«أيام الطفولة التي لا تنسى أبداً، كان في بيتنا دراجة هوائية أتقاسم ركوبها مع أشقائي. ولم يكن اهتمامنا كثيراً بها إلا في حالة قيام أحدنا بالذهاب بها إلى السوق لشراء احتياجات البيت. حيث وضعنا في المقعد الخلفي سلة سلكية نضع فيها المشتروات. لكن دراجتنا كانت مميزة من بين مختلف دراجات أبناء الحي لسبب بسيط أننا قمنا بزخرفتها بشرائط ملونة بدءاً بالأعمدة ومروراً بقبض القيادة ووصولاً للعجلات. فكان المشاهد لها عندما تتحرك يلاحظ حركة موسيقية صامتة لألوان الأشرطة التي تلفت الأنظار فتحدث نوعاً من البهجة لكل من يشاهدها. حتى إن البعض من أقراننا عرضوا علينا شراءها.. والحق أن من قام بعمل الزخرفة لدراجتنا زميل دراسة موهوب في العديد من المجالات وكان رسام المدرسة الابتدائية الثانية «علي الفجري» رحمه الله. وكان الفتية والأولاد الذين يملكون دراجات هوائية أيامها في مدينتنا وغيرها من المدن والقرى لهم تقديرهم واعتبارهم كمن يملك سيارة هذه الأيام. وتعتبر الدراجة في العديد من دول العالم وسيلة نقل مهمة وبسيطة ولا تكلف الكثير. بل إن العديد من دول العالم ما زالوا يعشقونها ويذكرون بحب ذكرياتهم معها التي لا تنسى ومنذ رسم خطوطها في القرن الخامس عشر ليوناردو دافنشي الذي لم تحظ أفكاره في حينها إقبالاً واهتماماً وبقي الكثير من أفكاره طي النسيان لكن كان للكونت الفرنسي مادي دي سيفراك عام 1790م الذي اخترع أول دراجة بدون دواسات ولا مقود يتم الانطلاق بها عن طريق دفعها بعد الاعتماد على الأقدام ومنذ ذلك الوقت شهدت الدراجة تطوراً وتحسيناً في الشكل وحتى المواد المستخدمة في تصنيعها. ومنذ اختراع الألماني «درايس» عام 1816م دراجته ذات العجلتين بات ابتكاره منافس جديد وغريب للخيول. وكانت مصنوعة من الخشب والعجلات الحديدية.. ويعتبر السيد ماكميلان الاسكتلندي أول من ابتكر الدواسات في تصنيع الدراجة وهكذا تنامت ومع الأيام عمليات التطوير والتجديد والتصنيع يوماً بعد يوم. وتجدر الإشارة إلى أن العوامل التي ساهمت في تصنيع الدراجة كان لها دوراً كبيراً في صناعة السيارات ومن هذه الأشياء الاختراع الذي أبدعه فيليب فاغهان، وهو الإطار المطاطي والتروس التي كان لها دور في وجودها داخل ماكينة السيارة. وكان للدراجة ومنذ اختراعها أهمية كبرى في حياة الشعوب وحتى اليوم خصوصاً في عملية المواصلات وسهولة التنقل من مكان لمكان وتأثيرها الكبير على صة الإنسان البدنية ولتحسين جميع وظائف الجسم والمحافظة على صحته إجمالاً إذا ما حرص الإنسان رجلاً كان أم امرأة على استعمالها ولو لفترة زمنية محدودة كل يوم وذلك لمزيد من اللياقة والنشاط. ومن أجل هذا تم توفير درجات ثابتة ممكن وضعها داخل البيت أو الشقة أو حتى المراكز الرياضية والتدريبية واللياقة والعناية بالصحة وتساهم في تخفيف الوزن وتقوية العضلات. ومن هنا ازداد الإقبال عليها كثيراً وصار لها عشاقها وحتى مسابقاتها الرياضية والدولية ومنها الأولمبياد وتشهد سباقات الدراجات اهتماماً كبيراً في مختلف الدول ومن بينها المملكة. وتعد تجارة «الدراجات» على مختلف أشكالها وأنواعها تجارة رابحة بل تدر الملايين سنوياً على أصحابها ووكلاء البيع في دول العالم. وتشتهر دول عديدة بوجود الدراجة فيها بل إن كبار المسؤولين فيها تجدهم يتجهون لأعمالهم كل صباح راكبين دراجاتهم الهوائية. المختلفة وكم مرة توجهت ملكة هولندا لافتتاح مناسبات ومشاريع وهي راكبة دراجتها وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول العربية كانت من الدول المنتجة للدراجات الهوائية مثل دراجة «بغداد» الشهيرة في زمن مضى.