كلما آن الأوان لليل آن يلبس السماء ثوب السبات الأسود المرصع بالنجوم، وكأنه ثوب فلاحي خاطته عجوز بيديها ورصعته بنقوش فلاحية قد تمرست في نقشها على مر الأيام وينير من حول تلك النجوم قمر نوره الهادئ يناجي العاشقين هلموا إلى درب الهوى درب الحب الجميل من لا ظل صاحبه ولاغوا درب اليقين إلى العشق الجميل يهدي من كان له على الحب نوى فتلامس مناجاة القمر مسمع ذاك العاشق الذي أبعدته الأقدار عن محبوبته ويقول للقمر مناجياً من هم بات يناجيه: قل لها يا سامعي حسبُك للمليحة السمراء بمقلم بالرسيس ما أمرها إلا سهاد فعناء وراجيها بالفؤاد رفقا فلا يطيق منها جفاء وجسدا هامدا من العشق فيه إعياء وعاشق بالبعد تحِل به نوائبُ ونوائب ما كان لها في ليالي الدجى انجلاء، يتوق من نورك لبرهة أن يلبسه ضياء، فالليل بالبعد ما انجلى وكم سئم الظلماء وبالشوق تعصف من حوله عواصف وعواصفُ بشأنهن الليالي بتنا سواء بسواء.. أهن الشتاءُ أم بات صيفهن شتاء والجسد الهامد من الإعياء ببردهن أصابه إغماء نخر السقامُ به كجثة طفق ينهشها السبع وما بقي منها إلا بقايا من أشلاء، قل لها يا سامعي وإني طالب منها القرب وما همني أن يكون قربها الرمضاء، وإني قد هممت لا آتينها وأقول يا حسناءُ إني لكِ محب سأقولها واثقا مآبي من استحياء وإني كنت كل حين أصلي إن قل اللقاء وفي الجفاء متضرعا أدعو من تجلى في السماء فحبكِ سكن أعماقي فخالط الدم والأحشاء، والتفكير فيك همي فأنت لدي أثمن الأشياء آه كم أحبك وما كنت بحبكِ مفرطا وكيف لي أن أفرط فيك وأحسب نفسي من العقلاء والله لا أكون إلا شقيا يزدرى ويزدريه السفهاء قل لها يا سمعي كم أحبها تلك المليحة السمراء. - أنس الضميري