وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معلمات: أوقفوا معاناتنا.. تعبنا "خلاص"
نشر في اليوم يوم 31 - 07 - 2004

26.000 معلمة تقدمت بطلبات نقل وكل حالة لها ظروفها الخاصة وحققت وزارة التربية والتعليم رغبات 32% من المتقدمات ووراء هذا الرقم قصص وحكايات وظروف صعبة تواجه هؤلاء المعلمات اللاتي نسين فرحة الوظيفة امام ليل الاغتراب داخل الوطن وخوف الاهل الذين باعدت المسافات بينهم وبين بناتهم وزوجاتهم وامهاتهم والكل ينتظر بفارغ الصبر موسم النقل السنوي الذي عادة ما يجيء مخيبا لآمال الكثيرات من المتقدمات.
وتمر السنون ولا بارقة امل تلوح في الافق ولا يقتصر مسلسل المعاناة على الاغتراب في قرى وهجر ومدن بعيدة عن الاهل فهناك آلاف المعلمات يقطعن يوميا مئات الكيلو مترات في مشوار يومي يبدأ مع خيوط الفجر الاولى وينتهي عند المساء وما تحمله الاحصائيات من حوادث مرورية راح ضحيتها العديد من المعلمات اضافة الى وجود بعضهن في ظروف صعبة فبين استغلال سائقي الحافلات الى المحرم (المستأجر) الذي يدفع له شهريا راتب مقابل وجوده معهن.
ورغم اصرار المسؤولين في وزارة التربية والتعليم على ان آلية النقل تتم عبر الحاسب الآلي الموحد على مستوى المملكة الا ان الكثيرات يتحدثن عن (تمرير) نقل لزميلات لهن قد تكون ظروفهن اقل اضافة الى تحكم مديرات المدارس ورفضهن النقل بحجة عدم وجود البديل للمعلمة المنقولة.
(اليوم) تفتح ملف هذه القضية وتطرح هموم المعلمات وهن يروين نماذج من حياتهن اليومية والمشاكل العائلية التي وصلت إلى الطلاق والاجهاض.
أريد حلا
(ف. ب) معلمة جغرافيا، ولكنها تدرس التاريخ والعلوم في المرحلة الابتدائية في عرعر، منذ 4 سنوات ونصف السنة، وهي تسكن الدمام، تقول: أنا معلمة وللأسف...!! حين بدأت التدريس كان عمر طفلتي سنة، أما اليوم فهي توشك ان تدخل المدرسة، وقد قضيت 4 سنوات في عرعر، وأكملت السنة الخامسة في الرقعي، وتم نقلي الآن إلى الخفجي في منطقة (راس مشعاب)، حيث اخرج من بيتي الساعة الرابعة فجرا، ولا أعود إلا الرابعة عصرا، مصطحبة ابنتي، وتاركة ابنائي الثلاثة مع الخادمة في المنزل. حتى ان ابنتي تقول (ماما البنات يجون الصبح المدرسة، واحنا نطلع بالليل ندرس.. ماما تعبنا من الطريق...!!)، ولا حيلة لي، فوالداي متوفيان، وليس هناك من آمنه على أطفالي، واترك ابنتي لديه، خاصة أن نظام عمل زوجي (ورديات)، وأهل زوجي يسكنون بعيدا عنا, وقد طلبت مني جارتي (جزاها الله خيرا) إبقاء ابنتي لديها، للذهاب لمدرسة قريبة، ولكنني خجلت من إيقاظها قبل الفجر، لترك ابنتي لديها، فلديها من الأطفال ما يكفيها.
نفسيات منهارة
وتضيف: تعبنا من مشاهدة حوادث الشاحنات والسيارات المقلوبة، فنحن نراها أمامنا بشكل شبه يومي، حتى ان بعض المعلمات يبكين، وأخريات يتحسرن على قبول الوظيفة هناك. وقد أنجبت كل طفل من أطفالي في منطقة مختلفة، ثم تصاعدت المشاكل مع زوجي، ففضلت الذهاب والمجيء كل يوم 3 ساعات أو أكثر، على ان أهدم بيتي بنفسي, حتى إذا فتحت سيرة النقل أمامه فكأني افتح على نفسي بابا من أبواب جهنم، ومع ذلك أصبر وأفكر في المستقبل، فلا أب ولا أم لي فأين اذهب؟! ورغم ذلك فإنها تلتمس العذر لزوجها، وتقول: يظل أياما لا يرى ابنته، حيث اضطر لتنويمها في الساعة السابعة.
