في مثل هذا اليوم من كل عام يُحاول العالم رفع نسبة الوعي بالمُشكلات التي تواجه كبار السن، كالهرم وإساءة المُعاملة، والاحتفال أيضاً بما أنجزه كبار السن للمُجتمع، ف1 أكتوبر لم يعد يوماً عالمياً لنتذكر أنَّ بينَّنا مُسنين أو كبار سن فقط، بل هو تاريخ تتعاهد فيه المُجتمعات لخلق فرصة حياة أفضل لهؤلاء، وتحسين وتجويد حياتهم بتوفير الخدمة والرعاية اللازمة. الجانب المادي ليس كل شيء في حياة هؤلاء -ثمَّة احتياج نفسي أهم- فقدانه من حياتهم قد يُسبِّب لهم ألماً أكبر وأعمق من نقصان الاحتياجات المادية التي لم تعد تُشكل عندهم أولوية قصوى، مُقابل الاحتياج النفسي والشعور بالرضا والشكر والقبول والاندماج في المُجتمع وعدم العزلة أو التهميش أو فوات القطار والتجاهل، كل هذه المُمارسات الخاطئة والعنف النفسي قد يتأذى منه كبار السن بيننا، دون أن نشعر بحجم ونوع الخطأ أو الجرم الذي ارتكبناه، خصوصاً عندما نحكم على هؤلاء بما يُشبه (الموت المُبكر) بالعزلة ولزوم البيت أو الغرفة، وعدم إتاحة الفرصة أمامهم للخروج ومُخالطة الناس والبشر، والاستمتاع بالدنيا بشكل طبيعي، ولو بالوقوف على أطلال الصبا والشباب وتذكر الأيام الجميلة واسترجاع شريط الحياة، لهؤلاء المُسنين هوايات يحق لهم مُمَّارساتها، وربما لديهم مواهب إبداعية ما زالت مدفونة يمكن تجديد حياتهم باستخراجها، من الخطأ أن يحكم الأصغر سناً بنهاية حياة من هو أكبر منه، حتى يتخلص من مسؤوليات الرعاية والاحتواء. القيمة الأهم والمُهدرة دائماً هي تجاهل خبرة هؤلاء العملية وطاقاتهم المعرفية، خصوصاً لمن يستطيعون العطاء أكثر وما زال بإمكانهم تقديم المزيد، بحيث يمكن الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم لاستشراف المُستقبل، وإن كانت الحياة تتطوَّر وتتغيَّر بشكل سريع، ولعلي هنا أهمس في أذن كل مسؤول، ليتذكر من سبقوه في هذا المنصب والوظيفة، ممن طالهم نظام التقاعد وكبر السن وباتوا اليوم خارج المنظمة، وفقدوا مكانتهم المرموقة، فهو يوماً ما سيكون مثلهم، وسينتظر لفتة وفاء يقدمها من يأتي بعده، ليقابل عطاءه بالشكر وإنجازه بالتثمين. وعلى دروب الخير نلتقي.