شهد المؤتمر الصحفي لحركة النهضة الحاكمة مفاجأة من العيار الثقيل حيث غاب زعيم النهضة الشيخ راشد الغنوشي ولم يقدم «نوابه» أي تفسير مقنع لذلك حيث تداول الصحفيون ما راج من أخبار حول إزاحته من منصبه أو عزله بسبب تصرفاته وتصريحاته الأخيرة التي عارضها شباب الحركة واعتبروها لا تلزمه إلا هو وعبروا عن ذلك صراحة في الصحف. وكان من الصعب أن يتولى أحد قياديي النهضة تعويض زعيمها بمفرده فحضر كل من رفيق عبد السلام والعجمي الوريمي عضوا المكتب التنفيذي وعبدالحميد الجلاصي نائب رئيس الحركة محاولة لملء مكان الغنوشي. كل الحسابات سقطت في الماء بعد أن اكتفى الثلاثي باستعراض المقاربة النهضوية لحلحلة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من شهرين التي سعى الفرقاء السياسيون إلى وضع حد لها، كل على طريقته وكل وفق ما يراه صالحاً للبلاد ولا ينسجم بالضرورة مع الطرف المقابل. من هنا كانت هوة الخلاف بين الحكومة والمعارضة تأخذ في الاتساع يوما بعد آخر إلى أن بلغت حدها الأقصى بإعلان حكومة الترويكا بتحفظها على بعض النقاط الواردة في خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار المنبثقة عن مبادرة اتحاد الشغل لحل الأزمة. أزمة سوف تكون لها تداعيات خطيرة إذا ما تواصلت إلى ما لا نهاية خاصة أمام تدهور المؤشرات الاقتصادية التي لم تعد تخفى على أحد بعد صيحة الفزع التي أطلقها محافظ البنك المركزي في وجه القادة السياسيين داخل السلطة وخارجها داعياً إياهم إلى التعجيل بالتوافق بشأن حل يعيد الأمور إلى نصابها. وبالرغم من التكتم الشديد الذي يصاحب غياب زعيم النهضة عن الفضاءات الإعلامية منذ أسبوع فإن الغنوشي غاب بالفعل عن الأنظار وتوارى ليفسح المجال لوجوه جديدة احتلت المنابر وأضحت تقود المفاوضات إلى جانبه وتتزعم الردود وإعلان المواقف. من جهة أخرى أكد متتبعون للشأن السياسي أنها مناورة سياسية جديدة تقدم عليها النهضة الخبيرة في أحكام صنع المناورات الهدف من ورائها تخفيف الضغط الإعلامي على رئيس الحركة وتغيير اتجاه الرأي العام المركز على كل كلمة ينطقها الشيخ راشد الغنوشي. واعتبر آخرون أن ما صرح به عبد الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة صحيح والدليل على ذلك الغياب الكامل للشيخ عن وسائل الإعلام المرئية بالخصوص وتصدر وزير الصحة وعضو مجلس الشورى أعلى سلطة في الحركة المنابر الحوارية وحتى المفاوضات.