خسرت البلاد قبل أيام رمزاً من رموز الإذاعة، أحد أعلامها البارزين الذين لا يكتب تاريخ الإذاعة السعودية إلا ويكون حاضراً في كل تفاصيله ومراحله.. رحل عنا والحزن يغمرنا على فراقه.. د. بدر كريم ذاكرة الإعلام الذي كتب بمشوار حياته عبر الإذاعة والصحافة تجربة رمز كان مثالياً في تجربته وعصاميته، عبر مسيرة من الكفاح والإبداع ومواصلة العطاء، لم تثنِه الحواجز والعوائق عن تحقيق طموحاته الكبيرة، بدءاً من الشهادة الابتدائية التي توظف بها حتى وصوله لشهادة الدكتوراه التي هيأته ليكون أستاذاً جامعياً محنكاً وخبيراً في مجاله. كان لوقفة معالي الشيخ جميل الحجيلان وزير الإعلام حينها، الذي شجعه على تحدي الصعب، وقد وجهه مؤكداً أنه لا يمكن لأي إنسان لا مؤهل دراسي له ولا يملك خلفية ثقافية أن يصبح مذيعاً، إلا أن بدر كريم الذي التحق بالإذاعة، ولم يكن لديه مؤهل دراسي سوى الابتدائية، برهن له بعصاميته وعزيمته أنه سيكون من الكفاءات وذوي الخبرة في الإعلام، ممن يفخر بهم الوطن، وأستاذاً جامعياً في كبرى جامعاتنا، كما اختير ليكون عضواً في مجلس الشورى. بدر كريم الإعلامي الرائد - رحمه الله - شق طريقه بكفاحه وعصامية متناهية، كان حظه أن سطع نجمه، وتجلت مواهبه مع نخبة من رواد الإعلام الذين تعلم منهم وتأثر بهم، أمثال: عباس غزاوي، مطلق الذيابي وعبد الله راجح. وتعلم من الأدباء الذين لم يبخلوا عليه بتوجيهاتهم، الأساتذة: محمد حسين زيدان، أبو تراب، عزيز ضياء وضياء الدين رجب. من خلال معرفتي به وتعاوني مع الإذاعة، عندما كان مديراً للبرامج، أستطيع أن أقول إنه - رحمه الله - كان لديه حس عال نحو واجباته، وإنصافه للمخلصين ممن عملوا معه، وأدوا واجبهم على أفضل ما يكون الأداء بكل إخلاص وإتقان. وهو الذي مارس عمله الإذاعي، ليس كموظف له مسؤولياته وواجباته، ولا باعتباره مسؤولاً يتولى مهام الإدارة والإشراف على مرفق إعلامي له حساسيته وأهميته كالإذاعة، بل مارس عطاءه بإبداع وحرفية؛ لذلك كانت إذاعة جدة في أزهى عهود تألقها ونجاحاتها وتفوقها في الفترة التي كان فيها مديراً لها، ومطوراً لهيكل برامجها.. في وقت كانت فيه المعايير أكثر صرامة وقيوداً، والتنافس بين الإذاعات على أشده، ولم يأخذ التلفاز دوره في المنافسة؛ لذلك كان يوحي للجميع أن العمل في الإذاعة ملهم ومحفز على العطاء. رحم الله أبا ياسر، علّم الكثير من جيل إعلامي وإذاعي بعده كيف يكون العمل الإذاعي عشقاً وإبداعاً.. لا وظيفة لكسب العيش، والوصول لمراتبها المتقدمة. وكنت من المحظوظين بالعمل معه في برامج إذاعة جدة الثقافية والدرامية. رحمك الله يا أبا ياسر، وإنا لفراقك لمحزونون.