إنه إحساس يراودنا بعد كل فترة سعادة.. بعد كل مدة لقاء سعيدة.. إنه ذلك الإحساس الذي يجعلنا نشعر بمرارة الدنيا وصعوبة اللقاء مرة أخرى. فكم من دموع سقطت.. وكم من كلمات خرجت.. وكم من آلام وأحزان طغت على ذلك الإنسان بعد موقف أليم..!! إنه موقف للأسى لذلك الإنسان المودع لأحبائه إحساس غريب ومؤلم في الوقت نفسه فهو إحساس يراودنا دائماً فلابد أن نعلم أن بعد كل هذه المقابلات والجلسات سيأتي أصعب شيء بها وأقساها على النفس.. إنه هاجس الفراق الذي يقلقنا دائماً. فكثيرون من مروا في حياتنا بل وجلسنا وتكلمنا معهم ولكن لن يكون جميعهم أحباباً لنا.. بل من بقي وداعه مؤثراً فينا هم من يستحقون أن يكونوا أحباباً لنا. فنحن عندما نمد كفنا للوداع ستتأثر قلوبنا وبعدها تزرف دموع عيوننا وكل دمعة تسقط تحمل معها هذا السؤال: لماذا الأحباب يتفرقون؟ ولكن نجد الجواب في عيون من نودعهم والجواب يقول: تلك سنة الله في هذه الحياة فبعد كل لقاء لابد.. لابد من الفراق حتى تستمر تلك المحبة في القلوب.. فماذا سيحصل لذلك الإنسان؟! سيتأثر ويشعر بشيء غريب.. يتذكر ما كان يفعله معهم يتذكر المواقف التي جمعتهم ببعض لحظتها يتمنى لو أن اللقاء يمتد للحظات حتى لا يفارقهم ولكن لن يحصل حتى ولو طالت اللحظات شهوراً وسنين فسيأتي هذا القدر المكتوب إنه الفراق ثم ما تلبث هذه اللحظات لحظات الوداع أن تنتهي فصدق من قال مهما طال حلو اللقاء فلابد من مر الفراق فسيذهبون هم في ركب حياتهم ونحن في ركب حياتنا فستمر الدقائق بعدهم والثواني وحتى اللحظات ثقيلة جداً بعد أن كانت الساعات ثواني، فبعد ذهابهم عنا سنتذكر كل أيامنا معهم كل دقيقة مرت علينا ونحن معهم سعيدون بهم فستظل هذه الأشياء مستمرة لأن كل شيء يحيط بنا يذكرنا بهم.. حتى نسمات الهواء ستحمل معها كل ذكرى للأحباب.. فستظل هذه الذكريات معنا حتى نلتقي بهم مرة أخرى لأن الأمل موجود فينا مهما بلغ الأمر من صعوبة. وفي لحظة اللقاء مرة أخرى نشعر بالسعادة وأيضاً لا نملك سوى قول الشاعر: وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا فهذا هو لسان حالنا يردد ذلك البيت بعد شكرنا لله الذي بلغنا رؤيتهم بعد أن ظننا أن لا تلاقيا. فالفراق: شيء عجيب ولكن قدرة الله لنا في هذه الحياة حتى نشعر بقيمة من أحببنا. وأخيراً: نسأل الله تعالى أن يجمع شمل كل مفترق ونقول إن افترقنا في هذه الدنيا الزائلة فنسأل الله تعالى أن نجتمع في جنة عرضها السموات والأرض وصدق الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال «احبب من شئت فإنك مفارقه».