إن حقوق الانسان في الاسلام دائمة مع تعاقب الليل والنهار، راسخة رسوخ مفاهيم القرآن في أذهان بني الانسان جلية كجلاء الصبح في الافلاق. فهي كذلك كونها اشمل واعدل واثبت من حقوق الانسان عند غير المؤمنين بشريعة الاسلام لانها من عند الله تبارك وتعالى القائل في محكم التنزيل (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وهذه الحقوق تعتمد في مجملها على العدل والمساواة وتعنى بحماية الضرورات الخمس التي تقوم عليها الحياة وبدونها تختل الموازين ويفقد الانضباط الذي يضمن للحياة سلامتها وللبشرية استقرارها وللنفوس كطمأنينتها. ومن هنا تميزت الشريعة الاسلامية على غيرها من الشرائع المحرفة والقوانين الوضعية فيما يتعلق بهذه الحقوق وحمايتها مما كان لذلك الاثر الواضح والفاعل في سلامة الافراد والمجتمعات الاسلامية ولكن هيهات هيهات ان تترك المجتمعات الاسلامية لتعيش وابناؤها هذه الميزات دون ظهور من يحاول الاخلال بها وتعكير صفوها وافساد امنها وضياع عقيدتها من اعداء الامة الاسلامية من غير المسلمين وممن يدورفي فلكهم من المنتسبين الى الاسلام الذين يفتقدون التربية الاسلامية الصحيحة ويزعمون في ذات الوقت اهتمامهم بأمور الانسان المسلم ولا سيما المرأة المسلمة فيروجون مزاعم باطلة وافكارا مضللة بشأن حقوق الانسان في الاسلام ومن هذه المزاعم الواهية ان الاسلام يظلم المرأة وينتقص من حقوقها ويقلل من شأنها ويلغي دورها ويعلي درجة الرجل عليها. انهم يروجون ذلك بكل زور وبهتان لا يقبله عقل انسان يتبع الحق ويتجنب الباطل (ان الباطل كان زهوقا). في حين ان الواقع الذي لا يعتريه نقص والحقيقة التي لا تقبل الجدل، والمنطلق الذي لا يرقى اليه الشك ان واقع الاسلام هو غير ذلك البتة اذ انه دين العدل والمساواة دين احترم المرأة وحرص على تربيتها ويسر لها معيشتها وضمن لها مقومات حياتها واهتم بشؤونها وحفظ مكانتها في المجتمع أمّا رؤوما واختا حنونا وزوجا ودودا وابنة بارة وحماها من المكائد والدسائس والتآمر على سلوكياتها وكفل لها حياة كريمة ما لم تكفله لها غيره من قوانين واحكام صاغها بشر مجتهدون يعتريهم القصور وهم معرضون في الاصل للخطأ والنسيان فالكمال لله سبحانه وتعالى . والشواهد على المساواة بين الرجل والمرأة في الاسلام عديدة نشير الى بعضها بالحق جازمين والى بيان الواقع صائرين وهي على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر. فالاسلام بدءا ساوى بين الرجل والمرأة وأنهما من اصل واحد ودليلنا على ذلك قول الحق تبارك وتعالى (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم). وساوى الاسلام بينهما في المسؤولية، والشاهد على هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالامام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع في اهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها) بل نضيف الى ما هو ابعد من ذلك وهو ان الاسلام اعطى المرأة ثلاثة حقوق في البر مقابل حق واحد للاب جاء ذلك في حديث المصطفى عليه صلوات الله وسلامه عندما سأله احد الصحابة رضي الله عنهم قائلا: من أحق الناس بصحبتي يا رسول الله؟ فقال: عليه الصلاة والسلام امك, قال: ثم من؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال: ابوك كل ذلك ادراكا لدورها وتقديرا لرسالتها ووفاء لصبرها واحتراما لجهودها وابرازا لمكانتها. بل انه تقدير للمرأة كأم تغدق على وليدها في مختلف مراحل نموه المتعاقبة بالحنان والعطف والاهتمام في عاطفة سامية لا يوجد لها مثيل قال صلى الله عليه وسلم (الجنة تحت اقدام الامهات). مما تجدر الاشارة اليه في هذا المقام وتحديدا فيما يتصل بالسلوك الاجتماعي الاسلامي للمرأة من خلال التزامها في الملبس وفي عدم الاختلاط بين البنين والبنات في التعليم وبين الرجال والنساء في ميدان العمل وغيره فانه تكريم للمرأة ومحافظة عليها من ابداء زينتها للرجال الغرباء وحفظ لطهارتها وصون لعفتها وحماية سلوكياتها من الانحراف وصد خطر الرجال عليها لان المرأة اذا فسدت في اي مجتمع فسد ذاك المجتمع بضياع انسابه وانعدام اخلاقه وتقطع صلة المودة والوئام بل ان ذلك يؤدي الى ضياع الاجيال المتعاقبة عندما تفقد العفة والعفاف، وتنتهك الاعراض والاخلاق, فهل من معتبر؟! كم من بيوت دمرت بدعوى حرية المرأة المزعومة والمغلوطة في آن واحد يحررونها من ماذا؟! انهم يريدون تحريرها من العفة والطهارة والاخلاص ويسوقونها الى التبرج والسفور والى اوحال الرذيلة والفساد فهل من متعظ؟! كم من نساء ذقن آلام القهر والضغوط النفسية لانحراف فهمي في مفهوم المساواة الخاطئة بين الرجل والمرأة وما استتبع ذلك من انحرافات متعدددة في صورها، شائنة في سلوكياتها ومريرة في نتائجها. يضاف الى هذا العدد المتنامي من الاطفال غير الشرعيين الذين يولدون في المجتمعات التي اساءت فيها بقصد واضح للمرأة وتحريرها الذي يهتمون به، فيجد هؤلاء الاطفال انفسهم في هذه الحياة دون آباء يوجهونهم ودون امهات يرعين شؤونهم, ترى ماذا يكون عليه حالهم؟ وماذا يكون عليه مآل مجتمعاتهم؟ انه التشرد والفوضى والاضطراب السلوكي وتنامي الجريمة بدافع الحقد المتأصل في نفوسهم على مجتمعاتهم التي لم ترحمهم ولم توفر لهم التربية السليمة والحياة الآمنة والمستقبل الواعد المنظور. ألا يتعظ اولئك من جراء ترهاتهم المضللة وادعاءاتهم الباطلة وما أدت إليه نتائجها في مجتمعاتهم مما جعلهم يوجهون سهامهم الى المجتمعات المسلمة والى المرأة المسلمة على وجه الخصوص. الامين العام المساعد لشؤون المساجد برابطة العالم الاسلامي رئيس اللجنة العليا لندوة حقوق الانسان في الاسلام