كُتب الكثير حول قضية الطفلة رهام، التي نقل لها دمٌ ملوث بمرض الإيدز، ولا أعتزم تكرار ما كتبه الآخرون، ولكن عندما خصص الأخ داوود الشريان حلقة الثامنة للحديث حول القضية، واستضاف والدها، وعمها، استرعى انتباهي سؤال الأخ داوود: لماذا حدث ما حدث؟ وكان الجواب بسيطاً، ولكنه معبّر، ومؤلم في ذات الوقت، عندما قال عمها: إنه بسبب أننا في جيزان!! هل ذلك الجواب يعبّر عما يشعر به الكثير خارج المدن الرئيسة الثلاث؟ أعتقد ذلك!! وأستطيع أن أروي من تجربة سابقة أنه خلال إعداد إحدى الميزانيات السنوية للحكومة، كان معتمداً إنشاء (12) مستوصفاً حول المملكة، وفي المناطق خارج المدن الرئيسة، وفي آخر لحظة عدّل مسمى المستوصفات، إلى مستشفيات، دون إجراء أي تعديل حقيقي على طاقات، أو إمكانيات تلك المستوصفات، وكان ذلك بالتوافق بين وزارتي المالية، والصحة، وهو ما عبّر عنه عم الطفلة رهام، للإشارة إلى حجم الإهمال الصحي السائد خارج المدن الثلاث الرئيسة، وإن كنت لا أبرئ حتى المدن الرئيسة، من سوء العناية الطبية، حيث أصبحت عملية حجز سرير في مستشفى حكومي، قضية شبه مستحيلة، إلا بواسطة. أتساءل هنا، كيف أصبحت حياة المواطن حقل تجارب لهذا الوزير، أو ذاك، حيث يأتي وزير يؤمن بتولي القطاع الخاص عملية تشغيل المستشفى، ثم يليه وزير يؤمن بالتشغيل الذاتي، وآخر يطوّر نظام التأمين الطبي، ثم يليه وزير يرفض التأمين كمبدأ، وهكذا نستمر، وأغلب وزراء الصحة هم أطباء، وليس لديهم أي خبرة إدارية!! هنا لابد أن أعترف بأنني سعيد بكل ذلك الزخم الإعلامي، حول تلك القضية، وهي تستحق ذلك، وأود أن أعطي رهام، وعائلتها أملاً كبيراً في شفائها، حيث إن لاعب كرة سلة أمريكي (Majic Johnson) اكتشف إصابته بذات المرض قبل عشرين سنة، وبسبب تطورات إيجابية في مكافحة المرض، فهو ما زال حياً، وبصحة جيدة. في الختام أود إعادة استعراض قصة إنسانية معبّرة، وهي أن لاعب كرة التنس الأمريكي آرثر آش، وهو أول رجل أسود يفوز بأعلى جائزة في مجال التنس، وهي جائزة ويمبلدون، وكان ذلك في عام 1975م، وفي عام 1992م، احتاج أن يجري عملية جراحية، ونقل له دم، تبين أنه ملوث بمرض الإيدز، ولم يكن علاج ذلك المرض قد طّور، كما هو اليوم، وقبل وفاته سأله أحد الصحافيين: عندما تخلو مع نفسك، هل تسأل الله، لماذا أنا تحدث لي هذه الغلطة الطبية، وأواجه الموت اليوم؟؟ وإليكم إجابته العظيمة: قال السيد آش: يوجد حول العالم (50) مليون شخص يلعبون لعبة التنس، و(5) ملايين منهم يأملون الدخول في مسابقات، ولكن (50) ألف منهم يدخلون مسابقات عالمية، تحضّر بعضهم للمنافسة العالمية، وفقط شخص واحد يكسب جائزة ويمبلدون، وعندما كسبت تلك الجائزة، لم أتوقف وأسأل ربي: لماذا أنا فقط من فاز بالجائزة؟ ولذلك من غير المقبول أن أسأل ربي اليوم، لماذا أنا من يمرض؟! شفا الله رهام، ورحم الله آش. [email protected]