لقد كان للمد الصفوي الإيراني أثره البالغ في نفوس أبناء الأمة العربية والإسلامية إذ انعكس هذا الأثر سلبا على نصرتهم للنظام الإيراني الذي يدعي الإسلام وذلك خلافاً للواقع من كذب ادعاءاتهم وافتراءاتهم وشعاراتهم التي تختفي خلفها وعلى رأسها الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا. إذ اتضح لأبناء الأمة العربية والإسلامية بكافة مكوانتهم وأطيافهم ومذاهبهم بأن هذه الشعارات ما كانت سوى مظلات للتغطية على الطموحات الفارسية الصفوية في المنطقة، التي لم تطلق رصاصة واحدة من قبل نظام الملالي لا على إسرائيل ولا على أمريكا بقدر ما جلبت الويل والدمار والقتل والتهجير لأكثر من ثمانية ملايين سني في العراق وقريب من هذا الرقم في سوريا ومحاصرة سنة لبنان بمصادرة قرارهم السياسي ومحاصرة مقدراتهم المتواضعة عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً بفتح الباب على مصراعيه للنفوذ الإيراني. لقد ظهر (السيد حسن) للمرة الثالثة بعد (عاصفة الحزم واللجم) وكعادته ملوحًا بيده وبإصبعه خاتم وكأنه قد أعطى لنفسه حقاً لا يلزم لبنان وحدها وإنما المنطقة بأسرها محللاً للوضع الأمني والسياسي تارة، ومهدداً تارة أخرى، إلا أن الأبرز في خطابه الأخير هو تعرضه وبشكل مباشر إلى خاصرة العروبة ومرتكز القرار السياسي والعسكري في العالمين العربي والإسلامي ألا وهي المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً، التي لولاها ولولا دعمها وتعاطف شعبها لما كان لمثل هذه الدمية وجود في حيز اللعب واللهو وترديد ما يقوله أسياده في قم، متناسيا قدوته (عبد الله بن سبأ اليهودي). لقد ادعى (السيد حسن) أن الهدف من عاصفة الحزم هو إعادة الوصاية للمملكة العربية السعودية وأنا أتساءل ما الضير في ذلك؟ أليس من باب أولى في العرب والمسلمين أن يكون ثقلهم الديني والسياسي ومنبع القرار العسكري وصياً عليهم؟ وإذا كانت الوصاية سعودية أليست هذه الوصاية متمتعة بقبول رسمي وشعبي عربي إسلامي بل وتنادي به لما للملكة من أهمية روحية وجدانية لدى المسلمين؟ وفوق كل هذا وذاك أليست وصاية المملكة على العرب والمسلمين أولى من وصاية الملالي في قم وخاصة في ظل ما شعرت به المملكة نظاماً وحكومة وشعباً من تهديد مباشر لأمنها الإسلامي المتمثل بالقداسة المكانية للحرمين الشريفين والقومي العربي في ظل الدعم الإيراني للحركات الانفصالية والمتطرفة والنظم الدكتاتورية في المنطقة وعلى رأسها النظام السوري الحالي ونظام المالكي سابقا لتفريغ المنطقة من محتواها السني والعربي، آملة من وراء ذلك إحياء أمجاد اندثرت على يد العرب عدا عن الأطماع التوسعية لنشر الفكر الشيعي الأمامي المتطرف. ومن ادعاءات (السيد حسن) أن الحرم المكي عموما والكعبة خصوصا مهددة من قبل داعش والسؤال هنا من أسس داعش أصلاً؟ ومن غذاها إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه؟ أليس أصحاب العمائم في قم ومشهد، هم من سلّم مقاتلي داعش من القتل أخيراً في معركة تكريت إذ لم يجدوا داعشياً واحداً ولا جثة مقاتل وقد صرح بذلك (قائد الحشد الشعبي) العراقي حيث قال: إن طائرات هيلوكبتر قامت بإجلاء مقاتلي داعش ولم نعثر على جثة واحدة. كل ذلك تم برعاية الجنرال (قاسم سليماني) حيث كان سببا وجيها لأن يبدي رئيس الوزراء العراقي امتعاضه وغضبه من التدخل الإيراني السافر بشأن العراق بعد أن أخذت الأمور تتكشف للعراقيين نظاما وشعبا وإذا كان هذا التهديد صحيحا فمن أين نشأ أصلاً؟ إن المتتبع لتصريحات المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم (مهدي كروبي) المرشح السابق للرئاسة الإيرانية عندما كلف بعهد (آية الله الخميني) بما يسمى بتفجيرات مكة من خلال افتعال الاضطرابات وإشعال الفتن داخل الحرم المكي التي راح ضحيتها 500 إيراني عام 1987م وكذلك تصريحاته بشأن الطائرة الإيرانية التي كانت تقل 110 أشخاص من الحجاج الإيرانيين الذي كان يتزعمهم حيث تمكنت الأجهزة الأمنية السعودية من إلقاء القبض عليهم قبل خروجهم من المطار محملين بحقائب الموت مملوءة بالمتفجرات في عام 1987م ناهيك عما صرح به من تكليفه بمهمات إجرامية فيما قبل عام 1985م بحق المملكة حكومة وشعبا كل ذلك بغية إثبات أحقية إيران في السيطرة على الثقل الديني السني ومرتكز القرار الإسلامي والعربي. وأما النقطة الثانية التي أثارها (السيد حسن) عمن فوض المملكة في التدخل في شؤون اليمن فإن أي باحث يتساءل من فوض الإيرانيين وأذيالهم في التدخل في شؤون العراقوسوريا وما ارتكبتموه من مجازر بحق الشعبين العربيين وما هي مصلحة (حزب الله) الملطخة يده بالدماء في أن يكون أداة طيعة لطرف هو بعيد كل البعد عن قيمنا العربية ومرتكزاتنا القومية فكما تدخلتم أنتم لنصرة الباطل فإن المملكة السعودية قد تدخلت في اليمن لنصرة الحق التي هي عمق استراتيجي وأمني لها وهذا من باب أولى وذلك انطلاقا من حرصها السيادي على أمنها القومي والعربي. إلا أن الأمر الأهم هو ما تعرض له (السيد حسن) من اتهامات لتخريب قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبور الصحابة الكرام في البقيع الذي هو مدعاة للسخرية وما هو إلا ترديد يردده العبد وراء أسياده في قم بلغة لا تنم سوى عن الانكسار والهزيمة المعاشة بتحطيم آمال الفرس وتطلعاتهم وما هي إلا لغة أصبحت للمشاهد العربي مألوفة وخاصة بعد تصريحات علي خامنئي الأخيرة التي تنسجم مع مثل هذه التصريحات متناسياً ما حصل من تقدم وازدهار في خدمة المقدسات الإسلامية في عهد الدولة السعودية وما قدموه للمسلمين عموما ولحجيج بيت الله خصوصا ومتناسيا في الوقت نفسه أن عيون السعوديين لا تنام خشية على سلامة الحرمين وما يضم ترابهما الطاهر من أرواح طاهرة. أن الزائر إلى بلاد الحرمين الشريفين ليرى ويلمس مدى العناية والرعاية التي تتمتع بها مقدساتنا الإسلامية من قبل المملكة حكومة وشعبا وإن كنا لسنا في معرض الحديث عن إنجازات المملكة وما تقدمه خدمة لأقدس المقدسات الإسلامية وما توليه من رعاية فائقة لها إذ إن المتفحص ليستشف وبلا تردد بأن هذه العناية ما كانت ولم تكن إلا بناءً على سياسات موروثة راسخة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، من وكل (السيد حسن) محامي دفاع عن القضايا الإسلامية والعربية ومن أعطاه هذا الصلاحية؟ أن المراقب إلى سيرة الرجل وسلوكه وحزبه ليعلم علم اليقين بأنه كان وما زال أداة بيد النظام الصفوي الإيراني الذي لم يتعرض (السيد حسن) لتاريخه المأساوي والمزري بكلمة واحدة تمس سفاح التاريخ (إسماعيل الصفوي)، وما تصريحات السيد إلا شعور واضح بالهزيمة والخسران أما الراي العام العربي الذي كان وإلى امد قريب متعاطف أيما تعاطف مع الإنجازات المزعومة (لحزب الله) في الجنوب اللبناني التي لم تجلب للشعب اللبناني سوى الدمار والويلات علاوة على ما وفره الحزب من حماية غير معلنة لإسرائيل بانسحابه إلى شمال الليطاني موفرا حماية لإسرائيل، مدعومة بقرار أممي رقم 1701 مانعا في الوقت نفسه جميع فصائل المقاومة السنية اللبنانية وحتى الجيش اللبناني نفسه من الاقتراب من الحدود الإسرائيلية، معلنا بذلك حلفا