حزن وألم، قتلى ومصابون، جثث وإشلاء متناثرة، والنتيجة حصد ارواح 200 الف شخص سنويا بالدول العربية ووقوع نصف مليون حادث تسبب في 80% منها العنصر البشري. والحوادث المرورية خلال العشر سنوات الماضية خلفت 35 الف قتيل وأكثر من 284 الف مصاب وسقوط قتيل واصابة ثمانية كل ساعتين حتى ان ضحايا السيارات اكثر من ضحايا الحروب والكوارث. هذه المعلومات التحليلية والدراسات الإحصائية الموثقة تناولها الإصدار الاخير للكاتب صلاح بادويلان بعنوان (دماء على الطريق قصص وعبر من حوادث المرور)، تناول الكتاب الذي اهداه المؤلف الى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رجل الأمن الأول وصاحب منظومة الأمن الحريص دائما على أمن وسلامة الوطن. العديد من الاحصائيات التي تبين الأثر السيئ لمخالفة النظام وعدم التقيد بقواعد السير بأن السائق يتسبب بالدرجة الاولى في الحوادث بنسبة 85% والطريق عامل ثانوي وعطل السيارة وانفجار الإطارات عوامل اخرى والسرعة تشكل أكثر من 43% من الحوادث يليها قطع الإشارة ثم التجاوز الخاطىء. والكتاب ليس سردا لحوادث مرورية تحدث يوميا بل هو تشريح دقيق للعديد منها مع التركيز على البعد الإنساني لبيان مدى الضرر وأخذ العظة والاعتبار ولذلك قسم المؤلف الكتاب لعدة فصول.. تناولت القضية من عدة زوايا هي: الفصل الأول: عرض للعديد من الحوادث المأساوية لشبان في مراحل سنية مختلفة مع التركيز على صغار السن الذين ما يكون معظهم لا يحمل رخصة أو يسير بتهور فيدفع الثمن حياته ومن معه. الفصل الثاني: عن الطرق الدولية التي أنفقت عليها الدولة المليارات واصبحت قمة في الجودة والجمال ومع ذلك تحولت الى مقبرة تحصد عليها الارواح البريئة بفعل فئة متهورة من السائقين خالفت القواعد وجهلت الطريق فكانت الكارثة. الفصل الثالث: يتناول بالعرض والتحليل حوادث المعلمات التي اصبحت مثار رعب في كل بيت حتى اصبحت الطرق تبتلعهم وكل يوم يشعرون بالموت ذهابا وايابا من خلال عدد من الحوادث المثيرة والمفجعة حتى أصبح السؤال مرسوما على الطرق السريعة متى يتم ايقاف شلال الدماء؟ وكيف لنا ان نمنع دمعة تسقط على خد والد ووالدة المعلمة. متى يشعرن بالأمن والأمان وان يُعدْنَ الى بيوتهن معافات.. لا جثث أو ضحايا متناثرة فيضيع العمر هباء. ولأن هذه القضية تشكل هاجس كل بيت فقد ركزَّ عليها المؤلف من خلال عدة عناوين تجمع بين الإثارة والتشويق من خلال اسلوب أدبي يجمع بين البساطة في الطرح شكلا ومضمونا مثل من قاتل المعلمات بدون رخصة هربا من التفتيش فقتل المعلمات، قتيلة ليلة الزفاف، قتيلة في خبر كان. الفصل الخامس والسادس والسابع: لجأ الى التعدد والتنوع من خلال عرض لحوادث قصيرة متعددة ومثيرة للغرابة لحوادث بشعة جرت في معظم مدن المملكة ولأفراد من مراحل سنية مختلفة وذلك كأسلوب جديد يكسر حاجز الملل ويخرجه من دوامة الحوادث المطولة منها يتلف 3 سيارات ويموت اربع فتيات بينهن رضيع، بلعب الكرة فيموت دعساً. وفي منحى آخر تناول الكاتب قضية الجمال السائبة المنتشرة على الطرق السريعة بلا ضوابط حتى اصبحت مصيدة للموت.. ولا يمر يوم الا وتترك بصمة سيئة تترك آثارها على وجوه الضحايا. ورغم جهود الدولة ومقاومتها لهذه الظاهرة الا ان جهل القلة واستهتارها ساهم في بروز هذه الظاهرة حتى أصبحت مصدر رعب لكل من يمر بسيارته على الطرق سواء المحلية او السريعة. ولان الكاتب شخص الداء بوضع جراح ماهر من خلال الدقة في العرض والتحليل والإبحاد بذاكرتنا من خلال عدد من الحوادث المفجعة لتكون عبرة وعظة لتلافي الاحداث وآلام الطريق فقد وضع الدواء من خلال عرض لجهود العين الساهرة التي لا تكل ولا تهدأ من أجل راحة وأمن المواطن وهذا ما دعاها الى التطبيق الفعلي للعقوبات الجديدة في مسعى منها الى وقف نزيف الموت والحد منه وما ينجم عنها من اصابات ووفيات، فالكارثة كبرى والضحايا كثيرون بعد ان استنزفت الضحايا والأسفلت غطته الدماء البشرية، فهو أمر خطير وحصاده مر ونتيجته مدمرة وأثره مظلم على الاجيال القادمة، وهذا ما يبين الجهود الجبارة التي تقوم به اجهزة الأمن وغيرها من جهود ملموس ومدروس لوقف النزيف وذلك من خلال قراءة متأنية لتسليط الاضواء على هذه الجهود من خلال قرارات مجلس الوزراء من سحب الرخص في حالة تكرار الحوادث وتنفيذ عقوبات الحق العام والغرامة على عدم ربط حزام الأمان والسجن وسحب الرخصة في حالة تكرار المخالفة. ثم قراءة اخرى لتصريحات الأمير نايف بن عبدالعزيز حول هذه القضية مؤكدا ان ضحايا السيارات اكثر من ضحايا الحروب والكوارث وان الاقتصاد الوطني يخسر 7 مليارات سنويا كما افرد لآراء الأمير أحمد بن عبدالعزيز ومدير الامن العام ومدير مرور الرياض الذين اسهبوا في بيان خطورة هذه القضية داعين الى تجاوب المواطن مع الحملات المرورية المتكررة والمنتشرة في جميع مناطق المملكة. في الفصل الأخير عبارة عن مشاهدات وعبر من خلال عدة صور مثيرة لحوادث مفجعة من أشكال وزوايا متعددة حتى يتبين للقارىء النتيجة التي يمكن ان يحصدها لمجرد قطع الإشارة او السرعة المتهورة. عموما الكتاب هو جهد وبحث ودراسة نزيهة ومحايدة عن قضية خطيرة تمس حياتنا اليومية وتستنزف الكثير من الجهود والطاقات وذلك من خلال عرض لعدد من الحوادث التي صيغت بأسلوب أدبي شيق يجمع بين القصة والحكاية والتميز في الشكل والمضمون بغرض العظة والاعتبار لكل متهور.