قرأت بالعدد رقم «11397» في صفحة الرأي مقالاً للأخت طيف أحمد بعنوان «أحدثكم عن موضوع غير جديد.. لكنه مؤلم.. بداية قبل الدخول في التعقيب على المقال.. أقول: إن ابنتي «أورانوس» معجبة بقلم الكاتبة.. فكثيراً ما تسارع إلى قراءة مقالاتها.. وتذكرني بما تكتبه نثراً وشعراً في جريدة «الجزيرة» فمزيداً من الاعجاب والتقدير لها، وأنا أفرح كثيراً بالأقلام النسائية المشاركة، التي تدلى بدلوها وخاصة في الآراء والأفكار المتعلقة بخصوصيات النساء التي لا يستطيع الرجل أن يعبر عنها.. وأسأل الله أن يستمر هذا القلم رغم ما يعترضه من وقفات.. وألا تكون هي مثل بعض أخواتي الكاتبات اللاتي يكتبن بأسماء مستعارة أو اللاتي اختفت أسماؤهن بعد الزواج فانعدم الورق وانكسر القلم.. وأصبحت هوايتها محجورة ما بين قلمها ولسانها.. وصارت تبكي على الأطلال.. فلا حياة لمن تنادي.. تحدثت الكاتبة للمرة الثانية في صفحة الرأي عن عقوق الأبناء وأنا كذلك تحدثت سابقاً في صفحة الرأي بعنوان للوالدين حقوق أم عقوق وفيما أعتقده أن الأمر يستحق أكثر من مقال.. ولكن كتابتي هذه المرة تختلف عن سابقتها قائلاً: إن الأب يربي تربية إسلامية أبوية صحيحة، ولكن التيارات الخارجية لها تأثير بالغ وقد تكون هي السبب في عقوق الأبناء.. ومن هذه الأسباب.. 1- الأصدقاء الذين يرافقهم الابن فإن لهم تأثيراً على نفسيته وخاصة في مرحلة المراهقة.. فالمراهقون يفضل أصدقاءه على والديه يستمع إلى أقوالهم وآرائهم وينفذ ما يريدون ضارباً بآراء والديه عرض الحائط.. 2- المراهق سريع الاستجابة.. نظرته قصيرة لا يعرف عواقب الأمور يندفع وراء عواطفه لأي طريق كائن. 3 - بعض المراهقين يفقد العقلانية والمصداقية في تصرفاته فيخفي كثيراً من الأمور عن والديه ثم يستعجل الأمر ويصبح العلاج للمشكلة صعباً. 4- الرفاهية الزائدة.. فالابن تعّود منذ الصغر على تحقيق طلباته وتنفيذ أوامره بيسر وسهولة حتى أصبح ابناً مدللاً. 5- الرضاعة: ابناء اليوم فيهم كثر لم يشربوا من حليب الأم الذي ثبت طبياً ودينياً أن الطفل الذي يشرب من حليب أمه طيلة مدة الرضاعة أكثر براً وشفقة ورحمة على والديه من الذين يشربون الحليب الصناعي. 6- المجتمع.. الابن يريد أن يساير المجتمع المتمثل بالاصدقاء والأقارب والزملاء في ممتلكاتهم الخاصة وغيرها من تصرفات فيريد سيارة فارهة وفلوساً في جيبه وذهاب وإياب على كيفه. 7- المدرسة.. القسوة من بعض المدرسين في تدريس الطالب يؤدي إلى فشله في الدراسة والفشل يؤدي إلي الفراغ والفراغ قاتل قد يؤدي إلى الانحراف والانحراف سبب في عقوق الوالدين. 8 - المسجد.. إن عدم محافظة الابن على الصلوات الخمس في المسجد مع الجماعة وعدم مصاحبة أصدقاء من جماعة المسجد الطيبين الصالحين يؤدي إلى طريق آخر يكون سبباً في عقوق الوالدين.. 9- القسوة في التربية.. يواجه بعض الأبناء قسوة شديدة من الوالدين في التربية متمثلة في الضرب المبرح والألفاظ السيئة التي تؤثر على نفسية الابن مع تغيير تام في سلوكه وأخلاقياته. 10 - التربية وعلم النفس.. هي كتب موجودة في المكتبات ومع الأسف أكثر الآباء لا يعرفون شيئاً عن هذه الكتب.. ولا يعرفون المراحل التي يمر بها الابن وخصائصها لذلك يجهلون كيفية العلاج؟ والأساليب التربوية الحديثة. 11 - فارق العمر.. يجب على الأب أن ينتبه إلى أصدقاء ابنه فلا يرافق من هو أكبر منه سناً، وفارق السن يؤدي إلى أمور كبيرة وخطيرة. 12 - الحياة الزوجية: فالحياة الزوجية بين الأب والأم الناتجة على التفاهم والترابط والتكاتف والتضحية التي يسودها الحب والوئام فإنها بلا شك لها تأثير نفسي على الأبناء مما يؤدي إلى بر الوالدين بعكس من تكون حياتهم الزوجية مليئة بالمشاكل والكراهية بين الأب والأم، فهذا بلا شك له تأثير نفسي يؤدي إلى العقوق. 13 - الدلال الزائد.. الرحمة والشفقة والمحبة الفطرية فإن تجاوزت الحدود فإن هذه الصفات تؤدي إلى دلال زائد سيتعود عليه الابن.. وهذا سبب في العقوق. 14- الفراغ.. الفراغ في وقت الأبناء اليومي يؤدي إلى الملل والبحث عن أصدقاء يستأنس معهم لسد تلك الفراغ.. وقد يكون هؤلاء الأصدقاء.. أصدقاء سوء يكتب منهم المعاملة السيئة وخاصة مع الوالدين.. فيصبح ابناً عاماً. 15- السفر.. بعض العوائل تحب السفر كثيراً خارج المملكة مما يكسب الأبناء حسب السفر، ومن ثم يبدأ بالسفر إلى الخارج وحده.. ويجد ما يؤثر على شخصيته وأفكاره. 16 - القنوات الفضائية.. بعض هذه القنوات تدس السم بالعسل فيكتسب الابن عادات وتقاليد مخالفة لعاداتنا وتقاليدنا المستمدة من الكتاب والسنة.. 17 - الزوجة.. إن الزوجة لها دور كبير في شخصية الابن فإذا الابن تزوج ووفق في زوجته فقد يصبح أسيراً لزوجته فتصير هي الآمرة الناهية يسمع كلامها وينفذ أوامرها فالزوجة هي التي لها حقوق وللوالدين عقوق.. ويعلم الله بأن هؤلاء كثر.. وخاصة في شباب اليوم إلا من رحم الله.. فالزوجة هي القريبة إلى القلب، وهذا بلا شك مؤثر على نفسية الوالدين لأنه عقوق واضح! 18 - السيارة.. بعض الآباء يسارع إلى شراء سيارة لولده وهو صغير في السن بسبب أوامر الزوجة أو تقليداً للأقارب والأصدقاء، فالسيارة تساعد الابن على بعض التصرفات المشينة ثم يستفحل الأمر رويداً رويداً حتى يصبح الابن عاقاً في تصرفاته مع والديه. 19 - الحي أو الحارة أو الجيران.. من أسباب عقوق الأبناء للوالدين السكن في حارة أو حي يسكنها عوائل غير محترمة وابناؤهم لم يتربوا التربية السليمة فالاحتكاك معهم بصفتهم هم الجيران احتكاكاً مشيناً له من السلبيات الشيء الكثير الذي يؤدي إلى الجنوح ومن ثم يبدأ العقوق للوالدين. 20- النسب.. فإن النسب مهم جداً فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «العرق دساس» والمثل يقول: «عرب وليدك عربه.. ومن أصل النساء قربه. والمثل الآخر يقول «الخال عند الوسادة» فيجب أن نهتم اهتماماً كبيراً بالانساب، فالشجرة الطيبة تؤتي ثمرة طيبة. لديَّ أشياء كثيرة من النقاط، لكنني أشعر بأنني أطلت على القارئ لذا أكتب بالنقاط بالعشرين التي كتبتها!! وأذكر أن رجلاً سأل شيخاً بهذا السؤال.. يا فضيلة الشيخ إذا كان الابن لا يطولك منه شر ولا خير.. فهل هذا الابن بار أم عاق؟ فأجاب فضيلة الشيخ إن هذا الابن يعتبر عاقاً والسؤال الذي أسأله أنا الآن.. إذا إن الابن يأتيك منه شر لا خير فهل يعتبر باراً أم عاقاً؟ الجواب: ما دام إن الابن في الجواب عن السؤال الأول يعتبر عاقاً فالجواب عن السؤال الثاني يعتبر عاقاً عاقاً عاقاً. في زمننا هذا نزعة الرحمة من قلوب بعض الأبناء فالأب بعد كبر سنه وتقدمه في العمر أصبح محاطاً بأمراض مختلفة فالسكر من يمينه والضغط من يساره والكولسترول من أمامه وأمراض القلب من خلفه هذه الأمراض تنتظر أي فرصة للدخول بهذا الجسد، وإذا دخلت فما أصعب خروجها إلا إذا فارق الإنسان الحياة. ويالها من مصيبة إذا دخلت هذه الأمراض إلى جسد الأب بسبب عقوق الأبناء فالمستشفيات أو بالأصح المشافي خير شاهد فكم من مريض يرقد على السرير الأبيض بسبب العقوق! ناهيك عن المقابر فكم من ميت؟ متوفى بسبب عقوق الأبناء؟ لكنني أقول مازال البر موجوداً لدى فئة من الأبناء وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى. قد يقول قائل: إن النقاط التي ذكرتها تؤدي إلى الجنوح وسوء السلوك وليست تؤدي إلى العقوق فالرد على القائل: إن أي تصرف يغضب الوالدين يعتبرعقوقاً، وحتى إذا كان الابن هو السبب في ظلم أبيه له من تصرفاته السيئة، يعتبر عاقاً فالابن الذي لا يكون قرة عين لوالديه يعتبر عاقاً.. ناهيك عن التصرفات العائلية والأسرية والزوجية.. فكم من ابن جاء إلى أبيه وهو طريح الفراش.. وبعد السلام والجلوس لحظات وتقديم الأسئلة المتكررة هل أنت بحاجة يا والدي إلى المشفى.. هل يوجد في البيت حبوب بنادول. يا والدي أدهن نفسك بالفكس وما تشوف شر، ثم يخرج وإذا ذهب إلى زوجته وأولاده فالضحك والاستئناس مع زوجته وكأن شيئاً لم يكن فكم من والد يئن.. وكم من والد طريح الفراش يرقد على السرير الأبيض.. وكم من والد مصاب بالضغط والسكر.. بسبب عقوق الأبناء؟ وما أصعب الموقف برجل كبير في السن يتجاوز عمره الخمسين عاماً ويرغب في الزواج والانجاب، فأقول إذا بلغ عمر هذا الرجل سبعين عاماً بما يحمله من أمراض كالسكر والضغط والنفسية الحساسة التي لا تتحمل مثقال ذرة من كدر، فهل لديه المقدرة على تربية الأبناء وهم في مرحلة المراهقة.. لأن الابن المولود للرجل في الخمسين من عمره، يكون مراهقاً في السبعين من عمر هذا الرجل، فأين النظرة الثاقبة والتوزيع الزمني على الحياة البشرية الذاتية البعيدة عن اللذة والشهوات. القصص القرآنية ومنها قصة إبراهيم ونوح مع ابنيهما تدل على البر من الولد والشفقة والرحمة والحنان من الوالد، فالحب لدى الوالدين فطري، وهذه هي إرادة الله سبحانه وتعالى. {وّبٌالًوّالٌدّيًنٌ إحًسّانْا}.. حديث شريف «بروُّا آباءكم تبركم أبناؤكم».. تحديد النسل «ظاهرة جديدة بدأت هذه السنوات.. وهي تجديد النسل بسبب صعوبة تربية الأبناء.. «دعاء» اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا.. واجعلنا هداة مهتدين آمين يا رب العالمين.. احتياط أيها القارئ الكريم أنا كتبت هذا المقال على عجل وأرسلته بالمسودة والكمال لله سبحانه وتعالى، ولكن ما أعرفه من سياسة الصحافة عدم استيفاء كامل المقال حقه من الرأي بهدف وضع مجال لمن لديه رغبة في الطرح والتعقيب.. ومحبة في مشاركة القراء! لكنني أهمس في أذن الذين يسمعون عن المقال سماعاً، أو بقرؤونه مرة واحدة.. تم يبدؤون بالكتابة النقدية.. الجارحة أو الأدبية.. علماً بأنهم يكتبون بما يخالف ما أكتبه وما أقصده فالواجب في النقد الصحفي أنهم أولاً والنقد والتعصب وطرح الآراء ثانياً.