الطموح الحقيقي الذي على الجهات والمؤسسات الرسمية والخيرية -برأيي- العمل على تحقيقه عند محاولتنا تجويد حياة كبار السن في المجتمع ليس في الاكتفاء بتقديم (الرعاية لهم) أيا كان نوعها، بل في إعطائهم -أيضاً- فرصة جديدة للمُشاركة والاستفادة من خبراتهم وإمكاناتهم وعدم هدرها أو قتلها (برصاصة الرحمة)، فكل شخص مهما بلغ عمره لا يريد أن يتم ركنه، فالتحدي الذي يجب أن يواجهه المجتمع ومؤسساته المدنية بشجاعة (كرد جميل) لهذا الجيل الذي أفنى عمره وحياته ليصنع لنا حاضراً صلباً نقف عليه بثبات ونحن ننظر إلى مستقبلنا، يكمن في منح هؤلاء المُخضرمين والخبرات فرصة أكبر للمُشاركة والمُساهمة بحسب قدراتهم الصحية والعمرية وإمكاناتهم ولو عبر منصة استشارية تجمع مُختلف الخبرات، ويمكن الرجوع إليها والنهل منها وطلب المشورة في المجالات التجارية أو الإدارية أو مواجهة الصعوبات والأزمات، فحتماً لدى هؤلاء من المعارف والمهارات والخبرات ما يفيد الأجيال الشابة، ويشعر كبار السن بنبض الحياة. قضايا كبار السن تحظى باهتمام أكبر لدى مجتمعنا المحلي بحكم تعاليم الدين والعادات والتقاليد، ولكنَّها في المجتمع الإقليمي والدولي ظهرت مبكراً على شكل أنظمة وقوانين سُنَّة لحمايتهم وضمان حياة كريمة لهم، هناك شعارات تحفيزية أطلقت من حولنا لتوعية المجتمع بدوره في منح هؤلاء فُرص أفضل للحياة، على طريقة «شيخوخة آمنة وفاعلة ومنتجة» فالعطاء والبذل لا يتوقف عند عمر معين، ولا أحد يملك الحق في إطفاء شعلة العمل والنشاط والحياة عند كبار السن، أو الحكم عليهم بالموت (فراغاً وعزلة)، وكأنَّ صلاحيتهم في الحياة محدودة بتاريخ أو عمر، ويمكننا الإشارة إلى زعماء ومشاهير وأثرياء حول العالم مازالوا في أوج عطائهم لمُجتمعاتهم، ولم يتوقف عملهم ونشاطهم يوماً ببلوغ (سن معين). ثمَّة احتياج نفسي يصعب أن تسنُّه الأنظمة والقوانين قد يُسبِّب لكبار السن (ألماً) أكبر وأعمق من أي نقص للاحتياجات المادية التي لم تعد تُشكل أولوية قصوى في حياتهم، مُقابل الشعور بالرضا والشكر والقبول والاندماج في المُجتمع وعدم العزلة أو التهميش أو فوات القطار والتجاهل، كل هذه المُمارسات الخاطئة والعنف النفسي قد يتأذى منه كبار السن بيننا، دون أن نشعر بحجم ونوع الخطأ أو الجرم الذي ارتكبناه، عندما يحكم الأصغر سناً بنهاية حياة من هو أكبر منه، حتى يتخلص من مسؤوليات الرعاية والاحتواء ومُشاركة الحياة التي تتسع لنا جميعاً بكل تفاصيلها. وعلى دروب الخير نلتقي.