مُرهق أن تعيش حياتك وأنتَ في الحقيقة لا تعيشها! أن يكون أساس ما تعيشه هو البحث عن حياة الآخرين والتوقف عند آخر نقطة وصول لهم، والبحث عمّا لا يعنيك ولن يضيف لك. أتعجّب من تشبّث فاطمة بأخبار سارة وتراودها الأفكار ليل نهار عن أين سافرَت؟ ولمَ قالت؟ وماذا ستفعل؟ هل تزوّجت؟ هل أنجبت؟ كيف يعاملها زوجها؟ ما آخر ما فعلتهُ في حياتها؟ بينما سارة تلهو في حياتها لا شأن لها بالإضافات الجديدة في حياة خولة ونورة وإيمان. تعرف أن الحياة أكبر بكثير من ملاحقة الأخبار الساذجة التي لن يحاسبها الله عليها عندما تكون وحيدة في ظُلمة القبر، ولن تعطيها شهادات الامتياز ولن تشعر ولو بجزء ضئيل من تحقيق الذات! بل عارٌ على فاطمة كل ما تقوم به. لمَ يختار البعض أن يقتدي بفاطمة وهو يعرف جيدًا بأنّ حياة سارة مليئة بالخيرات والتطوّر وإحاطة الله. كُفّ عن تتبّع عورات المسلمين، واحفظ ماء وجهك عن سؤال الآخرين فيما لا يعنيك. داوي عللك قبل أن تشرع في حل قضايا الآخرين دون أن يُطلب منك. عوّد قلبك على أن يفرح لفرح الغير وحُب الخير لهم، روّض نفسك على ألّا ترتقي لمجرد تثبيط الغير «وهمًا». تعوّذ من الغيرة والحسد فإنهما مصدر هلاك للعقل والقلب. أنتِ أو أنتَ أسمى من كل ذلك، أسمى من أن يُقال عنك: «فُلان» يشعر بالغيرة من نجاحات الآخرين فلا يملك إلا التقليل من شأنهم حتى يرتفعوا. ولكن يبقى الفاشل فاشلاً إلى أن يثبت عكس ذلك باتزانه وروّيته وعقلانيته! قال العليّ القدير في سورة الأحزاب: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. هذا الفعل شنيع جدًا على قلبك وروحك فلا تعتقد بأنه مجرد تفكير وتساؤل لا يضير بك، بل قد يوقعك في شباك الآلام المستمرة الذي تغيب عنك أسبابه، سواد القلب هلاك للمسلم فتقوّى بالإيمان واشكر الله كثيرًا على كل النعم لتنعم بالمزيد الذي لا يملكه أحد. يمكنك التداوي من هذه العلة التي تؤذيك من غير شعور، وتؤذي غيرك مع كامل الشعور، يمكنك تجاوز ذلك الآن فالوقت قيد الأوان. قال حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام: (ومن يتصبّر يُصبّرهُ الله)، بمعنى أن الصبر يحتاج إلى الترويض والتدريب حتى يصير المؤمن صابرًا، وإنما العلم بالتعلّم والحِلم بالتحلّم. بادر في إبادة هذه العادة التي لن تُقدّم ولن تؤخر واستعدّ لأن ترى الحياة بعينين صافيتين فقد آن الأوان لذلك. فكلّما داهمك الفضول عن حياة الآخرين تذكّر فاطمة وتذكّر سارة واختر أيّهما تريد أن تكون؟! ** ** - شهد النجيم