إنّ مما أوجب الله على عباده من أحكام النظافة وآدابها أخذ الزينة عند كلِّ مسجد، فقد قال ربنا تبارك وتعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، فأمر الله بأخذ الزينة بالتجمُّل باللباس والطيب .. قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره (2-219)، ولهذه الآية وما في معناها من السنّة يستحب التجمُّل عند الصلاة ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد والطيب لأنّه من الزينة والسواك، ومن أفضل اللباس البياض، روى الإمام أحمد وأهل السنن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بثياب البياض فالبسوها فإنّها أطهر وأطيب) انتهى. فالنظافة أساس كلِّ زينة وهي مظهر جميل ومخبر نبيل حث عليها الإسلام في الصلاة وأوقات الاجتماع، فيجب علينا مراعاتها والاهتمام بها، وإنّك إذ تعجب من بعض الناس هدانا الله وإيّاهم، لا يتجمّلون لجمعة ولا لجماعة ولا يلبسون ثياباً طيبة نظيفة في لقاء أو اجتماع أو عيد، بل إنّ بعض الناس يذهب للصلاة بثياب مهنته بعرقها ورائحتها، وبعضهم بثياب نومه بشكلها ورائحتها، أمّا لو كان عليه أن يذهب لعمله أو لحفلة عرس أو ما شابههما لرأيته متزيّناً بأحسن زينته، فالواجب التجمُّل والتنظُّف للصلاة لا سيما صلاة الجمعة - وسيأتي معنى إن شاء الله ما اختصها الله به من خصائص، روى أبو داود عن سهل يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنّكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنّكم شامة في الناس)، وروى أبو داود أيضا عن أبي الأحوص عن أبيه قال أتيت النبي في ثوب دون، فقال: (ألك مال؟ قال نعم، قال من أي المال؟ فإن قد أتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال فإذا أتاك الله مالاً فليرى أثر نعمة الله عليك وكرامته)، فالأناقة من غير إسراف، والتجمُّل من غير تصنُّع وتحسين الشكل من اللباس والشعر والهندام بعد تحسين المضمون من تعاليم الإسلام الذي ينشد لبنيه ومتبعيه علو المنزلة وجمال الهيئة. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة للمسلمين في كمال هيئته ونظافة بدنه وملبسه وطيب رائحته، كان يرتدي الجديد وينوّع الألوان ويتأنّق في ملبسه، ففي صحيح البخاري ومسلم عن البراء رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء لم أر شيئاً قط أحسن منه)، فوجب أن نتأسّى بنبينا ونقتدي بحبيبنا عليه أفضل الصلاة والسلام. (*) مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة عنيزة