المعاصرة، مثل المسابقات التجارية والتورق وأشكاله وبطاقات الائتمان وأحكامها والأسهم ومعاملاتها. وبيّن فضيلته أحكام المسابقات التجارية وخطورة الوقوع في الميسر وما يسمى ب(خدمة 700). كما بيّن فضيلته صور التورق المباح وآراء الفقهاء المعاصرين حولها وأنواع بطاقات الائتمان، مشدداً على ما يصاحب بعض البطاقات من الزيادات الربوية. كما بيّن فضيلته أنه لا يجوز شراء الذهب والفضة بالبطاقة الائتمانية، وكذا الحال مع العملات الورقية، وذلك بناء على فتوى مجمع الفقه الإسلامي. وحول السحب بالبطاقة الائتمانية، بيّن أنه يعد اقتراضاً لا بأس به إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية. وفصَّل فضيلته في موضوع المتاجرة بالأسهم، إذ بيّن أن الأسهم تنقسم إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول: أسهم الشركات التي أصل نشاطها مباح ولا تتعامل بالأنشطة المحرمة كالرباء (إقراض واقتراض) وهذا النوع أجمع الفقهاء على جواز تملك أسهم هذه الشركات والاستفادة من أرباحها. النوع الثاني: أسهم شركات أصل نشاطها محرم مثل البنوك الربوية وهذه الشركات أجمع أهل العلم من الفقهاء المعاصرين على حرمة تملك أسهمها والدخول فيها. النوع الثالث: أسهم شركات أصل نشاطها مباح ولكنها تتعامل بالربا (إقراضاً واقتراضاً) واصطلح على تسميتها بالأسهم المختلطة، وذهب الفقهاء المعاصرون على حرمة التعامل بأسهمها وهذا ما ذهب له مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وشذَّ عن هذا القول مجموعة من الفقهاء المعاصرين حيث قالوا إنه يجوز التعامل بأسهم الشركات المختلطة ما دام التعامل المحرم فيها (التعامل الربوي) يسيراً ولا يتعدى الثلث. ولكن الأحوط على المسلم أن يترك الأمور المتشابهة والاحتياط لدينه وباب الورع هو باب عظيم. وحول أحكام زكاة الأسهم، بيّن فضيلته أن مالك الأسهم بغرض الاستثمار وأخذ الأرباح لا يزكي قيمة الأسهم ولكن يزكي فقط (الأرباح) إذا كانت الشركة لا تخرج الزكاة، وفي المملكة والحمد لله تقوم مصلحة الزكاة والدخل بجباية الزكاة من الشركات المساهمة، أما مالك الأسهم بغرض المتاجرة بها والمضاربة فإنه يجب عليه أن يزكي رأس المال مع الأرباح إن وجدت وذلك بعد دوران الحول. وبعد ذلك خُتمت المحاضرة بتعليق كريم من سماحة المفتي حيث شكر سماحته فضيلة الشيخ عبدالرحمن السند على مشاركته، وشدد على الحذر من الوقوع في الكسب المحرم. وعلَّق فضيلته على أمور التورق والمسابقات التجارية وما يصحبها من الغرر والتدليس. كما حذَّر سماحته من الوقوع في الربا وأنه عمَّ كثيراً من المعاملات ولكن يجب على الناس التنبه لذلك وسؤال أهل العلم وعليهم التفقه في دينهم. ثم أجاب سماحته على أسئلة الحضور حول المواضيع المثارة بالإضافة إلى قضايا أخرى مثل التأمين وغيرها.