فُجعت الأوساط الإعلاميَّة برحيل الإعلامي القدير ماجد بن محمد الشّبل، الذي عُرِفَ أن والده سافر في زمن العقيلات من مسقط رأسه عنيزة الفيحاء إلى دمشق الفيحاء، وتعلَّم المراحل الابتدائيَّة، والإعداديَّة، والثانويَّة بمدينة دمشق، ولم يتمكَّن من مواصلة تعليمه الجامعي؛ لظروف عمله الإعلامي في التلفزيون السوري الذي عَمل فيه مُذِيعاً لنشرة الأخبار، ومُقدِّماً للبرامج الثقافيَّة، ومحاوراً للضيوف... إلى أن وصل كبير المذيعين في شاشة التلفزيون السوري، وأخذ شهرةً إعلاميَّة في العالم العربي على أنَّه لا يحمل مؤهلاً علميّاً عالياً، إلاَّ أن حبّه لمهنته، وعصاميّته في عمله، وعشقه للغته أهَّله أن يكون أستاذ أجيال من الإعلاميين الذين وجدوا فيه فصاحة اللسان العربي، وتناغم الصوت الرخيم، وجودة الإلقاء الإخباري...! كما ازداد شهرة إعلاميَّة بعد انتقاله إلى بلدهِ في الستينيات الميلاديَّة، واستقرَّ بمدينة الرياض، وعَمِلَ في التلفزيون السعودي مُذِيعاً في الشاشة الفضيَّة، وأجاد بمختلف البرامج التي يُقدِّمها في التلفزيون بلونيه. إنَّه من الإعلاميين المخضرمين الذين عملوا في الشاشتين العاديَّة، والملوَّنة، وتدرَّج في العمل التلفزيوني إلى أن وصل كبير الإعلاميين الذي لا يحصل عليه إلاَّ قلّة من الذين لديهم قدرة في الفنون الإعلاميَّة التي تُؤهل المذيع للحصول على هذا اللقب. إنَّه ماجد الذي أوجد مشاهدين متنوّعين المشارب الثقافيَّة، الذين لا زالوا يعشقون صوته الشجي الذي امتاز عذوبةً في تقديم المقطوعات الشعريَّة التي تزداد عذوبتها إذا أرخى الليل سدوله!. اشتهر الشّبل بمختلف البرامج التي يُقدمها من إخباريَّة، وحواريَّة، وثقافيَّة...، والتي من أكثرها شهرة برنامجه الشِّعري «همس النسيم»؛ لإلقاء مقطوعات من الشِّعر العربي لشعراء العصر الجاهلي، وما بعده من شعراء العصور العربيَّة، وفي برنامجه «حوار مع ضيف»، ويُعدُّ من أفضل البرامج الأدبيَّة في فنون الحوار مع كبار أعلام عصره، والذي من أكثرهم شهرة طه حسين، الذي لا زالت قناتنا الثقافيَّة تُتُحف المشاهدين بإعادة بثّه. وبرنامجه «حروف»، وهذا من البرامج الثقافيَّة التي أخذت شهرة وحضور كبير من المشاهدين؛ لما يحمله من أسئلة تُغري المشاهد على مواصلة متابعته من خلال الشاشة، حيث يستضيف في أستوديو التلفزيون أعداداً من الشباب المثقّفين؛ ليلقي عليهم الأسئلة الأدبيَّة، والعلميَّة، والرياضيَّة...، ويُعد من البرامج المشوّقة؛ لاستفادة المشاهدين من إجابة الأسئلة. لذا نأمل من المسؤولين في القناة الثقافيَّة تبنّي مثل هذه البرامج؛ لفائدة أبنائنا، وأحفادنا، كما استفاد منها آباؤهم، وأجدادهم في الزمن الماضي الجميل. لازالت طلَّت الشّبل البهيَّة من خلال الشاشة التلفزيونيَّة في الذَّاكرة، والمشاهدون يُتابعون نشرة الأخبار التي يُقدِّمها في القناة الأُولى... إلى أن نقلت وسائل الإعلام المرئيَّة، والمسموعة، والمقروءة، وغيرها من الوسائل الإلكترونيَّة خبر وفاته بعد مُعاناة من المرض الذي أقعدهُ الفراش في اليوم الرَّابع من الشّهر الثامن سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة، فأصاب قلوب محبيه حزن غشى شغاف قلوبهم، وجَرَحَ سويداها. هذا ونرفع أكفّ الدعاء إلى الله العليّ القدير أن يرحمه، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته الكريمة، والأسرة الإعلاميَّة، ومُحبيه من المشاهدين الصبر والسلوان الذين عاشوا زمنه الجميل، وطلّته في النشرة الإخباريَّة، والبرامج الثقافيَّة، والحوارات الأدبيَّة. إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون .