ظاهرة التعصب الرياضي في مجتمعنا آفة ينبغي التغلب عليها لأسباب اجتماعية وصحية ونفسية ورياضية. ومفهوم التعصب بشكل عام هو شعور داخلي، يتولد لدى الشخص، ويعتقد أنه على حق، وأن الآخرين على باطل. ويظهر هذا التعصب في شكل مواقف متزمتة، واحتقار الآخرين، وعدم احترام إنسانيتهم وحقوقهم. بينما مفهوم التعصب الرياضي هو مرض الحب الأعمى لفريقه، وفي الوقت نفسه مرض الكراهية العمياء والمقيتة للفريق المنافس، لدرجة تمني الضرر للفريق المنافس. فالشخص المتعصب يحب ناديه بشكل مبالغ فيه، يجعله يُخفي الحقائق عن فريقه المفضل، وكذلك حقائق الفريق المنافس وتميزه وانتصاراته وبطولاته؛ فيقف موقف التشكيك في كل ما يخص الفريق المنافس بسبب تعصبه لفريقه المفضل. وأسباب التعصب الرياضي كثيرة، منها نقص الثقافة الرياضية لدى العديد من الإعلاميين والمشجعين، وكذلك قلة وندرة وجود القدوة في اللاعبين والإداريين والرياضيين في الأندية للمساهمة في تقليل حدة التعصب الرياضي، وكذلك بعض الإعلاميين -هداهم الله- يعشقون حب الإيذاء للفريق المنافس، ويستغلون اللقاءات الرياضية لتحقيق ذلك، وكذلك عدم تحقيق الأندية الانتصارات والبطولات للفريق المفضل للشخص المتعصب، وقيام مسؤولي بعض الأندية بتصاريح استفزازية ومثيرة للجدل، من شأنها إثارة التعصب الرياضي، وكذلك وجود صراعات تنظيمية داخل الأندية؛ فيتم تقديم إشاعات لكسب مصالح شخصية على مصلحة الكيان الذي ينتمي له، وأيضًا عدم التمتع بالروح الرياضية والإيمان بالتنافس الشريف وتقبل الخسارة. ومن مظاهر التعصب الرياضي عدم تقبل الرأي الآخر، والتحيز للرأي الشخصي والتمسك به، والدفاع عنه، سواء كان على حق أو باطل، وهذا سمة من سمات التعصب الرياضي؛ وهو ما يجعله سريع الغضب، ويبدأ بالسب والشتم على الآخرين، ويحاول إيذاءهم؛ وهو ما يوقعه تحت طائلة المساءلة القانونية. وكذلك الإيمان بأوهام غير حقيقية، وفكرة المؤامرة ضد فريقه المفضل، واعتقاده الخاطئ أن معظم الجهات الرياضية واللجان والتحكيم تقف ضد فريقه المفضل مهملاً ومتجاهلاً سوء أداء فريقه، وإخفاق مدرب الفريق في تحقيق الانتصارات، وضعف إدارة الفريق في إحراز البطولات. وكذلك لا ننسى بعض البرامج الرياضية -وبكل أسف- التي تغذي المشجعين الرياضيين بمحتوى إعلامي هابط، يثير التعصب الرياضي، من خلال الوقوف مع فريقها المفضل عبر أغلب الإعلاميين الضيوف لتلك البرامج، سواء كانوا على حق أو باطل، واستغلال هذه المنصة الإعلامية الرياضية لنشر الكراهية ضد نادٍ معين، والتقليل من تميزه، والتشكيك في إنجازاته وبطولاته. كل هذه من شأنها أن تزيد التعصب الرياضي بين الجمهور الرياضي؛ وبالتالي التجاهل والتقصير في دور هذه البرامج الرياضية في التشجيع على الروح الرياضية والأخلاق الحميدة في التنافس الرياضي وتقبُّل مفهوم الفوز والخسارة.. فالموضوع لا يحتمل أكثر من ذلك. لذلك النيابة العامة كان لها موقف حازم ومشرف حينما حذرت من التعصب الرياضي، سواء المنتمون للوسط الرياضي، أو الجمهور الرياضي، استنادًا إلى ما تم نشره في إحدى وسائل الإعلام، من خلال ما تم رفعه من مركز الرصد في النيابة العامة الذي يعمل على مدار الساعة، بشأن قيام أشخاص بنشر محتوى معلوماتي عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ينطوي على إثارة التعصب الرياضي، ونشر روح الكراهية في الوسط الرياضي، وزعزعة الثقة في عدالة المنافسة ونزاهة الهيئات الرياضية ومسؤوليها. ودعت النيابة العامة الجميع إلى التحلي بروح الوسطية، والاعتدال في الميول الرياضية، ونبذ التعصب المقيت المنطوي على الإساءة للآخرين أو البذاءة اللفظية، وكل ما من شأنه المساس بنزاهة وعدالة الهيئات الرياضية. صحيح أن كل شخص لديه ميول، ويعشق فريقه.. وهذا حق مكتسب للجميع، ولكن نتمنى أن هذا العشق لا يخرج عن دائرة مباراة كرة القدم التي طبيعي أن تنتهي بفوز أو خسارة، والتحلي بالروح الرياضية، والإيمان بالتنافس الشريف، ولا تحتمل خسارة الأرواح أو صحة الشخص بسبب نتيجة مباراة؛ فلا تتعب نفسك.