ناقشت ورشة العمل الثانية التي أقيمت أمس الأول ضمن فعالية «يوم في الرياض» التي تنظّمها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في مقر الأممالمتحدة بنيويورك، محور البيئة في مدينة الرياض، تحت عنوان «بيئة صديقة ومستدامة». واستعرض المهندس خالد أبو الليف، رئيس الجلسة وكبير المفاوضين السعوديين للتغير المناخي في مؤتمر باريس للمناخ، أهم خصائص مدينة الرياض البيئية، وتناول تجربة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في إعداد الخطة التنفيذية لحماية البيئة بمدينة الرياض، وتنفيذ مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الذي أثمر عن تحويل الوادي إلى أكبر متنزه طبيعي يحيط بمعظم أحياء المدينة وضواحيها. طرح التحديات البيئية التي تواجه مدينة الرياض واستعرض المتحدث الرئيسي في الجلسة المهندس إبراهيم الشايع، مدير إدارة التخطيط البيئي والمرافق العامة بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، خصائص مدينة الرياض البيئية، والتطورات التي شهدها قطاع البيئة في المدينة منذ منتصف القرن الماضي حتى الآن. وعدّد المهندس الشايع أبرز التحديات التي تواجه البيئة في مدينة الرياض، وعلى رأسها التوسع الكبير في التطوير العمراني الذي تعيشه المدينة، وما ينتح عنه من مخلفات البناء وتلوث الهواء لأسباب بشرية وطبيعية، ومعالجة وإدارة النفايات بمختلف أصنافها ومصادرها، وإعادة استعمال مياه الصرف الصحي، وزيادة موارد المدينة من المياه، وتقليص استهلاك الطاقة. عرض المهندس إبراهيم الشايع، ملامح من رؤية المخطط الإستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، في الجانب البيئي، والتي تضمنت تحويل الرياض إلى «واحة معاصرة» ذات تنمية منسجمة مع البيئة الصحراوية من خلال تسخير الفرص المتاحة لتحقيق تنمية عمرانية في قلب الصحراء، تستخدم أحدث الأنظمة لتحقيق نمو فعال لا يؤثر سلباً على الموارد الطبيعية والمعالم البيئية، وتطبيق مستويات متقدمة من أنظمة ترشيد استعمالات المياه وإعادة استعمالها، تشجيع الاستثمار والابتكار في مجال تقنية إنتاج الطاقة، وجعل مدينة الرياض خالية من التلوث وسلبيات النمو الحضري. تناول المهندس الشايع، برنامج تطوير وسط المدينة، الذي أقرته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، بهدف تحويل منطقة وسط الرياض إلى مركز تاريخي وإداري واقتصادي وثقافي على المستوى الوطني، من خلال تحقيق مجموعة من العناصر تشمل: المحافظة على التراث العمراني والثقافي، والمحافظة على الأنشطة التجارية القائمة وزيادة فرص العمل، والتنويع في أنماط المساكن وتحقيق التوازن الاجتماعي والسكاني، والتوسع في المناطق المفتوحة، وتعزيز الأمن الحضري، إضافة إلى تحسين شبكة الطرق والمرافق العامة في كامل المنطقة. وعرض الشايع مشروع متنزه سلام، تجربة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في إنشاء متنزه سلام الذي يعد أحد أهم العناصر الطبيعية في مدينة الرياض، يتميز بتعدد بيئاته من نخيل مثمرة، ومسطحات خضراء، وتكوينات طبيعية، إضافة إلى المرافق العامة، وملاعب الأطفال، وممرات المشاة، والبحيرة الصناعية التي تبلغ مساحتها 33 ألف متر مربع، وتتغذى من المياه الأرضية الرافدة من طريق الملك فهد، بعد تنقيتها عبر محطة تنقية أقيمت في الموقع. نوه المهندس الشايع بالأثر الكبير الذي سيحدثه مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام - القطار والحافلات على مختلف جوانب الحياة في المدينة، وذلك من خلال مساهمته في تقليص استخدام السيارات الخاصة وبالتالي الحد من تلوث الهواء، إلى جانب مساهمة المشروع في تطوير الأرصفة والساحات في محيط مسارات ومحطات المشروع، مما يعزز من البيئات الملائمة للتنزه وممارسة رياضة المشي بين مختلف فئات السكان والزائرين. كما أشار إلى الفرص الكبيرة القائمة في تطوير قطاعات الترفيه والسياحة في مدينة الرياض، والفعاليات والأنشطة التي يمكن إقامتها في العديد من المواقع الطبيعية والتاريخية والمفتوحة، بما يحقق تطلعات السكان والزوار، وينسجم مع المعايير البيئية الصارمة. وتطرق المهندس إبراهيم الشايع إلى الخطة التنفيذية لحماية البيئة بمدينة الرياض، وبرامج جودة الهواء وخطة إعادة استعمال مياه الصرف الصحي، وبرنامج إعادة الغطاء النباتي، ومشاريع التشجير في المدينة، إضافة إلى برامج تطوير الحدائق والمتنزهات والمناطق المفتوحة، ومشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، ومشروع تأهيل وادي السلي، ومتنزه العارض الوطني. 