ومع ذلك كانت (ف.ب) تأمل خيرا في الوزارة بعد الدمج، ولكنها تقول (أملنا كان بدون فائدة).. وتتساءل: كم بقي من عمري، ومن نفسية أبنائي ومن حياتي الزوجية...؟! أما المال فما نأخذه نصرفه، ونزيد عليه، خاصة عندما كنت في عرعر.. ومع ذلك فأنا اعلم بأنني مخطئة، ولكن هل أتراجع الآن بعد تلك السنوات؟!
أين المساواة؟!
وتطالب (س.خ) من الأحساء بتوجيه خطاب شديد اللهجة إلى وزير التربية والتعليم، فهي معلمة جغرافيا في الرس منذ عام 1419ه، وبشهادة تربوية، ومع ذلك قضت 7 سنوات وستكمل الثامنة، ومعها 6 معلمات، اثنتان منهن باشرتا معها في نفس العام، و3 قبل عامين فقط، واثنتان قبل 3 سنوات، وكلهن نقلن ما عداها هي.
وتضيف: المشكلة أنني متزوجة، وعندي أبنتان، وامضي 8 ساعات في التنقل بين الشرقية والرس، ومع ذلك فلا مساواة، ولا بدل نقل، فالطائرة مكلفة للغاية، والنقل الجماعي لا يتوافر سوى في الدوادمي فقط. وأنا اصطحب بناتي معي، واتركهن لدى مربية سعودية في منزلها يوميا، بينما ادفع إيجار السكن 12 ألف ريال سنويا، ومصاريف المواصلات 250 ريالا، بينما يدفع البعض 500 ريال للمواصلات. وبالطائرة ندفع 750 ريالاً للفرد الواحد، والصغيرات 50 ريالاً، ومواصلات المطار 100 ريال.
وتتساءل (س.خ): لماذا تم نقل البنات، وترك المتزوجات، ولماذا لا تمنح المغتربات إجازات اكثر، مع مراعاتهن في الغياب، بسبب المشوار، مع ظروف الحمل والولادة. والمشكلة التي تواجهني الآن أنني وحيدة، بعد نقل زميلاتي.
وتمنت (س.خ) وجود فرصة لتغيير الرغبات، حيث لم تعلم عنها من البداية، بعد أن قررت وضع جميع هجر الأحساء حتى البعيدة.
من غربة لغربة
أما (ه.أ) فمعلمة تاريخ من الدمام، تم تعيينها في رفحاء بالحدود الشمالية في عام 1419 ه ولمدة 5 سنوات.. تتساءل: بعد 5 سنوات تم نقلي من غربة لغربة أخرى، حيث تم نقلي العام الماضي إلى الخفجي، ومع ذلك داومت العام الماضي، على أمل نزول اسمي في حركة النقل.. وتضيف: طلبت النقل لجميع محافظات الشرقية، بل حتى الأحساء، فزوجي يعمل في القاعدة العسكرية بالظهران، ولن أتمكن من الذهاب يوميا والعودة لمدة 4 ساعات إلى الخفجي.
لدى (ه .أ) 3 أطفال، أخذتهم للدراسة في رفحاء، ثم اضطرتها الظروف لأخذ إجازة استثنائية، والسكن في الأحساء مع والدة زوجها المريضة، وأخذت أبناءها معها, بعد ذلك نقلتهم إلى الخفجي.. وتقول: نفسياتهم متعبة، لبعدهم عن والدهم، مع انه يحاول أن يأتي لرؤيتنا بين فترة وأخرى، ولكنه يقول انه يرى الموت بعينيه في الطريق، حيث انه طريق واحد، نصفه غير معبد، وتكثر فيه الشاحنات.
ظروفنا صعبة
وتضيف: الظروف المادية الصعبة لأهله وأهلي اضطرتني للتضحية والقبول بالمخاطرة، فوالدته ينفق عليها، ووالدتي أرملة، وأم لأيتام، ومع ذلك ادفع للسكن 12 ألف ريال، وكذلك المواصلات، وقد نجونا من حادث مروري شنيع أثناء قدومنا من الخفجي هذا العام، ومع ذلك ذهبنا، ونحن نشعر أثناء خروجنا أحيانا بأننا قد لا نعود.
