رب صاحب عزيمة، وطريقة قويمة، ينهض لخدمة دولته، ويسعى في منفعة أمته، يتجشّم المصاعب ويتحمّل، لكنه لا يكاد يخطو إلا بعض خطوات، حتى يتصدى له السعاة المحالون؛ فيقيمون في بعض طريقه العقاب والتضاريس، ويلقون فيه الشوك والحسك، ويخدون في بعضه الأخاديد، ويحتفرون العواثير، فإما أن تصد السالك عن المضي في سبيله العقاب التي تساوره، والصعاب التي تدافعه؛ فتنحل عزيمته، وتنفصم عرى إقدامه؛ فينكص على عقبيه، ويرتد إلى ورائه؛ فيسرح في مسارح الكسالى، ويرتع في مراتع محبي الراحة والخمول، حيث مرعى النفاق خصب مريع، ومورد اللهو عذب نمير، وإما أن يتردى في إحدى العواثير، ويتدهور في بعض الهوى والأخاديد؛ فيندق عنقه، وتفيض روحه، ويلتحق بشهداء الحق الذين قضوا نحبهم تصبُّراً، وما قضوا من نجاح أوطانهم وطرًا، وذهبوا بما كانت تنتظر أممهم من قواهم الفائقة، وعزائمهم الصادقة.