عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر غرد معالي وزير الصناعة قائلاً: «بعد شهرين من تطبيق قرار تحمُّل الدولة المقابل المالي للمصانع 3 آلاف سعودي باشروا العمل، والترخيص ل124 مصنعًا جديدًا باستثمارات تجاوزت مليارَي ريال، سوف توفر 6 آلاف فرصة عمل جديدة. بشائر إيجابية؛ تدعو للتفاؤل، وتعزز دور القطاع في توليد الوظائف والاستثمار». والمقابل المالي هو أحد إصلاحات برنامج التوازن المالي التي بدأ تطبيقها منذ ثلاثة أعوام، التي من بين أهدافها تحسين تنافسية العامل السعودي من خلال رفع تكلفة العمالة الوافدة. وبالعودة لما ذكره وزير الصناعة فإنه بهذه النتائج السريعة التي أعلنها وكأنه يوضح أن رسم المقابل المالي على العمالة الوافدة شكّل عقبة رئيسية أمام توظيف المواطنين، وأيضًا ضخ الاستثمارات بقطاع الصناعة وتنميته، ورفع مساهمته بالناتج المحلي. وهذا الاستنتاج يسوق لطرح أسئلة عديدة حول ما ورد بتغريدة معالي الوزير؛ فكيف يمكن الحكم على أنه بفترة لا تتجاوز شهرين تغيرت طبيعة نشاط قطاع الصناعة؟ فما يسهم بنشاط أي قطاع هو تحرُّك عجلة النمو بالاقتصاد داخليًّا وعالميًّا، فهل هناك تغيُّر رَفَع من حجم الطلب المحلي؟ وإذا كان هذا ما حصل فعليًّا فإن المقابل المالي قد يقلل من الأرباح، ولكن سيتم استيعابه مع زيادة الطلب والإنتاج. أما إذا كان ربح المصنع يتوقف على مزيد من الدعم والتحفيز فإن ذلك يعد عاملاً سلبيًّا في مستقبل تنافسية الصناعة الوطنية داخليًّا وخارجيًّا، وإذا كانت الرسوم مثلت هذا التحدي الكبير أمام مصانع المملكة، أو نسبة كبيرة منها، فإن ما تغيَّر خلال شهرين من تسارع بضخ استثمارات، والترخيص لأكثر من مائة مصنع، يعني الفائدة للاقتصاد تتحقق بدون هذه الرسوم. فإذا كان هذا التغيُّر الكبير الإيجابي حدث بقطاع الصناعة، وتم ضخ مليارَي ريال بمتوسط مليار ريال شهريًّا، فهل بقية القطاعات الأكبر حجمًا من الصناعة بالاقتصاد الوطني لو أُعفيت لفترة من المقابل المالي ستحقق جذب استثمارات وتوظيف للمواطنين أضعاف ما تحقق بقطاع الصناعة مثل قطاع الخدمات أو المقاولات وغيرها؟ فالنتائج الإيجابية السريعة التي انعكست على قطاع الصناعة، وربطها بتحمُّل الدولة للمقابل المالي، تفرض بالضرورة تطوير مؤشرات دقيقة، تدعمها وزارة الصناعة، تقيس الطلب على المنتجات المصنعة محليًّا لمعرفة واقع القطاع، وما يؤثر فيه. ومن المهم معرفة أين كان التوظيف في أي الصناعات لمعرفة أين ارتفع النشاط، وما هو النشاط الصناعي الذي يمتلك حساسية عالية تجاه أي تكاليف ترتفع فيه، تحديدًا رسوم العمالة الوافدة.. فالقطاع الصناعي يحظى بتحفيز ضخم من الدولة منذ عقود، وبممكنات عديدة؛ فكيف سترتفع تنافسيته؟ ومتى إذا ما نحينا هذه المحفزات جانبًا، وتمت المقارنة مع الدول الصناعية المتقدمة أو الناشئة؟ إذا كان تحمُّل المقابل المالي أعطى كل هذا الأثر الإيجابي بقطاع الصناعة فمن الضروري قياس الأثر ذاته على قطاعات أخرى، ومقارنتها بالمنفعة المتحققة في بقاء المقابل أو الإعفاء لفترة مماثلة لما حدث بالقطاع الصناعي؛ فمن غير المعقول أن يصنع المقابل المالي كل هذا التأثير السلبي على أي قطاع؛ إذ لا بد من تحليل شامل لتكاليف الأنشطة التجارية، وتحسين أداء القطاع الخاص من خلال تطبيق المعايير والأنظمة وآليات العمل المطبقة في الدول التي تحقق شركاتها ومنشآت قطاع الأعمال فيها نموًّا ونجاحًا كبيرًا رغم أنهم لا يحصلون على الدعم والتحفيز نفسَيْهما المقدمَيْن لقطاع الأعمال بالمملكة. أما أن يكون لتحمُّل المقابل المالي عنهم كل هذا الأثر السحري الإيجابي، وهو عنصر واحد فقط من تكاليف الإنتاج، فهذا يعني أن هناك إشكالية في دراسات الجدوى لدى هذه المصانع، ولا بد من دراسة وافية، توضح حقيقة قدرتها على تحمل أي تغيرات اقتصادية، أو بالأنظمة، أو التكاليف.