وصل الحال ببنت (ه .أ) الوسطى إلى الامتناع عن الكلام في المدرسة نهائيا، وهي تلوم أمها بقولها (أريد أبي.. لماذا تحرمينا منه؟!).. وتقول: لم يستطع زوجي زيارتنا في الأشهر الأخيرة، لمرض والدته الشديد، والتي كانت ترافقني في البداية، ولكن وجود أخيها المقعد الكبير في السن معها في المنزل، وحاجته للرعاية حالا دون ذلك.
وبكت (ه .أ) من التأثر وهي تقول: إلى متى سنظل في الغربة؟ وهل يكفي نزول اسمي العام الماضي في حركة النقل، وان كانت المنطقة بعيدة؟!
ظروف تستحق النظر
المعلمة (ح) تعمل في وادي الدواسر، تخصص (علم حيوان)، باشرت العمل بتاريخ 3/6/1419ه، أي منذ 6 سنوات، وهي تطالب بالنقل للشرقية دون فائدة، علما بأن تقديرها الوظيفي 99 بالمائة. وقد استجدت الكثير من الظروف الطارئة في حياتها، فوالدها كبير في السن، وكان يسكن معها كمحرم في وادي الدواسر، وقد ساءت حالته الصحية مؤخرا، وأدخل مستشفى أرامكو السعودية (قسم القلب)، واصبح بحاجة مستمرة للمتابعة والعلاج، ولا يمكن متابعة حالته في وادي الدواسر. بينما تعاني (ح) من أنيميا منجلية، ولا يوجد أخصائي دم، لعلاج هذه الحالة في الوادي، بينما تتم متابعتها في مستشفى الملك فهد الجامعي، كما تحتاج والدتها لعناية صحية أيضا، وقد أرفقت هذه التقارير الطبية لإدارة التربية والتعليم بمحافظة وادي الدواسر، مع تقديم طلب النقل، ولم يتم نقلها حتى الآن! وتناشد (ح) مدير شؤون المعلمين في الوزارة مراعاة ظروفها، ومساعدتها وسرعة البت في موضوع نقلها.
معاناة يومية
(و.ع) معلمة تاريخ في هجرة الربوة بالقويعية على بعد 200 كيلومتر عن المدينة منذ عام 1422ه، تتحدث عن الهجرة ومآسيها.. تقول: هناك الماء ثمين جداً، لندرة وجوده، كما لا توجد أي رعاية صحية، أو هواتف، أو جوالات، بينما تنقطع الكهرباء مرارا كل يوم تقريبا، ومنذ 4 سنوات وأنا أطالب بالنقل. بينما نقلت معلمات أخريات لم يباشرن سوى عام 1424ه، وهناك 6 معلمات من مدرستي لم يمض على تعيينهن سوى سنة أو سنة ونصف السنة، ونقلت معلمة أخرى من نفس التخصص، وجلست أنا وحيدة. بالرغم من أدائي الوظيفي الممتاز، وعدم غيابي، وقد خاطبت أحد مسؤولي الوزارة، وأخبرته بأنني باشرت عام 1422ه، فقال لي (إنها حديثة التوظيف)، ولم يتفهم ظروفي هناك، حيث لا محرم ، ويأتي زوجي بين حين وآخر، قاطعا 1700 كيلومتر لرؤيتي، وتلبية احتياجاتي، وقد تزوجت منذ 4 سنوات. وتضيف (و.ع): لم يتم الحمل إلا بعد العلاج، وأنا الآن حامل في الشهر السابع، وسؤالي الآن: أين سأذهب بابني بعد الإنجاب؟ هل سأتركه مع والده في الظهران، أم أصطحبه معي إلى هذه الهجرة النائية، رغم وعورة الطريق، لذا فحالتي النفسية صعبة جدا، وأتساءل: أين اعتبار المقاييس، وقد كنت أحرم نفسي من الغياب دون فائدة، ولا يمكنني الآن أخذ إجازة استثنائية، بعد ان نقلت معلمة التاريخ الأخرى، التي باشرت هذا العام.
