يتوجَّه اليوم نحو 5 ملايين ناخب تونسي إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد في إطار الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس والمنصف المرزوقي الرئيس المنتهية ولايته، بعد أن كان المترشحان قد انخرطا في نظام «الصمت الانتخابي» طوال يوم أمس السبت، وفق ما يقتضيه القانون الانتخابي الجديد الذي يمنع تعاطي وسائل الإعلام مع أي معلومة حول أحد المترشحين حتى بمجرد الإيحاء، وذلك إلى غاية إغلاق آخر مركز للاقتراع. وكانت عمليات الاقتراع لفائدة التونسيين المقيمين في الخارج قد انطلقت ليلة الخميس بمكتب «كامبيرا» بأستراليا وبأمريكا احتراماً لفارق التوقيت، فيما بدأت يوم الجمعة بالنسبة إلى التونسيين المقيمين في الدول العربية والأوروبية، على أن تنتهي يوم الاثنين 22 ديسمبر على الساعة الثانية صباحاً بسان فرانسيسكو بالولايات المتحدةالأمريكية. وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن هياكلها في الخارج سجَّلت بارتياح تحسناً في نسبة إقبال التونسيين المقيمين في الخارج في اليوم الأول من الاقتراع في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية؛ إذ بلغت نسبة 6.07 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من الدور الأول، التي بلغت 5.70 في المائة. وكانت الهيئة المستقلة للانتخابات قد أعلنت جاهزيتها لإجراء الانتخابات في أفضل الظروف من الناحية اللوجستية التنظيمية، وقالت إن عدد الملاحظين في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية يبلغ 88 ألف ملاحظ، ينقسمون إلى 59 ألف ممثل عن المترشحين و29 ألف ملاحظ. فيما أكد نضال الورفلي الناطق الرسمي باسم رئاسة الحكومة أنه تم اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للسير الطبيعي للدورة الثانية من الرئاسية، في ظل انتشار أمني وعسكري كبير تفادياً لوقوع أي طارئ من شأنه إرباك عمليات الاقتراع في كامل تراب الجمهورية. يُذكر أن المهدي جمعة رئيس الحكومة كان قرر إغلاق المعابر الحدودية الجنوبية مع الجارة ليبيا، التي تشهد معارك ضارية وعمليات عنف، يخشى تنقلها إلى الأراضي التونسية. وقد تولى كل من المترشحَيْن السبسي والمرزوقي اختتام حملتيهما الانتخابيتَيْن مساء يوم الجمعة بتجمع جماهيري كبير لأنصارهما؛ إذ التقى المنصف المرزوقي مرشح حزب المؤتمر الحليف الأكبر للترويكا المستقيلة بقاعدته الانتخابية بإحدى مدن الساحل التونسي، ودعا الناخبين إلى اختيار رئيسهم الجديد القادر على ضمان تحقيق أهداف الثورة، وحماية الحقوق والحريات، دون أن يغفل عن توجيه اتهام لمنافسه الذي يسعى - حسب رأيه - إلى إعادة المنظومة القديمة إلى سدة الحكم. من جهته، قال الباجي قائد السبسي في كلمة ألقاها بمناسبة اختتام حملته الانتخابية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مساء الجمعة، بحضور جماهيري كبير، إنه يعلم من سلح ومن دفع إلى جرائم الاغتيالات السياسية التي حصلت في البلاد. ووعد بأنه سيعمل على كشف كل الحقيقة للشعب التونسي، ودعا التونسيين للالتفات للمستقبل، والعمل لإخراج البلاد من المأزق، وذلك من خلال تكاتف كل الجهود. وكان السبسي (88 عاماً) والمرزوقي (69 عاماً) قد حصلا على التوالي على نسبة (39,46 %) و(33,43 %) من إجمالي أصوات الناخبين خلال الدورة الأولى التي أُجريت يوم 23 نوفمبر الماضي. وبحسب القانون الانتخابي التونسي، يتمّ إعلان فوز المرشح الأكبر سناً في حال حصل المتنافسان على نسبة أصوات متساوية خلال الدورة الثانية، إلا أن شقاً من المحللين السياسيين يعتقدون أن السبسي وفق آخر التقديرات بمقدوره الفوز بنسبة عريضة في الدور الثاني، خاصة على خلفية حياد حركة النهضة (أكبر حزب سياسي يمتلك نحو مليون صوت)، فيما حذت الجبهة الشعبية إلى سارية حذو النهضة في حيادها تجاه السبسي، إلا أنها دعت أنصارها إلى عدم التصويت للمرزوقي باعتباره «صنيعة الترويكا المستقيلة أي سليل النهضة التي تعتبرها عدوتها اللدود».