لست وحدي من يقول عبارة عنوان مقال أسطري، ولكنها كلمة الكل قائلها ويعمل على تحقيقها على أرض الواقع: نعم، لا مقام بيننا لمن يريد لتلاحمنا الفرقة ولوحدتنا التمزق والشتات؛ فديننا الحنيف دعا إلى الاعتصام بحبل الله المتين وعدم التفرق والتشرذم { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} والخروج على ولي الأمر وعصيان ولاة الأمر.. ألسنا نقرأ قول الحق تبارك وتعالى {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} فطاعتهم واجبة وبيعتهم شرعية في المنشط والمكره، ما لم يأمروا بمعصية. وفي التفاف الأمة حول علمائها وأمرائها قوة وتماسك ووحدة تحقق خير البلاد والعباد وتبعد عن أوطانهم كيد الكائدين ومكر المخادعين الذين يسعون ليل نهار للوقيعة بين المسلمين وولاة أمرهم وذهاب ريحهم وقوتهم وجعل أوطانهم تموج بالفوضى والاضطرابات والإخلال بالأنظمة وتضييع للمصالح العامة والخاصة، وتحقيق لمطامع أجندة خارجية لا تريد للبلاد الخير، بل تريد لها الشر المستطير، بل هي تقليد ومحاكاة لما وقع في بلاد مجاورة ذاقت الأمرين بعد أن تفشى فيها وباء نقله لهم أعداء دولهم وأمتهم وما أولئك منا ببعيد، فغاب الأمن وعمت الفوضى وانتهكت المحارم وسلبت الممتلكات في وضح النهار، وخاف الناس وأصابهم الهلع، ونحن في بلادنا ننعم بنعم عظيمة أسداها لنا البارئ الكريم فقد جاء في الحديث الشريف (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان) فالعلماء والعقلاء، وحتى البسطاء من الناس والعوام، يعرفون حق المعرفة نعمة الأمن والاستقرار وأثرها على حياتهم الحالية والمستقبلية وعلى مصير الأجيال القادمة، وكما يعرفون ذلك الثابت القويم في حياتهم يعرفون أيضاً طرقاً لنقل أصواتهم إلى المسؤولين أياً كانوا، فسياسة بلادنا وقادتها سياسة الباب المفتوح تلك السياسة واقع مشاهد شاهده وعاشه حتى المقيمون في وطننا الغالي، وليعلم كل من تسول له نفسه أن وحدة والوطن وتماسكه خط أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي مبرر، وليعلم أن الفتنة نائمة ولعن الله موقظها، وأن الشرع الحنيف هو الفيصل والمرجع في تنظيم شؤوننا الدينية والدنيوية. وأننا صف واحد وبنيان متماسك يرص بعضها بعضاً وحصنا منيعاً في وجه كل عابث وصاحب هوى وفتنة. اللهم أدم على بلادنا نعمك الظاهرة والباطنة واحفظها من كيد الكائدين، ونعوذ بك من الخيانة فإنها بئس البطانة، واجعل وطننا مناراً لخير الأمتين العربية والإسلامية. اللهم آمين.