خيبة أمل
رويدا عدنان المزرع، معلمة جغرافيا من صفوى، عينت في قرية الشيحية بمنطقة الرفيعة منذ عام 1419ه، ولم يتم نقلها خلال السنوات الست الماضية، رغم نقل جميع من كان معها من المعلمات. تقطع رويدا مسافة 6 ساعات بالحافلة كل أسبوع، أو أسبوعين، لرؤية أهلها. وتتحدث رويدا عن مأساتها قائلة: أكثر من مرة تتعرض زميلاتنا الحوامل للنزيف والإجهاض، ورغم زواجي قبل سنة ونصف السنة، إلا أنني لم أحمل بعد، وان تقبل زوجي هذا الحال عاما فلن يقبله العام التالي، لذلك أشعر بأنني محطمة نفسيا، وأصبت بخيبة أمل شديدة، بعد نشر أسماء المنقولات في الصحف، حيث وجدت من عين بعدي قد تم نقلهن، وبعضهن تخصص دين أو لغة عربية، ومن المتعارف عليه أنه تم الاكتفاء في هذه التخصصات!!
والحل الذي تطرحه رويدا هو إعادة النظر في حركة النقل، وعمل حركة ثانية، مع فتح المجال للتقديم في وزارة الخدمة المدنية سنويا، ليكون النقل سنويا أيضا دون معاناة، فمن تستطيع أن تصبر سنة أو سنتين، فلن تصبر 6 و7 و8 سنوات.
التلاعب في النقل
(أ.خ) معلمة اجتماعيات وجغرافيا في السعيرة التابعة لحفر الباطن منذ 7 سنوات، مع كونها من سكان الخبر، التي تبعد عنها مسافة ساعتين في السيارة، تقول: لابد أن هناك تلاعبا في استمارات النقل، فرغم تقدمي كل عام بطلب النقل فقد قيل ليّ إنه لم ترفع لي استمارة. وقبل عامين بدأ النقل بالتسلسل، حسب الاحتياج، بينما كانت شروط المفاضلة في السنوات الخمس الأولى الانتظام، وعدم وجود الإجازات والالتزام بالدوام المسائي أيام الاختبارات، حيث كنا لا نعود حتى الواحدة ليلا، انتظارا للنقل، ولكن دون فائدة، أما الأخريات اللاتي لم يلتزمن بكل ذلك، فقد نقلن بتقديرات تفوق الخيال. وقد رفضت المشرفة نقلي في السنوات الأولى، بسبب الاحتياج. وفي لقاء مع مديرة الإشراف قبل عامين طلبوا منا دفع ضريبة الوظيفة، مع أننا تعهدنا بالتدريس لمدة عام، وليس 5 سنوات. وتتساءل (أ.خ): لماذا لا يتم توظيف بنات كلية حفر الباطن الخريجات ليتم نقل الأخريات.
وتحكي مأساة إجهاضها قبل شهرين، بسبب الطريق غير المعبد، بالإضافة إلى وجود انحراف في العمود الفقري لديها، مما يسبب زيادة الآلام، ولأنها منطقة جافة تصاب دائما بالحساسية في الجيوب الأنفية، وهي متزوجة منذ العام الماضي، ولكنها لم ترزق بأطفال حتى الآن. تقول (أ.خ): مديرة المدرسة ترفض الأعذار المرضية التي نأتي بها من خارج حفر الباطن، بينما يعطى غيرنا (إجازات) من خارج المنطقة، وتقبل بسبب (الواسطة).
أدوية الطبيب أجهضتني
وتؤكد أنها من دفعة 1418ه، وهناك 3 زميلات لها، تم نقلهن لنفس المنطقة إحداهن بعد سنة واحدة، والأخرى بعد 5 سنوات، والثالثة بعد 6 سنوات، رغم أن أرقامهن أبعد من رقمها في قائمة الانتظار، ولم أحصل على إجازة سوى الأسبوع الأخير بعد الامتحانات، لعدم وجود عمل، وبعد إجهاضي وتعبي. تقدمت (أ.خ) إلى لجنة الظروف الخاصة، شارحة بأن والدتها مريضة، ووالدها متوفى، وظروفها الصحية لا تسمح، وقد كان سبب إجهاضها أدوية طبيب المركز الصحي هناك، والذي صرفها لها دون عمل تحليل حمل، رغم طلبها ذلك، وظلت تتناول الأدوية لمدة أسبوعين دون فائدة.. تقول: زوجي متفهم، ولكنه مقهور للتلاعب الموجود في حركة النقل، وأفكر في تقديم الاستقالة أو إجازة استثنائية، خاصة بعد أن قرأنا في الجريدة أن الوزير لم يأخذ بأي ظرف خاص.