استراتيجيا مبطنا وعلاوة على ما ذكر لم تشهد المنطقة أي نوع من أنواع التوتر المألوفة بين إسرائيل وحزب الله منذ انشغاله بالقضية السورية على ما قامت وتقوم به إسرائيل من انتهاكات للأراضي السورية واللبنانية المتكررة وكأن المقاومة المزعومة انشغلت بما هو أهم بالنسبة للحزب من أمن لبنان القومي والاستراتيجي إذ أنه ومن باب أولى بالسيد بدلا من التعرض للمملكة التي لم تسيطر على شبر واحد من الأراضي اللبنانية ولا حتى اليمنية التي تدافع عن شعبها ومقدراتها أن يتعرض لقضية مزارع شبعا التي ما زالت محتلة والسيد يرنو لتحرير سوريا واليمن والعراق وكأنهما بلدان محتلة جره غروره الطائفي التبعي لأن ينصب نفسه والياً لإيران في المنطقة متناسيا الدعم السعودي الذي قدمته المملكة لا لحزب الله وإنما للشعب اللبناني إثر كل كارثة مع إسرائيل كان الحزب سببا فيها، وماذا عن الشعب العربي الأهوازي أين هو من نصرة المظلوم؟ وأما ادعاءات السيد من تجويع للشعب اليمني ومنع الإمدادات الطبية والإنسانية عنه فإن اليمن بعمقها القومي والجغرافي لا تكاد تنفصل عن المملكة العربية السعودية علاوة على الامتداد القبلي والعشائري عبر الحدود الذي حتم على المملكة التحرك لنصرة لأهلها وبني جنسها ودينها مقرونة في الوقت نفسه بمد الشعب اليمني بكل ما يلزم من مواد غذائية وطبية إنسانية حرصا على حياة المواطن العربي اليمني مع الأخذ بعين الاعتبار الحرص على أن تصل هذه الإمدادات والمساعدات لأيدي الحوثيين ولعصابات (علي عبد الله صالح) الذي بذلت المملكة كل معروف في سبيل تسليم حياته وأسرته من خلال ما قدمته له من دعم طبي إثر حادثة مسجد النهديين وما تعرض له المخلوع من حروق بالغة كادت تودي بحياته ليعود بعدها لليمن بصورة المنتصر فارضاً الشروط التي تضمن سلامته. إن المزايدة على عروبة اليمن نظاما وحكومة وشعباً ما هو إلا ضرب من السفه والجنون إلا أن طموحات إيران بتصدير ثورتها الصفوية الساسانية هي ما يجب أن تكون موضع انتقاد وخاصة في ظل انعدام العديد من العوامل المشتركة بين العرب كجنس وكقومية وبين الفرس علاوة على الانعدام شبه الكامل في الفكر والعقيدة والمذهب ناهيك عن الرفض الشعبي العارم للوجود الإيراني المتنامي المبني على الحقد والكراهية للعرب عموما ولأهل السنة والجماعة خصوصا وهو حقد موروث إذ في الوقت الذي كانت تتوسع فيه الدولة العثمانية في أوروبا كان التوسع الصفوي في المنطقة العربية على حساب انشغال الأتراك في أوروبا ولم ينقل لنا التاريخ وقفة مشرفة للنظام الصفوي، علاوة على ابتداع العديد من الأفكار الهدامة الرامية إلى تفتيت المجتمع الإسلامي. وختاما فإنه من باب أولى التعرض لما ادعاه من انتصارات هنا وهناك وأن اليمن بغالبية جغرافيتها وديمغرافيتها خاضعة للحوثيين وأنصار المخلوع صالح فإن أدنى نظرة إلى الوضع اليمني توصل إلى ما لا شك فيه وخاصة في ظل صرخات المخلوع بتوفير ملجأ آمن له ولعائلته مقابل التخلي عن تحالفه مع الحوثيين إلا أن الأهم من ذلك ماذا قدم (السيد حسن) للشعب اليمني في محنته الذي هو من أيقظ هذه الفتنة، السعودية التي يشتمها ويسيء إليها قدمت في يوم واحد (274) مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية التي دعمت اليمن منذ عقود طوال ولم تنظر للأمر يوماً بطائفية، وما ظهور (عبد الملك الحوثي) الذي هو مقلداً لسيده (حسن الخامنئي) بالإشارة والتوجيه مشيراً بيده وهو متختم بخاتم شبيه لخاتم سيده حسن، وإن كان السيد بذاته بعيداً عن السيادة بُعد العبد عن الحرية، فأين أصوات النصر الحوثي؟