عوداً على ذي بدء حول المدارس الأهلية والعالمية في التعليم العام بوزارة التربية والتعليم وما سبق وأن أوردته من ملاحظات في هذه الصحيفة في عدة مناسبات، وهي ذات مداولات هامة ودقيقة حول حقيقة التعليم الأهلي والأجنبي تنظيماً وهيكلة وتجديداً وما تعانيه الوزارة من تكتيف للأيدي التنظيمية وربطاً للرقابة المالية، وذلك بسبب ما يمكن أن أطلق عليه «اللوبي المنتفع» من هذه الدوامة التي تدور رحاها في الإدارة العامة للتعليم الأهلي من عدم إمكانية كبح جماح الطمع «والجشع والاستغلال المالي» من أصحاب الشركات التعليمية الكبيرة التي أصبحت «تمساحاً» يقضم كل ما يجده في طريقه إلى عالم «التخمة المالية». اليوم الوزارة - وأقصد وزارة التربية والتعليم - وفي تصريح الأخ الكريم والزميل الفاضل الأستاذ محمد الدخيني في بعض وسائل الإعلام المقروءة يصرح ان عدد الطلاب المسجلين في المرحلة الابتدائية هذا العام 1434 - 1435ه للصف الاول الابتدائي (147788) ولا يزال قيد الإجراء (19968) طالب وعدد المقبولات في الصف الاول من البنات (150602) طالبة ولايزال تحت الإجراء (20971) طالبة، وتحت الإجراء يعني عدم تمكن الوزارة من التسجيل لعدم وجود امكانية في فصولها الدراسية، وهذا نتج عنه زيادة في رسوم المدارس الاهلية من (20 - 30%) دون أن تكبح الوزارة جماح هذه الزيادات رغم التوجيه الملكي الكريم بوضع الخطط المناسبة التي تكفل الرقابة المالية، وتحقق التوزان بين العرض والطلب دون إلحاق الضرر بالمواطنين. أصبح المواطن بين مطرقة الرسوم الدراسية المفروضة - بطريقة مزاجية - في مدارس التعليم الأهلي، وسندان وزارة التربية والتعليم التي وقفت عاجزة عن شيئين: 1- تسجيل الطلاب والطالبات بمدارسها الحكومية. 2-وقف رفع أسعار الرسوم الدراسية التي أصبحت «ناراً تلظى» يصلاها أصحاب الدخل المحدود في وقت الكل يدرك ان التعليم الحكومي الإلزامي مجان، فأين يذهبون؟ حقيقة تعيش الوزارة أسوأ مرحلة في فتراتها التطويرية طالما هذه الحقائق المكشوفة على الأرض الواقعية للتعليم الذي يعترف بعدم القدرة على قبول كل الطلاب والطالبات المستجدات، وهل هذا بسبب عدم قراءة الواقع المستقبلي للزيادة العديدة المضطرة للطلاب والطالبات، وأقصد القراءة هو الأرقام العددية والمؤشرات البيانية التي تطالب بها الوزارة الإدارات التعليمية لتبني عليها خططها المستقبلية من المشاريع التعليمية لتطالب وزارة المالية على ضوئها بمخصصاتها وميزانيتها السنوية، ولكن الوزارة في الحقيقة ورغم جهود الزملاء في إدارات وكالات التعليم إلا أن السير في القفز السريع للتطوير هو ما أربك هذا الميدان من جهة وإهمال الجوانب التنظيمية التي تحكم الإطار العام للتطوير من جهة أخرى بحيث لم تكتمل حلقة التطوير تكاملاً إداريا بدون فجوات أدى إلى هذا الخلل الواضح في الطفو على السطح، ومن هذه «إهمال جانب التعليم الأهلي» حيث ركزت على المخرجات والمناهج وتناسوا أو قد يكون «عمداً أهمل جانب التنظيم التطويري» لحاجة في نفس يعقوب قضاها «وسبق أن أوردت الكثير - وبح صوتي - في الالتفات الى التعليم الأهلي والأجنبي تطويراً وتنظيماً حتى لا يكون «ساطوراً» يقطع اوصال التعليم و»ناراً تلتهم» الأخضر واليابس، ولازلت أؤكد ان الحلقة بدأت تضيق الخناق على «الرقبة التعليمية» خنقاً وتضييقاً، أخشى ما أخشاه ان يزرق الجسد وتجحظ العيون وينفد الأوكسجين المغذي للجسم ويهدد سلامة الجسم التعليمي. العديد من الدراسات، وكنت سبق ان طرحت ومجلس الشورى ناقش اللائحة الجديدة التي ناديت بها منذ أكثر من (8) سنوات مضت بضرورة تجديدها وتحسينها