51 برنامجاً ضمن خطة حماية البيئة بمدينة الرياض قدم الدكتور ديفيد قريقس، مدير معهد الاستدامة بجامعة موناش في استراليا، ورقة عن الخطة التنفيذية لحماية البيئة بمدينة الرياض، للفترة بين عامي 1436 و1440ه، والتي راعت المستجدات والتطورات في الجوانب المتعلقة بالوضع البيئي في المدينة في ظل النمو السكاني والحضري المُتوقع خلال الأعوام المقبلة، في الوقت الذي حرصت فيه على تطبيق أحدث الأساليب والتطبيقات في جوانب إدارة الموارد البيئية، وصولاً إلى تحسين الموارد الطبيعية والبيئية في المدينة ورفع مستوى جودتها واستغلالها بطريقة مستدامة تلبي احتياجات الجيل الحالي والأجيال القادمة، مشيرا إلى أن الخطة، تنقسم إلى ستة محاور رئيسية، تشمل: جودة الهواء، إدارة النفايات، موارد المياه والتربة، إدارة الموارد الطبيعية والتنوع الإحيائي، الإدارة البيئية والتنمية المستدامة، والتغير المناخي، وتتجزأ هذه المحاور إلى 51 برنامجاً ومشروعاً تتولى تنفيذها 17 جهة في المدينة. ففي محور جودة الهواء، تضمنت الخطة أربعة برامج، تعالج جوانب إدارة جودة الهواء في المدينة، والآثار الصحية لملوثات الهواء، وسبل التحكم بمصادر تلوث الهواء ومعالجتها. أما محور إدارة النفايات، فقد اشتمل على ثمانية برامج، تتناول إدارة النفايات بأنواعها المختلفة (البلدية والصناعية والطبية ومخلفات الهدم والبناء، ومادتي الحمأة والأسبستوس) وتعالج الظواهر السلبية في التعامل مع النفايات في المناطق العامة. وأخيرا تناول محور التغير المناخي ثلاثة برامج تعنى بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقييم آثار التغير المناخي على المدينة، وترشيد استهلاك الطاقة. وادي حنيفة.. أكبر متنزه طبيعي يحيط بأحياء المدينة وضواحيها قدم الدكتور جورج ستوكتون، الاستشاري بمشروع وادي حنيفة ورئيس شركة مورياما تاشيما للتخطيط بكندا، ورقة عن مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، والذي ساهم في إعادة التوازن البيئي للوادي، وإطلاق آليات التعويض فيه، وتوظيف موارده في سد احتياجات المدينة من المياه، والمناطق المفتوحة، وتطوير اقتصاده الزراعي، وتطوير نسيجه العمراني، بعد أن عانى الوادي خلال العقود الماضية من تأثر بيئته الطبيعية نتيجة الأنشطة السلبية التي نشأت فيه. وقال إن المشروع أثمر في تحويل الوادي إلى أكبر متنزه طبيعي يحيط بمعظم أحياء المدينة وضواحيها، وأصبح منطقة جذب واعدة بالفرص الاستثمارية، بعد إعادة الوادي إلى وضعة الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول، وجعل بيئته خالية من الملوثات، وإيجاد مصدر استراتيجي للمياه المنقّاة للاستخدامات الزراعية والصناعية. واستعرض الدكتور ستوكتون الأعمال التي اشتمل عليها المشروع الذي يمتد من شمال طريق العمّارية حتى الحاير جنوباً، بطول 80 كيلو متراً، والتي شملت تسوية مجاري المياه، ووضع آلية جديدة لمعالجة المياه الجارية تستند إلى نظام معالجة طبيعي غير كيميائي عبر إنشاء محطة للمعالجة الحيوية للمياه، إضافة إلى إعادة تنسيق المرافق العامة في محيط الوادي، وإنشاء طريق للسيارات بطول 43 كيلومتراً، ومد ممرات المشاة بطول 54 كيلو متراً، وغرس آلاف الأشجار الصحراوية والنخيل والشجيرات المناسبة لبيئة الوادي، وإنشاء خمس متنزهات مفتوحة زودّت جميعها بالمرافق العامة الضرورية. تحديات بيئة مشتركة تواجه دول العالم قدمت سارة باعشن، رئيسة محادثات الأممالمتحدة لتغيير المناخ، ورقة تناولت فيها أهمية بناء فكر الحفاظ على البيئة في كافة المجتمعات حول العالم، وبالأخص بين فئة الشباب الذي يشكلون النسبة الأكبر من سكان المملكة. وتطرقت إلى تزايد الاهتمام بالشأن البيئي على المستوى العالمي، واستعرضت الجهود التي تبذلها الأممالمتحدة لمواجهة الآثار الناتجة عن التغير المناخي، والتحديات التي تواجه دول العالم من جراء ذلك. وأكدت باعشن على أهمية تظافر الجهود وتبادل الخبرات والتجارب في مجال حماية وتطوير البيئة وبالأخص، في جوانب تعزيز موارد المياه، واستخدام الطاقة النظيفة، وتحسين جودة الهواء، والحد من تأثير التطور العمراني على البيئة، مشيرة إلى تركيز رؤية المملكة 2030 على تحقيق هذه الأهداف وصولاً إلى خلق بيئة مستدامة صديقة للإنسان.