تساؤلات للحارثي
المشرفة التربوية عتاب السالم من قسم الاجتماعيات تقول: ذكر وكيل الوزير للشؤون تعليم البنات الدكتور عبدالعزيز الحارثي في (اليوم)، الأربعاء 19/5/1425ه عدد (11345)، وتحت عنوان (حركة نقل المعلمين والمعلمات) قائلا: روعيت فيها الدقة والعدالة في المفاضلة بين المعلمين والمعلمات، وعلى ذلك قال إنه تم نقل المعلمات على حسب الضوابط والأنظمة.
أولا: على حسب تاريخ المباشرة، فقد باشرت عملي في نجران بتاريخ 21/6/1419ه، ومنذ عام 1419ه كان ترتيبي على قائمة الانتظار 22، وحتى الآن لم يتغير.
ثانيا: تم ذكر أنه تم نقل المعلمات على حسب الغياب بعذر، وبدون عذر، وأنا ليس لدي غياب بدون عذر، ولا إجازة استثنائية، أما بالنسبة للغياب بعذر فلديّ 7 أيام فقط.
ثالثا: تحدث أيضا وكيل الوزير عن المفاضلة، عن طريق الأداء الوظيفي، وأدائي الوظيفي ولله الحمد (ممتاز)، مع مؤهلي الجامعي بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف. ومع كل هذه الأنظمة التي قيلت توجد معلمة اجتماعيات تم نقلها إلى قرى الأحساء الشرقية، رغم غيابها، مما أدى إلى طي قيدها لمدة سنة ونصف السنة، ثم باشرت عملها قبل نهاية العام بشهرين ونصف الشهر، وبذلك لم يتم رفع أدائها الوظيفي، ولم يتم تقييمها، وكان تقدير أدائها قبل السنة ونصف السنة (جيدا)، ومع ذلك تم نقلها، كما ذكرت إلى نفس المنطقة التي طلبتها، وأنا أعلم بأن مباشرتها عام 1418ه، ولكن هل تحسب لها خدمة سنة ونصف السنة غياب. مع أنها خلال السنة ونصف السنة لم تجتهد في عملها، بل لم تكن على رأس العمل فكيف تنقل؟! بالإضافة إلى طي قيدها لمدة سنة ونصف السنة، وهي الفترة التي رفعت خلالها الاستمارات لتقييم المعلمة، علما بأن المعلمة لا يتم تقييمها إلا بعد مضي 6 أشهر على خدمتها.
وضاع العمر
أحلام سعد الجبر بدأت حديثها بقولها (إنا لله وإنا إليه راجعون).. متسائلة: أتعرفون متى يقال هذا الدعاء؟.. عندما تحدث للإنسان مصيبة، فقد أصبت بمصيبة، بل مجموعة من المصائب، والسبب حركة نقل المعلمات، التي طالما حلمت بها منذ أعوام، بينما يضيع العمر بلا فائدة، ولم أجن حتى أبسط الحقوق، وهي أن أعيش حياة استقرار وراحة بال، وسط عائلتي في الخبر في المنطقة الشرقية، التي ولدت ونشأت وتعلمت فيها.
وتروي أحلام بداية مأساتها، عندما حاولت تقديم ملفها لديوان الخدمة المدنية (قبل التحول إلى وزارة) في الدمام عدة سنوات دون فائدة ترجى، فنصحها جميع من تعرف بتقديم أوراقها إلى مناطق أخرى، وشجعها والدها بعد تقاعده منذ 6 سنوات، حيث قال لها (لا مانع لديّ من الذهاب معك كمحرم إلى أي منطقة أخرى لمدة عام أو عامين)، ولكن المدة كما تقول أحلام أصبحت 6 أعوام دون نقل، مع أنني تركت ابنتي الوحيدة، وعمرها عامان، وهي الآن ستنتقل للصف الرابع الابتدائي في الخبر، حيث تقيم مع أمي واخوتي. وقد تدهورت حالة أبي النفسية والصحية، وأصبح بحاجة إلى العلاج والدواء بشكل مستمر، حيث لا يتوافر في السليل بمنطقة وادي الدواسر، فيقوم أخي بإرسال الأدوية إلى هناك، مع اصابة الوالد بنوبات إغماء بين حين وآخر، بسبب مرض السكر، ولا يوجد مستشفى جيد للعناية به في السليل، ولم أستفد من رواتبي التي تذهب لسداد فواتير الهاتف، للاطمئنان على ابنتي وأهلي، بالإضافة إلى المواصلات وتذاكر السفر وإيجار السكن وهكذا.. فأين العدل في تشتيت العوائل، ومنعهم من راحة البال؟! وأين العدل في إهدار الرواتب والمال في أشياء يمكن الاستغناء عنها بحركة بسيطة، هي حركة نقل المعلمات.
