تبدأ غداً أشغال أول مؤتمرٍ لحركة النهضة الإسلامية في تونس، وهو مؤتمر يستمد أهميته من توقيته، إذ يأتي في فترة حرجة تعصف فيها بالبلاد أزماتٌ سياسية، كما يأتي المؤتمر قبل أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة. وتعتبر الحركة من أهم القوى السياسية الموجودة على الساحة السياسية في تونس وتقود ائتلافا حاكما بعد تحصلها على نحو 40 % من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي في انتخابات أكتوبر الماضي. ويرى مراقبون أن المؤتمر سيكشف حقيقة الاختلافات داخل الحركة، ويؤكد مطلعون أن هناك ثلاثة تيارات رئيسية تشقها، تيار بقيادة الزعيم الروحي للحركة الشيخ راشد الغنوشي وحمادي الجبالي رئيس الحكومة، وآخر بقيادة وزير الداخلية علي العريض ويقف معه في نفس الصف قيادات الجيل الثاني وهم من رموز الحركة الطلابية في الثمانينيات مثل العجمي الوريمي ووزير الصحة عبداللطيف المكي ووزير النقل عبدالكريم الهاروني، أما التيار الثالث فهو بقيادة الحبيب اللوز والصادق شورو. والخلاف الأساسي داخل النهضة هو في الموقف من السلفيين، ففيما يرى شورو واللوز ضرورة التحالف معهم باعتبارهم جزءاً من الحركة الإسلامية، يرى تيار العريض أن منطق الدولة المدنية يقتضي الحسم علناً معهم، بل حتى مواجهتهم للتأكيد على مدنية الحركة والتزامها بالنظام الجمهوري وقيم الحداثة والتنوير دون أن تتخلّى عن مرجعيتها الإسلامية لتكون أقرب بذلك إلى النموذج التركي. ويقف راشد الغنوشي والأمين العام للحركة حمادي الجبالي في موقف وسط، وسيكشف المؤتمر عن ثقل كل تيار.وسيشهد المؤتمر حدثاً بارزاً هو عودة ثلاثة قياديين من مؤسسيها تم إبعادهم في السنوات الأخيرة، وهم الشيخ صالح كركر مسؤول الجناح العسكري الذي حكم عليه بالإعدام في عهدي بورقيبة وبن علي ونجح في الفرار إلى فرنسا التي وضعته تحت الإقامة الجبرية وعاد قبل أسابيع على كرسي متحرّك.وفي حين أن كركر المعروف بتشدده لم يعد له رصيد كبير داخل قواعد الحركة، فإن عبدالفتاح مورو يعتبر شخصية مقبولة شعبيا فهو معروف باعتداله ودفاعه عن “الإسلام التونسي” المستنير، وسيعود مورو إلى الحركة هو الآخر بعد أن استقال من رئاستها سنة 1991 احتجاجا على عملية باب سويقة الشهيرة وذهب ضحيتها حارس مقر الحزب الحاكم سابقا. أما الشخصية الثالثة التي ستعود للحركة، حسب ما صرّح به الشيخ راشد الغنوشي، فهو بن عيسى الدمني، وهو من مؤسسي الحركة، وكان استقال منها هو الآخر بعد حادثة باب سويقة.