بقلوب مليئة بالحزن والأسى وعيون ملأى بالدموع ودعنا في ساعة وداع وفراق أليم الأخ والصديق والمربي الأستاذ راشد بن محيا العمراني الحارثي بعد صراع مع المرض لم يمهله طويلاً -رحمه الله- رحمة الأبرار وأسكنه فسيح الجنان، ويالها من ساعة الفراق من ساعة قاسية على النفس فيها الخطوات عثرات والكلام زفرات والعبرات تتلوها العبرات ساعة تورث في القلب حرقة وفي الحلق غصة وفي العين دمعة كيف لا وقد حل الأجل وانقطع الأمل وتبدل السرور بالحزن فقال أحدهم ذات مرة من شدة ألم الفقد والفراق: الفراق أخو الموت فقيل له بل الموت أخو الفراق، وليس بمستغرب أن نتألم ونحزن لفراق الأحبة والأقرباء والأصدقاء والأخيار من الرجال فهذا هو حال الدنيا لقاء وفراق شقاء وصفاء نعمة وابتلاء فاللهم ألهمنا الصبر والاحتساب في كل الأحوال وأجرنا في أمورنا وتقلباتنا خير الجزاء. وما يخفف ألمنا ومصابنا أن فقيدنا الأستاذ راشد بن محيا ذو خلق رفيع وابتسامة مشرقة وذكر حسن بين الناس وبين زملائه وكل من عرفه وهو رجل صادق مع نفسه صاحب رأي ومبدأ وشجاعة في قول الحق مهما أغضب الآخرين، إلى جانب أنه من أسرة طيبة كريمة أسرة تقى ودين منذ عهد والده محيا وعمه ردة وجده عواض الذي أدركته في آخر أيام حياته رحمه الله وأنا ما زلت طفلاً وهو يجوب شوارع حي الشهداء بالطائف منذ تباشير الفجر ليوقظ الناس للصلاة، كما يكفيه فخراً أيضاً أنه أحد مربي الأجيال وسقاة الغرس وعمار المدارس والمستحقين لأجر الجهاد وشكر العباد والثواب من الله يوم المعاد جعل الله كل ما تقدم وما حل به في آخر أيام حياته من مرض عضال كفارة وممحصاً له من كل ذنب وخطيئة وكتب له أجر الشهداء ومرافقة الأنبياء والصالحين في الفردوس الأعلى وحسن أولئك رفيقا. فخالص العزاء والمواساة أرفعها لخامس الخبارات فرداً فرداً وأخص بالتعزية أسرة آل محيا وفي مقدمتهم شقيق الراحل ورفيق دربه الأخ خضر بن محيا وأبناء الراحل وفي مقدمتهم الابن طارق وإخوانه وأبناء عمومتهم وأنسابهم من آل معيض بن أحمد العمراني وعظم الله أجرهم. وإن كنا نودع اليوم أحد أبناء قبيلة العمارين الأستاذ راشد بن محيا فلن ننسى أيضاً من ودعناهم هذا العام وفي مقدمتهم المربي الخال عوض بن عطية العمراني والعم العزيز رجا الله بن حسين العمراني شقيق الوالد، والعم عبدالعزيز بن عبدالله بن راجح العمراني شقيق الراحل الشاعر الفذ سعد بن عبدالله بن راجح العمراني، والشاب محمد بن عيضة بن سعد العمراني، وآخر الراحلين العم الجليل تركي بن أحمد العمراني رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح الجنان وجمعنا بهم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} من قبل ومن بعد. ** **