ما زال الهلال ورجاله يواصلون رسم المشهد الأجمل في عشق ناديهم. يتسارعون في خدمته، يبحثون عن رفعته، يمدون يد العون له قبل أن يسمعون تأوهاته. ليسوا كغيرهم، يشهدون على وقوعه ويستمعون لأنينه لفترة من الزمن، ثم يسارعون لتضميد بعض جراحه طمعًا في لقب المنقذ. ففي الهلال دون سواه، الأحلام هي الدافع الأكبر للوقوف مع الفريق، وليست للأوجاع. في الهلال وحده، أي ضمور طفيف في اكتمال البدر، هو مدعاة للمسارعة في إكماله. في الهلال فقط، العشاق كثر، والرمز هو الهلال. أبدع عمر خربين مع الهلال، فكان هلاليًا لا يُستغنى عنه لدى جماهير كبير القوم. صاحب ذلك (حقٌ مشروع من ناديه) بالمغالاة في عقده، ولكن في عرف رجالات الهلال (لا شيء يغلى على الزعيم)، فهبّ الأمير ماجد بن عبدالله لتحقيق هذا المطلب. سُمِحَ بتسجيل الحارس غير السعودي، فتطاولت أعناق عشاق الزعيم طمعًا في سفير الكرة الخليجية والعربية في بلاد الإنجليز، فلا يليق بهلالهم أن يبحث خارج البلاد عمن هو دون ذلك. فكان لهم ما أرادوا بتغريدة تاريخية من الداعم الدائم الأمير الوليد بن طلال كان نصها: (جمهور الهلال يطالب بأن يكون علي الحبسي هلاليًا، لذا أتكفل بانتقال حارس منتخب سلطنة عمان الشقيقة لفريق الهلال). تاريخية هذه التغريدة ليست في حجم الصفقة الكبير ماليًا أو فنيًا فقط، بل في تعاطي داعمي الهلال مع عشقهم. ومن منا ينسى تلك الصفقة التاريخية التي تكفل بها الأمير الوليد بن طلال، عندما تكفل بانتقال حارس القرن الآسيوي الأسطورة محمد الدعيع للذود عن شباك الزعيم. تلك الصفقة التي كانت وبلا شك، نقطة مفصلية في تاريخ الهلال نحو ترسيخ زعامته وتوسيع الفارق البطولاتي بينه وبين منافسيه. تلك الصفقات التي تم ذكرها على سبيل المثال لا الحصر، هي مجرد نماذج يزخر التاريخ الأزرق بالكثير من أشباهها. فها هو الهلال الآن، يمتلك أفضل مجموعة لاعبين محليين أو غير سعوديين. ونظرة واحدة على تشكيلة الأزرق للموسم القادم، ستجعل الجميع في حيرة من أمره عندما يسأل عن التشكيلة الأمثل للفريق. وهذه المعضلة المفرحة، ستكون مسؤولية (الباشا) دياز الذي صرح ابنه بمقولة: (الأفضل لم يأتِ بعد). مرة أخرى أقول: إن رأس المال الأزرق هو السر الأكبر في كينونة زعامة الهلال بعد توفيق الله عز وجل. فلم يكن الهلال يومًا مرادفًا لاسم شخص وحيد مهما كان دعمه. ولم يكن الهلال يومًا ضحية نزاعات داخلية ترفع شعار الكيان أولاً، ثم تقوم بتمزيق النادي أولاً وثانيًا وعاشرًا نصرة للأفراد. ولم يكن الهلال يومًا مسرحًا لفرد العضلات وملاحقة الفلاشات، على حساب نتائج وخزينة النادي. كل ما سبق يصب في رمزية الهلال المتفردة، تلك الرمزية التي تكمن في اتساع شريحة العشاق، واقتناعهم بمكانة ناديهم الحقيقية، ومعرفتهم التامة بأن القمة حق أصيل لكبير القوم. هنيئًا للهلاليين برأس مالهم الذي لم يبخل عليهم بالفرح يومًا، وها هو دورهم الآن كلاعبين وجماهير برد الجميل على أرضية كل ملعب، وعلى مقاعد كل مدرج، ليُلحقوا البناء بالمنجز.