أظهرت أرقام الانتخابات الأمريكية فوز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن برئاسة أمريكا.. والسؤال: ما انعكاسات اختيار الرئيس بايدن على بلادنا وعلى المنطقة؟ بالنسبة للمملكة فلا أعتقد أن ثمة تغيُّرات مهمة، والسبب أن علاقة المملكة بالولاياتالمتحدة علاقات إستراتيجية عريقة، لا تتغيَّر بتغيُّر الرؤساء، ولا بتوجهاتهم الأيديولوجية. صحيح أنها قد تتحسَّن مع هذا قليلاً أو تتراجع عند ذاك قليلاً، إلا أنها في المجمل علاقات راسخة مستقرة، تحكمها المصالح لكلا الطرفين. تعامُل أمريكا مع المملكة تحكمه حقيقة فحواها أن المملكة دولة وازنة في المنطقة، سواء على المستوى الديني أو الاقتصادي أو الجيوسياسي، وبالتالي لن يكون تغيُّر الرئيس له تغيُّرات جذرية، لأن أمريكا دولة مؤسسات راسخة، وهي التي تحكم توجهات سياساتها المبنية دائماً على المصالح. هناك ثمة تغيُّرات كثيرة ومؤثِّرة جرت في المنطقة والعالم تُحتم على الرئيس الجديد أخذها بعين الاعتبار، ولعل أهمها بالنسبة لنا الشأن الأمريكي - الإيراني، فقد اتضح خلال السنوات الأربع الماضية أن جمهورية الملالي سبب من أسباب عدم الاستقرار في المنطقة والعالم، وأن الرهان على أنها (سترعوي)، وتوجه ثرواتها إلى المواطن الإيراني في الداخل كان تفكيراً رغبوياً، فالأولوية القصوى لدى الإيرانيين التوسع، وتصدير الأيديولوجيا، وبسط النفوذ، وإثارة القلاقل تمهيداً لسياستها؛ وهذا بلا شك سيكون حاضراً وبقوة في حالة إعادة إحياء الاتفاقية النووية مع إيران. نحن ندرك جيداً أن إيران دولة جارة، واستقرارها من مصلحتنا، ولكن الاتفاقية الملغاة كانت قد أعطت لإيران الفرصة ليس لإصلاح شؤونها الداخلية، وإنما لإطلاق يدها، ويد ميليشياتها في المنطقة، ما جعلها سبباً رئيساً من أسباب عدم استقرار المنطقة، الأمر الذي لا بد وأن تأخذ الاتفاقية النووية في حال إعادتها هذه الأمور في عين الاعتبار. النقطة الثانية المتعلقة بتركيا وجماعة الإخوان التي تلقت ذلك بالتصفيق والاستبشار، متوهمين أن زمن الربيع العربي البائس سيعود. وهذه كما قلت في إحدى تغريداتي في تويتر هي بالمختصر المفيد (دلاخة) سياسية بامتياز، أضف إلى ذلك أن عرَّاب جماعة الإخوان رجب طيب أردوغان اقترف من الأخطاء والممارسات العنترية الدنكشوتية ما يجعل كبح جماحه وتقليم أظافره مطلباً عالمياً ملحاً، ليس فقط بالنسبة لنا في المنطقة، وإنما بالنسبة للدول الأوربية، التي تنتظر بايدن ليعيد التحالفات الأوربية - الأمريكية إلى سابق عهدها. أضف إلى ذلك أن الأوربيين، وبالتحديد فرنسا، بدأوا يدركون خطورة (الإسلام السياسي) على العالم أجمع وليس على المنطقة العربية فحسب، وإذا كانت التجارب هي أقوى الأدلة كما يقولون فإن ما حدث مؤخراً في فرنسا والنمسا يثبت أن جماعة الإخوان التي هي الرحم الذي أنجب كل هذه الحركات، يحتم على أمريكا بايدن أن تأخذ هذه المستجدات في الاعتبار. بقي أن أقول إذا ذهب ترامب، وجاء بايدن، فالمملكة دولة وازنة، ومؤثرة، ولن تتغير علاقاتنا الإستراتيجية مع الولاياتالمتحدة في التحليل الأخير. إلى اللقاء