حين يصادف مرورك بحي الفيصلية في مدينة الهفوف مساء يوم الجمعة بعد صلاة المغرب ترى عدداً من الباصات المتأهبة للانطلاق، بعضها يتجه الى الخرج وآخر يذهب إلى السليل، ووادي الدواسر، الدلم، والأفلاج وغيرها من المدن فهناك قرابة 200 معلمة من بنات الاحساء اللاتي يدرسن هناك بعضهن امضى 6 سنوات في انتظار قرار النقل والعودة الى الاحساء يموت امل العودة لديهن لكن يعود قبيل صدور حركة النقل وسرعان ما يموت مرة أخرى حين تتصفح المعلمات الجريدة او موقع الرئاسة العامة لتعليم البنات على شبكة الانترنت فلا يجدن اسماءهن. دموع ابناء المعلمات الذين سيفارقون امهاتهم الاسبوع او شهراً هو ما يلفت الانتباه في أزقة حي الفيصلية فهناك عشرات الاطفال الذين يبكون ويتعلقون بامهاتهم علماً بأن بعض المناطق تبعد عن الأحساء 1700 كلم ذهابا وايابا. «الجزيرة» رصدت دموعاً وقصصا مأساوية لمعلمات تركن ازواجهن واطفالهن. وتحدث لنا جعفر علي عن مأساته قائلاً منذ اكثر من 6 سنوات وزوجتي معلمة في منطقة نجران وراجعت الرئاسة العامة لتعليم البنات في الرياض عدة مرات بلا فائدة وعندي طفلان اصابتهما عقد نفسية بسبب فراق الام عنهما احدهما نسي امه بسبب عدم وجودها طوال فترة طفولته مما اضطرت زوجتي الى تقديم طلب إجازة استثنائية بسبب حالته النفسية. اما جميل جواد: فيقول زوجتي لها 4 سنوات ونصف السنة في نجران وهي تستقبل اول طفل لم يتجاوز الشهر وتقول الزوجة كيف اربي طفلي واعتني به وهو بعيد عني وبعد انتهاء اجازة الامومة وبالتأكيد لن تكتمل الفرحة الا اذا نقلت. وبسبب حالته النفسية أصيب بالمرارة ولقد اجريت له عملية في المرارة وهي في المستشفى. وتحدث لنا عادل صالح قائلاً: زوجتي تعمل في السليل منذ 6 سنوات ولم تنقل الى هذا اليوم كما انها لم تنجب بسبب اصابتها بأزمة نفسية بسبب المشقة والتفكير الكثير. أما ابراهيم المبرزي فقال زوجتي معلمة في محافظة السليل منذ خمس سنوات اسقطت مرتين الاولى بسبب التعب والمشقة اما الثانية ولد مشوه بسبب الحالة النفسية وتوفي بعد ذلك وراجعت الرئاسة عدة مرات لكن دون اي نتيجة ونطالب الرئاسة بوجود حل لنا والجدير بالذكر ان ابني الوحيد يشكو من التكسر بالدم وحالته لا يعلمها الا الله وهو بحاجة لوجود امه بجواره. أما مبارك سالم فزوجته تعمل منذ 5 سنوات في محافظة الأفلاج وتقدمت كل سنة للرئاسة لنقلها ولكن دون جدوى علما بان لهم اطفالا يعانون من تكسر الدم المنجلي الحاد وهم بحاجة ماسة لوجود امهم معهم. عبدالوهاب عامر فيقول زوجتي تعمل معلمة في محافظة الافلاج منذ ثلاث سنوات ولديه اربعة اطفال واخر عمره شهران انقطع عن الرضاعة الطبيعية بسبب عدم وجود الام وباقي الاطفال مع جدتهم المسنة. فتقول أم صادق إن ذهابي الى نجران للتدريس بسبب ظروف اهلي وزوجي لانهم بأمس الحاجة لراتبي وانا افكر ان اقدم استقالتي بعد تحسن امورنا المالية. وتحدثت أم محمد انني اعمل في نجران منذ خمس سنوات ولم يأت نقلي الى هذا اليوم حيث انني يأست من الرئاسة ولكن لن ايأس من رحمة الله واللهِ لولا ظروف زوجي وحالتنا ضعيفة لا يعلمها الا الله علما بأننا لا نوفر شيئا من الراتب فمثل 1000 ريال بدل كفالة من قبل الذي يكفلنا والايجار ولا نوفر إلا بعض شيء من الراتب. ويتواصل الحديث مع معاناة المعلمات فتقول ز. ي. ح اما انا ظروفي قاسية جداً فانا اعمل معلمة في قرى نجران وان لي اربع سنوات ولم يأت لي النقل حيث انني ذهبت الى العمل خارج الاحساء بسبب مرض امي التي تعاني من امراض كثيرة منها السكر والضغط وانها لاتبصر وهي كل يوم تبكي من اجلي وهي التي اصرف عليها لان ظروفنا لا يعلمها الا الله. اما أم ابراهيم فتقول منذ أن تأتي ليلة السبت وهو موعد الرحيل الى السليل اتمنى الموت بسبب فراق اولادي وزوجي وبكائي لا يتوقف طوال الاسبوع ونحن نذهب بوسيلة النقل البري ونحن لا نضمن انفسنا بسبب الطرق الخطيرة التي نمر عليها. فتقول أم ثامر انا متزوجة من ثلاث سنوات ولديّ طفل واحد وهو مريض بالتكسر وهو بحاجة لي وانا معلمة في وادي الدواسر وزوجي يعمل في إحدى المؤسسات الوطنية وراتبه قليل جدا حيث عملت خارج المنطقة لمساعدته لظروف الحياة اما اذا ذهبت الى عملي يبقى عند امي ولكن امي أصيبت هذه الايام بجلطة وانا الآن بسبب مرض والدتي لا احد يمسك ابني غيرها فأنا مضطرة ان اقدم استقالتي أو أقدم على إجازة استثنائية وماذا نفعل.