حرمت من النوم والأطفال
(ن.غ) معلمة اجتماعيات في صبيا منذ عام 1419ه، تدرس 24 حصة أسبوعيا، تقول: ظللت مدة أذهب من جيزان إلى مدرستي على بعد ساعة ونصف الساعة، ثم انتقلت للسكن وحدي في أبو عريش، على بعد ساعة تقريبا، وترى المديرة بكائي وتوتري كل يوم، لخوفي من النقل اليومي وبعد السكن، فتنصحني بالاستقالة، وتكمن مشكلتي في أنني متزوجة منذ 12 عاما، وقد خضعت لعمليات كثيرة من أجل إنجاب طفل، بمعدل عمليتين أو أكثر كل عام، أكثرها لم ينجح، بينما نجحت مرتين، ولم يستمر الحمل، بسبب المسافات الطويلة التي أقطعها. وقد ضمنت الوظيفة، ولكن هل سيكون لدي أطفال يوما ما؟! كما تشكو (ن.غ) من حرمانها من النوم، بسبب القلق والتوتر والعصبية والحالة النفسية السيئة، وأكثر ما يؤرقها هو الغربة وعدم الإنجاب. بعثت (ن.غ) خطابا للمسؤولين في وزارة التربية والتعليم عن نفي المعلمات متسائلة: ألم تسألوا أنفسكم ماذا تفعل المعلمات في الغربة؟ وكيف ينتقلن من مكان لآخر؟ وبأي حالة نفسية؟! ألم تسألوا أنفسكم عن حالات الطلاق وتعدد الزوجات؟ وعن حالات المساومة مع الأزواج لترك الوظيفة؟ ألم تسألوا أنفسكم عن حالات الإجهاض المتكرر، بسبب المسافات الطويلة؟! وتتمنى (ن.غ) أن تجد إجابة شافية لأسئلتها الكثيرة.
معلمات محو الأمية
تعمل (ن.ن) معلمة لغة عربية من سكان منطقة الأحساء، وتعمل في منطقة حفر الباطن منذ 5 سنوات، وتتساءل: من المسؤول عن غربة المعلمات وتشتيت شملهن؟! تقول: رغم أولويتي في النقل، لسببين أولهما أنني قضيت 5 سنوات من عمري، بعيدا عن زوجي وأهلي، ولا يخفى على أحد معاناتي النفسية والجسدية هناك. أما السبب بالثاني فهو أنني متزوجة منذ 8 سنوات، ولم أنجب حتى الآن ولديّ برامج علاج مكثفة في الرياض، ولكم أن تتخيلوا المعاناة فأنا معلمة في حفر الباطن، وزوجي في الأحساء ومواعيدي في الرياض، ومع ذلك أقول أولا وأخيرا الحمد لله على كل شيء، ولا يأس مع الحياة، لأن الله مع الصابرين، وكل ذلك ابتلاء. ولذلك فأنا أوجه ندائي إلى عدد من المسؤولين: أولهم مدير التعليم بمحافظة الأحساء محمد الملحم: هل من المعقول أنه لا يوجد احتياج لمعلمات اللغة العربية، لدرجة أن بعض المعلمات اللاتي مضى على غربتهن 6 سنوات لم يتم نقلهن حتى الآن؟!! أم أنه يتم سد النقص في هذا القسم بمعلمات محو الأمية، علما بأنه تم تعيين 720 معلمة من جميع الأقسام في محافظة الأحساء، على هذا البند خلال العام الماضي.. وبذلك أهمل موضوع المعلمات المغتربات.
كما توجه نداء إلى وزير التربية والتعليم: إلى متى ستستمر مشكلة غربة المعلمات؟! وهل عجزتم عن إيجاد حل لهذه المشكلة؟ وماذا بشأن لم الشمل، الذي هو بالأحرى تشتيت الشمل؟!
معانات الإنتظار المستمر للوصوال إلى المدارس
الحوادث قتلت الكثير من بناتنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.