لتواكب التعليم المتطور والخطط الموضوعة من قبل «مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم» ولكن لازالت الرغبات السابقة والتستر على الثغرات موجودة حتى يكون منفذاً للمنتفعين من المساهمين في الشركات التعليمية وهم لايزالون على رأس العمل التعليمي حتى يضمن لهم حقوقهم المالية بعد التقاعد أو ترك الخدمة نظاماً أو رغبة، وهذا بلاشك يرتقي إلى خطورة يجب التنبه لها - التي قلتها مرارا وتكرارا - أن من يعمل في التشريع والتخطيط المستقبلي للتعليم يجب أن يكون بعيداً كل البعد عما يشوب العملية التعليمية ويهدم جانب القوة التنظيمية والقرارات العقابية للمخالفين لأنظمة الوزارة. مادامت الوزارة غير قادرة على التنظيم الانضباطي «للمدارس الأهلية والأجنبية» الذي يضمن الحقوق للجميع بعدالة شرعية ونظم موثقة تطبق بكل حذافيرها بعيدة عن أعين «الوصاية» أو التهاون فلنتخذ «التجربة الأوروبية» في التعليم الإلزامي ونفر فرارنا من المجذوم من التجربة العربية في التعليم الأهلي والأجنبي التي نطلق عليها «التعليم المخملي» التي تعتمد على أمرين هامين: 1-الكسب المادي الجشع من خلال «مص العظم» وفرض الرسوم كيفما شئت وتحت شعار المقولة الشعبية «على عينك ياتجار» لأنه لا رقيب ولا حسيب (الوزارة عاجزة بسبب اللائحة التعليمية القاصرة بندودها وأنظمتها ورقابتها وحتى اللائحة الجديدة المقترحة أيضاً لاتحقق هذه الرقابة) والشركات التعليمية على مقولتهم الساخرة التجارة فأصبح التعليم «تجارة رابحة» يضمن الربح وتنتفي صفة الخسارة في عرف التداول المالي فلا اسهم حمراء ولا مؤشرات وشاشات بورصة تجلب الضغط ومرض السكري. 2- إهمال الجانب التعليمي التحصيلي بتسهيل كل المقررات في بعض المدارس بورقات وملخصات لا تظهر للرقيب «ومكاتب الخدمات التصويرية للطلاب تشهد بهذا» وكذلك الأخلاقي من خلال عدم احترام الطالب للمعلم أو الهيئة التعليمية في الوقت التعليمي والخروج والانصراف «والمدرس» تحت وطأة رضا الطالب من جهة وخوفه من أن يلغى عقده إذا تصرف ما يستوجب التطبيق للوائح التي فرضتها الوزارة في مدراسها الحكومية حتى لا يزعل والده ويسحبه من المدرسة الى مدرسة اخرى وتخسر هذه الألوف سنوياً هو وإخوته الآخرون. كل دول العالم لا توجد بها «مدارس أهلية» للمراحل التعليمية الإلزامية كلها حكومية وتحت نظر الدولة في مشاريعها وتطويرها وما هناك من «تجارة في التعليم» في المراحل الجامعية التي هي تتجه الى تحسين المنتج التعليمي كسباً للمميز من الطلاب على نقيض التعليم الأهلي والأجنبي في عالمنا العربي التي تتفاخر بنتيجة «بالمعدل الثانوي» الذي يضع أكثر من علامة تعجب في طريقة الحصول عليه والدليل على هذا «معيار القياس» وكذلك معيار «الاختبار التحصيلي». فهل تعي الوزارة هذه الحقائق القائمة التي تكشف من خارج اطارها التنظيمي، ولماذا لم تستأنس الوزارة، وكذلك القائمون على التنظيم للتعليم الأهلي والأجنبي برأي من هم خارج الوزارة من أصحاب الخبرات والخلفية الإدارية والتنظيمية والدراسات الميدانية والبحوث العلمية، وإن كنت أشك البحوث النظرية لا تخدم التنظيم في التعليم الأهلي والأجنبي اذا لم تسندها الخبرة والاحتكاك الميداني والتجربة الواقعية والرؤية التي هي المقياس وألا تكون اللجان التي يسند لها هذه اللوائح المقترحة تنتمي إلى فئة المنتفعين في أسهم تلك الشركات التعليمية، وتضيع الحقائق في غياهب التملص والتمييع والتشكيك في صحتها وقدرتها على معالجة الواقع. وفق الله الجميع لكل خير. [email protected] مدير عام التعليم الأهلي للبنات سابقا - وزارة التربية والتعليم