مررت قبل أيام من مدرسة تحمل عبارة «إنما الأمم الأخلاق» ولم يتبادر لذهني أن تبقى صورة تلك اللافتة في عقلي مدة طويلة. فهي في أول الأمر وآخره مجرد كتابة حملت معنى سامياً يدل على سمو الأمم. ولكن عادتي أن أكون سارح الفكر لا أدقق بالأشياء التي اعتدت على رؤيتها بشكل دائم ومستمر، فالملل والتفكير بشيء هو الأول أكثر ما يستقطبني. عموماً.. ليس غريباً أن نقرأ مثل تلك العبارات والأمثال والحكم على جدران المدارس؛ فهي أصبحت دليل كل معلم مبتدئ عند البحث عن مدرسته الجديدة في الأماكن المكتظة سكنياً وبشرياً. الغريب بالأمر أننا نقرأ ونعي ما نقرأه ولكن لم لا نطبّق! لا أقصد فقط تلك العبارة «إنما الأمم الأخلاق»..بل جميع الأشياء التي نقرأها. فهي لم تكتب لمجرد الدليل بأن هذه مدرسة! بل كتبت ليعي الجميع أن العلم والمعرفة لا يأتيان إلا بالخلق أولاً. فالتربية تسبق التعليم كما تعلمون. للأسف كثير من الطلبة والمعلمين يرددون الحكم ويضربون الأمثال الشجية والقصائد الافتخارية.. وكأننا خير الأمم! مهلاً..مهلاً .. ما هكذا تورد الإبل يا سعد. فأي خلق عندما تجد بعض الكتابات غير اللائقة على جدران المدارس جنباً إلى جنب أمام تلك العبارات الرنانة أو حتى الآيات الكريمة! فأي خلق وأي تربية؟! أكاد لا أمر من أمام أي مدرسة إلا وأجد عبارات استفزازية، فاحشة، عبارات يخجل اللسان أن ينطقها، وواجهة لا تمثّل العلم والتعليم. فأي خلق هذا؟ لتكن التربية وتعليم الأخلاق وزرعها في نفوس أبنائنا وشبابنا هي الأهم. فما فائدة العلم إن لم يكن هناك تربية وخلق قويم يزرع في النفس والفكر أشياء يحق القول بعدها أننا خير الأمم، فالأخلاق والتربية تصنعان حضارة يفتخر بها ذو الخلق أمد الدهر.