نمر بن عدوان من أولئك الشعراء الذين صهرتهم المصائب. وصبتهم في قالب الخيال المرير وهزتهم العواصف القاسية من غير رحمة ولا هوادة. فجاء شعرهم واقعياً مؤثراً ومتيناً مطابقاً لما تجيش به أفئدتهم وتغلي به صدورهم فهل شيء أبلغ تأثيراً في النفس من سماع الأنين في الهزيع الأخير من الليل؟ هكذا كان شعر نمر في زوجته بعدما اختطفتها يد القدر في عنفوان ربيع الحب والغرام. فتقطع قلبه ألماً وحسرة وجاش صدره باللوعات وصار جسمه مسرحاً للأحزان وعاش بقية حياته حزيناً مكلوماً تتهافت عليه الأمراض حتى مات فجأة سنة (1300ه) وهذه القصيدة يرثي بها زوجته (وضحا) والخطاب لابنه (عقاب) إذ قال: سار القلم يا عقاب بالحبر سارا وبزيزف القرطاس يا مهجتي سار سار القلم بالنويهدات الصغارا يا عين وكري وحش حين ما طار اكتب جواب مثل قطف الثمارا من قيل ابن عدوان نظم له اسطار من ضامري كنه وقيدات نارا مانيرة النمروذ تشبه لها نار لكن ينهش بي غليب السعارا والحال مني تقل يبراه نجار اكتب الغالي ولع القلب نارا خلان بالدنيا وحيد ومحتار يا عقاب من فقده عيون سهارا لكن فيها ذر شب وزنجار أعْول عويل الذيب ليل ونهارا واحن حن الجيد ثاو على الدار على حبيب بالترايب توارا خلان مشتاق وحيد ومحتار والله لا كذب ولا هو اقمارا ايضا ولانا بالتماثيل بذار واخلاف ما بين البسيطة اوزارا ومن طاف في طيبه وللبيت زوار انا ان نظرته رامي للجمارا كن القمر في موق عيني الى اندار يا عقاب لو تجمع جميع العذارا من الشحر لنجد لباب تونس لسنجار ومن بصرة الفيحا الى قندهارا من غير وضحا مالك الله تختار اجل جل الزين حسن المسارا راعي ثليل فوق الارداف نثار العنق عنق اللي تقود العفارا قايد اخشوف الريم في دوّ الاقفار يا غصون موز تحته الماي حارا في وسط بستان دنت منه الاثمار يا عقاب ما والله مدير النهارا مجرى سفينة نوح في غب الابحار لو جن بنات البدو صف تبارا على الحنايا دللن كل حوار ولو جن بنات الحضر مثل الامهارا سطر الذهب بارقابهن تقل نوار ولو جن بنات اصليب فوق الشهارا يا ما حلا بشفيهن دق الاوبار ولو جن بنات الترك هن والنصارا والهند او اللي سكن كل الاقطار جنى ضحا العيد وسط النهارا وقالوا لنا يا نمر قم طب واختار ما خذ سوى مضنون عيني اخيارا الصاحب اللي فر عقلي معه طار فيها خصال وافيات كثارا ومثايل فيها التفاكير تحتار شيمه فهودٍ وبه زعانف نمارا ومن الجمال اليوسفي فيه تفكار حسه لطيف مثل جني الثمارا يسبي اللبيب منادمه تقل سحار قلت آه واويلا مر المرارا من مي زقوم جرعته له امرار المرجع: خيار ما يلتقط من شعر النبط - عبدالله الحاتم