تغير العالم بسرعة لم نشهدها من قبلُ؛ ما يتطلب من المديرين والموظفين تحسين أدائهم ورفعه إلى مستويات أعلى، وقد ازدادت المنافسة بين المنظمات والشركات، سواء محلياً أو على المستويات العالمية بشكل حاد. وأدى بروز الشركات العالمية إلى خلق ضغوط شديدة على العديد من المنظمات المحلية لتحسين أدائها وإيجاد وسائل جديدة لاستخدام مواردها بشكل أفضل. وما لم يبدأ المديرون التعلم والتأقلم مع البيئة العالمية الجديدة فإنهم سيجدون أنفسهم في موقع ردّ الفعل والتقليد بدلاً عن الابتكار، وتعجز شركاتهم عن المنافسة؛ ومن ثم تصاب بالفشل. وعلى المديرين أن يدركوا أن هناك أربعة تحديات أساسية تواجههم اليوم وهي بناء القدرة التنافسية والعمل بأخلاقيات مهنية عالية والإدارة الفاعلة للموارد البشرية المختلفة وأخيراً استخدام تقنيات المعلوماتية الحديثة. ويعني بناء القدرة التنافسية تجاوز أداء الشركات الأخرى بتقديم خدمات أو منتجات ذات فاعلية أكثر عن طريق تقليل الموارد المستخدمة لإعطاء نفس المنتجات والخدمات، وذلك عن طريق التدريب المكثف والمتنوع لأداء أعمال مختلفة وتطبيق التقنيات الحديثة وتنظيم هذه القوى بشكل يسمح لها باستخدام مهاراتها بشكل مستقل وسريع، ويجب أن يعرف المديرون أن المنتجات التي ينافسونها قد تأتي من شركات عالمية لها مصانع في بلدان تتمتع برخص اليد العاملة؛ لذلك لا مفرّ لهؤلاء المديرين سوى إيجاد البديل الذي يسمح لهم بالمنافسة عن طريق رفع الجودة مثلاً، والذي يسمح لفرق العمل بإيجاد وسائل جديدة لأداء أعمالهم؛ ومن ثم تقييم هذه الأعمال، وهذا ما يتطلب تعديلات سلوكية لدى الموظفين. من ناحية أخرى يتطلب بناء القدرة التنافسية في زمن العولمة سرعة في أداء الأعمال وفي إيجاد وسائل الاستجابة والبدائل للضغوط من المنافسين ومدى المرونة والقدرة على التخطيط والتنظيم وإعادة جدولة الموارد وتوجيهها ويجب على المديرين التمكن من إيجاد الأرضية التي تسمح لموظفيهم بتقديم خدماتهم ومنتجاتهم بشكل إبداعي أفضل. وأخيراً يتطلب بناء القدرة التنافسية أيضاً زيادة القدرة على الاستجابة لطلبات العملاء وهي أساسية خصوصاً في مجال الخدمات كالمستشفيات والبنوك التي تعتمد بشكل شبه كلي على موظفيها لأداء سلوكيات تؤدي إلى خدمات ذات جودة عالية وبتكلفة مقبولة. وهناك العديد من الشركات الآن التي تفوض موظفي الاستقبال أو خدمة العملاء لاتخاذ المبادرة والقيادة في أداء الخدمة الجيدة وهذا ما يمكن أن نطلق عليه إدارة السلوكيات. وسنقوم في مقالات لاحقة - إن شاء الله - بطرح التحديات الإدارية الأخرى التي ذكرناها أول هذا المقال والتي ننتظر قدومها مع رياح العولمة الآتية كالإعصار.
