لو لم تكن تلك النماذج موجودة في النسيج الفلسطيني لما آلت آلية القضية الفلسطينية إلى هذا المنحى، ولكن التاريخ هو هكذا أراد أن يخرج إلينا هؤلاء الاعوجاجيون لكي يقوِّموا المجتمعات العربية ويدبجوها بالشعارات الزائفة ويحرفوا كل مسارات القضية إلى منعب يصب في الصالح الصهيوني، حينما يدّعي عزمي بشارة والابن البار للكينيست الإسرائيلي أنه بحكايته (الهرائية) واستقالته من الكينيست الإسرائيلي قد رد رداً قاسياً من أجل مناصرة القضية الفلسطينية فلربما تكون هذه الادعائية سبباً في أن ينتفض ذلك الكهل وهو ينقض على الشاشة ب(أعقب يالتسذوب!). هذه النماذج التي تدعي التنظير والفلسفة والفكر القومي يحملون على أكتافهم التي يسير عليها التيس أرفف وأدراج مراكز الدارسات الاستراتيجية التي ارتجلوها لكسب الغطاء المالي بحجة التنوير والتطوير الشعوبي، إلى أن وصل الحال بهم إلى أن يشتروا ذوي الأقلام الصفراء و(يشرهون)، وما إن يحدث حدثٌ إلا ويخرج أخرق معبأ بالأيديولوجيا أمام إحدى الدورات، وتخرج تلك البنادق الملفوفة في ورق مجلدات مراكزهم لتعبئة شعبية وتثويرها لا تنويرها. وتُجند لها ندوات أكاديمية، ويتحول كادر (الأوت كيو) الخاص ببرامج متابعة الثورات، إسكربتاً يزخز بالعبارات التحريضية والبغضائية والشتائمية، وسكيناً لتقطيع شأفة ولحمة الشعوب. يعترف برنار ليفي المفكر اليهودي الفرنسي بأنه الشخص الوحيد الذي أقنع الرئيس الفرنسي ساركوزي بالتدخل في ليبيا والدفع باتجاه تدخل قوات الناتو ضد القذافي، على المقلب الآخر لربما اختزلت وأثارت تلك الدهائية التدميرية حنق المنافس الكينيستي الذي ينظر إلى نفسه نداً أزعر وأصغر لليفي، محاولاً تقليد حذاقته المقيتة، ولكن في طقس ومساحة وأرضٍ غير، إلا أن دهائيته لم تتعدَّ ذلك الأنف المنذلق وكومة الشوارب الكثة التي تتشابك فيها أنفاس صدره الموغور حقداً وكراهية، والتي بطبيعة الحال تنكص على عقبيه كما المثل الفلسطيني الشهير (أتخيّب غاد). ولم يجد إلا ذلك المنبطح لكي ينبطح عليه كالخرتيت الهرم سوى منضدة خلفية شعار «أكاديمية التغير» بجمعٍ لا يقل خراقية عنه يسوق لهم التباشير. حالماً بأن يجلس مع (ميه شبّ) من السعودية! لماذا تحلم وعلى أي أساس أعطتك أضغاثك الوردية أن تحلم.. فمن أنت أيها الحالم؟!