يريد الرئيس الامريكي المُنتخب دونالد ترامب إعادة «هيبة الولاياتالمتحدة»، وتبدو هذه الإرادة لدى الرئيس ترامب هي الأكثر ظهوراً منذ انتخابه فتوجهات الإدارة الأمريكية نحو «الاتفاق النووي» والموقف الصارم تجاه النظام الإيراني والذي عبر عنه ترامب على مدى فترة الحملة الانتخابية، فالرئيس ترامب يعتقد أن «الاتفاق النووي» لم يحقق الأهداف المطلوبة منه، وأن الايرانيين لم يكونوا أفضل سلوكاً بعد إبرام الاتفاق، وأن التجاوزات الإيرانية بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية أصبحت أكثر جرأة بعد إبرام الاتفاق، كما أن التجارب الصاروخية البالستية وضعت حداً قاطعاً حول جدوى تغيير سلوك النظام الإيراني. اختار دونالد ترامب ثلاثة جنرالات ليشكلوا نواة إدارته التي ستعبر بالتأكيد عن المرحلة القادمة، في الولاياتالمتحدة تسيطر السلطة المدنية على المؤسسة العسكرية، فالأمريكيون يعتقدون أن سيطرتهم على الذراع العسكري يعني تقنياً للحروب الهجومية فالأصل هو أن تدافع الولاياتالمتحدة عن قيّم ومبادئ الديمقراطية في العالم، ففي فترة تأسيس الولاياتالمتحدة وضع مبدأ تولي المدنيون المؤسسة العسكرية ويعتبر الرئيس هو القائد العام. قد يكون الرئيس ترامب لديه رؤية مختلفة تجاه متطلبات المرحلة القادمة من حقبته الرئاسية التي تبدأ في العشرين من يناير 2017م، فبالنظر إلى أراء الجنرالات الثلاثة (مايكل فلين،جيمس ماتيس،جون كيلي) فهي تقطع الطريق على تيار السياسات الأمريكية الهادفة إلى تمكين السياسيين المعتدلين في إيران، وعلى تقديرات الاستخبارات الأمريكية بأن الإرهاب لم يعد يقف بمفرده على قائمة التهديدات للأمن العالمي، فإيران باتت تشعر بأنها ستواجه صرامة غير مسبوقة من الإدارة الأمريكية. جدير أن نتفحص تحذيرات الجنرال ماتيس بشأن التهديدات التي تشكلها إيران، ففي خطاب ألقاه في ابريل 2016م وصف ماتيس الاتفاق النووي بقوله «قد أُبرم مع توقعات أن إيران سوف تخدع» وقال « إن أحد أبرز المزايا في الاتفاق أنه ستكون لدينا بيانات استهداف جيدة إذا ما اضطررنا للقتال في مرحلة ما في المستقبل»، هذه النظرة تجاه النظام الإيراني تعطي مدلول واضح بأن النهج الأمريكي سيكون صارماً تجاه السياسات الإيراينة وسيمهد لما يتجاوز (تعديل أو تمزيق) الاتفاق النووي. مع هذا نتساءل أن كان يمكن أن نعتبر بوجهات نظر كبار ضباط الجيش، الذين يخدمون في المناصب العُليا بأن تؤثر على اتجاهات القرارات للرئيس المُنتخب دونالد ترامب؟، والواقع فأن المنظور العسكري الغير واضح أمريكياً، هو الذي ياتي في سياقه تولي جنرالات مسؤولية إدارة المؤسسات المعنية بالسياسات الأمريكية الخارجية وتلك المتعلقة بالأمن الوطني الأمريكي، شعور الأمريكيين بالاخفاق في العراق وأفغانستان يطاردان كل مسؤول يتولى ملفات عسكرية وأمنية، وإن كان الرئيس ترامب كان منذ البدء واضحاً تجاه «الاتفاق النووي» الإيراني فأن الأهم التعامل مع إيران كنظام كان منذ نشأته يصدر الإرهاب لجيرانه العرب، هذه هي الجزئية التي قد لا يتعامل معها جنرالات أمريكا الصاعدين بالشكل الدقيق، فالعالم لا ينتظر فقط تمزيق أو حتى تعديل ذلك الاتفاق بل يريد إلجام النظام الإيراني ليعتدل سلوكه تجاه محيطه وتجاه شعبه.