يشكل البحر للإنسان في الخليج العربي أحد المعطيات الهامة التي تُغذي مٌخيلة الشاعر، هذا المدى الأزرق برز بوضوح في القصائد الشعرية، يقفون الشعراء على ضِفافه يناجونه ويحنّون لنسيمه يستمتعون بتلاطم أمواجه لتشتعل قريحتهم بالعبارات الأنيقة المليئة بالحنين والولع والوصف والخيال و بقايا الذاكرة، هو نافذة الهوى ورئة الحياة الخالدة، ملاذ العشاق ومحط رِحالهم يبوحون له عن حكاياتهم وخيباتهم يتذكرون ملامح أحبابهم، تنكسر على ضفافه أحلامهم يقذفون بقاعه همومهم وأحزانهم، منطقة طبيعية زاخرة بالحياة والنشاط وكسب الرزق والجد والكرب تحوفها المخاطر والمشاق، وفي الوقت الذي وصفه بعض الشعراء بصفة الغدر تمتلئ شواطئة في أنحاء العالم بالبشر ممن غُدر بٍهم وأخفقوا بحياتهم وتعطلت مراكبهم وجدوا الأمان بقربه فهو الصديق والقريب والملاذ، البوح على ضفافه سكينة، كائن كوني مليء بالتفاصيل والصراعات والمدلولات والرموز، يحمل مزاجية مُترفة، متمرد، تناقضاته فريدة، رقيقاً، قوياً، قاساً، سمحاً، تراه هادئاً وفي أقل من خفقة يثور تلقاه مبتسماً وبمثل الخطف ينقل لك شجنه، ولم يكف البحر عن تسجيل حضوره في الأدب حيث ظل مصدر إلهام لعدد من الأدباء والكُتاب العرب منهم الكاتب السوري حنا مينه والذي ذكر أن معظم أعماله مُبلله بمياه البحر وموجه الصاخب، وكانت أمنيته أن تنتقل دمشق إلى البحر، أو ينتقل البحر إلى دمشق. وكما هي أحد أشهر الحكايات من ألف ليلة وليلة قصة السندباد البحري أحد الشخصيات الأسطورية لبحار عربي يهوى الإبحار والمغامرات والذي أبحر بنا في عالم شرقي يزخر بالإثارة. طرحت في حسابي بتويتر مقطع للبحر من أحد رحلاتي وصوت الموج قبيل الغروب وطلبت من متابعيني مشاركتي نبضهم من خلال المقطع ليحلوّا ضيوفاً رائعين بأحرفهم الأنيقة في ليلة فاخرة على شواطئ الكلمة. الكاتب والمؤلف سليمان الباهلي.. أمتعنا بصورة من رحلته لأمواج بحر متلاطمة ليخبرنا أنه ابن الصحراء إلا أن للبحر حب عميق في قلبه فهو يجده الصديق الوفي لذكرياته المٌلهم لكلماته الباعث لإبتسامته. المؤلف والكاتب الكويتي بدر البرغوث.. عطرنا ببوح جميل للبحر فأخبرنا أن البحر صديقه الحميم يشكو له همومه فينصت له فيبعث أحد موجاته لتحمله بهدوء، وواعد البحر بأنه سيظل صديقه الحميم للأبد. الكاتبة بلقيس الكثيري بنبضها الأنيق قال: تشبهين البحر.... قلتُ فيمَ ؟ قال: في صوته واتساعه في مده وفي جزره في احتوائي وإغراقي الكاتب الوجداني عبدالعزيز الجطيلي بأناقة حرفه بدأ نبضه في يا سيدتي: وتتسائلي عن البحر والبحر يشبهني صمت بعيد أعماقي تُغنيه أمواج تصفع وجهي العاري فيفر الدمع من عيني ليحميني من غرق! وهل ينقذني من غرق البحر دموع عيون تغرقني. الكاتبة نورة الوابل تُبعد التهمة الملصقة في البحر بأنه غدار ! وترى أن البحر بعمقه مليء بالأسرار نثرثر له عندما تضيق بنا ومهما قلنا لن يغدر بنا. أحد متابعاتي حصة الجطيلي كان نبضها رائع حيث وصفت البحر بالقوة والعطاء، يذهب الحزين للبحر ليبث شجونه ويسلى وكأن أمواجه تغسل كل ماكدره يهدهدك ويربت على كتفك، البحر لغز جميل مُلهم للشعراء والأدباء. الكاتب والشاعر ناصر بن حويل أهدانا في أمسيتنا الفاخرة على ضفاف البحر عزف هادئ، كوني كما انتي .. على ضفافه وبمكانك !! وتنفسي الصمت بلغة التأمل بعض البوح شجن من ثرى وطن واعزفي تناهيد الوله داخلك نحن في زمنٍ مختلف زمن ليس لنا.. غُرباء من زمنٍ بعيد وتأملي من أقصى المسافات هناك .. انتظرك يالحلم البعيد في منفى الغربة.. ! الشاعر والنحات سعود الدريبي يقول أن صوت البحر يوحي بتكسير مجاديفه! متابعتي مها النفيسة عطرتنا بأناقة حرفها فقالت البحر يشبه البريق في أعين المشتاقين صوته صدى الشاكي حين يثقل الموج، مساحاته الشاسعة آمل المتفائلين، البحر مالح بعذوبة ! حنان العقيلي شاركتنا بتصوير رائع للبحر لرحلتها وقد عانقت الغيوم بعضها بقرب ساحر من البحر وطيور النورس تتراقص على سمفونية أمواجه الهادئة فتقول البحر يؤمن بالحرية فلا قيود له ولا ملكية لأحد عليه. ختام سهرتنا الأنيقة على ضفاف بحرنا الهادئ كان مع الشاعرة العذبة فوزية السبيل تخيل أن هذا بحر يرقبنا ولا ندري بشاطئه يناجينا ورمل فيه كالتبر وأيدينا به تلهو وترسم فرحة العمر فلا أحزان تُلهينا ولا هم بنا يسري ** **