عزا مستشار «الإستراتيجية» بمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة تأخر المملكة في استغلال الطاقة الشمسية رغم امتلاكها لأفضل إسقاط شمسي في العالم إلى أربعة أسباب رئيسية والمتمثلة بوفرة البترول في الوقت الحالي، النظرة المقتصرة على الجانب المادي للمشروع، ومعدلات الاستهلاك السابقة المعقولة والتي تزايدت الآن بشكل كبير، إلى جانب أنه لم يؤخذ الموضوع بنظرة شمولية وإستراتيجية كمشروع وطني، حيث لم تتعد المحاولات السابقة كونها مبادرات محدودة من بعض الجهات ولم يكن لها دعم كاف وكان التركيز على الاعتماد على البترول كمصدر للطاقة. ولفت المهندس عبدالله القحطاني، إلى أن التكلفة المادية الرأسمالية لهذه المشاريع قد تكون مرتفعة على المنظور الزمني القصير ومن البعد الاقتصادي البحت لكنها ستساهم بتوفيق الله في المحافظة على الثروة النفطية للأجيال القادمة لتخدم مستقبل المملكة وتحافظ على اقتصادها بل وتنوع القاعدة الاقتصادية وتحسن البصمة البيئية للمملكة، مؤكدا أن برامج الطاقة الذرية والمتجددة يهدف لصنع قطاع مستدام يسعى لبناء منظومة متكاملة وقطاع اقتصادي وليس مجرد توليد للطاقة. جاء ذلك خلال ورشة عمل «يوم المورد» نظمتها شركتا أريفا (AREVA) وإي دي إف (EDF) الفرنسيتان أمس في الرياض مع عدد من الشركات العاملة في قطاع الأعمال والصناعة المحلية للمشاركة في برامج الطاقة الذرية والمتجددة التي طرحتها مدينة الملك عبد الله للطاقة. وكشف القحطاني أن مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة تتجه لتوفير سعة مركبة بمقدار 18 جيجا وات للطاقة الذرية و54 جيجا وات من الطاقة المتجددة منها 41 جيجا وات من الطاقة الشمسية لوحدها وذلك بحلول عام 2032، وهو الأمر الذي سيجعل برنامج المملكة للطاقة المستدامة الأول على مستوى العالم مقارنة بنظرائه من كبريات الدول المنتجة للطاقة مثل الاتحاد الأوروبي وأمريكا والصين والهند. كما أبان أن الطلب على الطاقة في المملكة وصل مؤخرا إلى 45 جيجا وات - حسب إحصاءات هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج -، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى وصوله ل 120 جيجا وات خلال العشرين سنة القادمة، والذي يستهلك 80% من السعة الإنتاجية للطاقة النفطية بالمملكة، وموضحا أن إنتاج الطاقة الكهربائية الحالي يستهلك 4 ملايين برميل نفط مكافئ في اليوم وذلك حسب إحصاءات «أرامكو»، والذي سيقفز خلال العشرين سنة القادمة مع زيادة السكان لنحو 8 مليون برميل في اليوم، مما قد يؤثر بشكل سلبي على التنمية في المملكة. وأردف القحطاني: أن برنامج المملكة لإنتاج الطاقة جاء ليقلل الاعتماد على الموارد النفطية حيث يسعى لتوفير 50% من حاجة المملكة للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والذرية، فيما يؤخذ النصف الآخر من البترول، مؤكدا في الوقت ذاته مساهمة المشروع الوطني للطاقة بقيادة المدينة في تحقيق تنمية مجتمعية - اقتصادية، حيث من المتوقع أن يوفر البرنامج 130 ألف فرصة وظيفية واعدة للشباب والفتيات خلال مدة البرنامج. وذكر القحطاني أن البرنامج أخذ بعين الاعتبار العوامل المناخية للبيئة الصحراوية في المملكة حيث توجه التركيز لتوليد الطاقة الشمسية الحرارية أكثر من الضوئية التي تحتاج الألواح المستخدمة لتوليدها تنظيف دائم بسبب الغبار، إلى جانب كونها تعطي تنمية اقتصادية وصناعية ستجعل من المملكة في مركز منافس على مستوى العالم في هذه التقنية. وأشار مستشار الإستراتيجية بمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، أنه لا يوجد أي اتفاقية حالية مع الشركات المحلية والعالمية لتوليد الطاقة بالمملكة، وأن المجال لا زال متاحا لجميع الدول وشركات تطوير مشاريع الطاقة المستدامة والاستثمار الصناعي والمعرفي وتنمية رأس المال البشري التي وقعت معها المملكة اتفاقيات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة الذرية والمتجددة وغيرها لبحث ونقاش عروضها القيمية، حيث من المخطط أن تتبلور خطط التنفيذ في الفترة القادمة ومع شركاء العمل من القطاعين العام والخاص.