سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معالي وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجمهورية التونسية.. الأستاذ الدكتور نورالدين الخادمي ل(الجزيرة): إشراك المرأة في قضايا المجتمع ومن ذلك مجلس الشورى قرار شرعي صحيح بل هو واجب شرعي لمصلحة المجتمع
أثنى معالي الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية والأوقاف في تونس على قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بدخول المرأة في عضوية مجلس الشورى السعودي، وقال: إن هذا القرار قرار شرعي صحيح بإشراك المرأة مع الرجل في أمور وقضايا المجتمع ومن ذلك مجلس الشورى ويعد إجراءً شرعياً صحيحاً ومطلباً حياتياً ضرورياً، بل هو واجب أحياناً في مجالات معينة.. وأضاف معاليه أن هذا القرار منسجم مع الدليل الشرعي الصحيح، وأن إشراك المرأة يجعل القرار الصادر عن المجلس معبراً عن المجتمع كله وينعكس على كل المجتمع. وقال: إن الآية الكريمة: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] خطاب للرجل والمرأة وأورد معالي الوزير الدكتور نور الدين الخادمي نماذج لاستشارة المرأة المسلمة عبر التاريخ الإسلامي والدور الذي قامت به في هذا الصدد. وقال معالي الوزير: إن استشارة المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين وللصحابيات الجليلات رضوان الله عليهن يجسد منهجاً نبوياً في إجراء الشورى، وأضاف: يجب ألا يغيب عن ذاكرتنا مشاركة النساء عبر التاريخ في الإفتاء والجهاد والتعليم والاجتهاد وهذه نماذج علينا الاقتداء بها.. فكيف ننكرها أو نقول بخلافها..؟ وأشاد معالي الوزير التونسي بالضوابط الشرعية التي تضمنها قرار خادم الحرمين الشريفين، وقال: إن هذه الضوابط نابعة من الشريعة وهي تدعو للاطمئنان أكثر وأكثر. جاء ذلك خلال هذا الحوار مع معالي الدكتور نور الدين الخادمي: * معالي الوزير، كيف ترون الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين عدد من أعضاء مجلس الشورى السعودي ومن بينهم عدد من النساء، كيف يرى معاليكم هذا القرار؟ - بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. بالنسبة لسؤالكم المتعلق بالقرار الملكي بإشراك النساء في عضوية مجلس الشورى، لا شك أن إشراك المرأة مع الرجل في قضايا المجتمع ومن ذلك مجلس الشورى إنما هو أمر شرعي حياتي ضروري واجب في مجالات الحياة كلها والله سبحانه وتعالى خلق آدم وخلق حواء ليكونا المنطلق والبدء في كل هذه الإنسانية، في كل العالم، في كل الدول، في كل الأنظمة وفي كل المجالات الحياتية تعليماً واقتصاداً وسياسة وبيئة وغير ذلك. دور شرعي مطلوب وإشراك المرأة في العمل الشوري وفي المجالس الشورية وفي المجالس التي فيها يتم تداول الرأي والمشورة ومناقشة القضايا العامة وتوجيه الناس واتخاذ القرارات والسياسات المناسبة، كل هذا من العمل الديني المطلوب ومن التكليف الإسلامي إشراك المرأة في المجالس الشورية، بمعنى أن المرأة تشارك الرجل في مناقشة الآراء والمواقف وتقديم الرأي في إطار جماعي، في إطار اتفاقي ووفاقي، في إطار أن يكون هذا الرأي معبراً عن المجتمع كله وعن الدولة كلها. هذه الشورى عمل مشروع، فالقرآن الكريم ذكر: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ، وأمرهم هنا يعود على المسلمين ذكوراً وإناثاً، رجالاً ونساءً دون تخصيص جنس معين أو نوع معين فيتعلق الشورى بكل المسلمين (بينهم) أيضاً في التداول والمناقشة وإبداء الرأي، فقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، هو نص قرآني على أن الشورى عمل رجالي وعمل نسائي بناءً على شروط وعلى معطيات وقواعد تتعلق بالكفاءة، تتعلق بالأمانة والنزاهة، وهذه الأوصاف ليست أوصافاً متعلقة بجنس معين، فإنما هي أوصاف جمعية أي شخص رجلاً كان أو امرأة وجد فيه الكفاءة والنزاهة والأهلية يكون جديراً بإعطاء الرأي وبيان الموقف سواء كان ذكراً أو أنثى. خطاب موجّه للمصطفى صلى الله عليه وسلم الآية الأخرى قوله سبحانه وتعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ، وهذا خطاب موجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشاورهم هنا الضمير يعود لمجتمع المسلمين، مجتمع الصحابة الذين عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا المجتمع يتكون من الرجال كما يتكون من النساء، وهو أمر عام يحمل على عمومه إلا إذا دلَّ على خصوص. في موضوع الشورى بوجه عام كاستشارة باعتبارها إبداء للرأي في قضايا تهم الدولة وفي قضايا المجتمع وفي قضايا الأسرة والتعليم والإعلام والبيئة وغير ذلك، الموضوع يتعلق بالرجال والنساء، وفي بعض المجالات تصدر الشورى من النساء دون الرجال أو تصدر أكثر من الرجال دون النساء، في الموضوع الذي يكون متعلقاً بهذا الجنس أو ذاك الجنس، مثلاً في أمور النساء وفي قضايا النساء في القضاء يكون القاضي الأعرف بأحوال النساء يتقدم أكثر من غيره والعكس صحيح. على العموم قوله تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ، هو فعل أمر يقتضي الوجوب، والنبي صلى الله عليه وسلم تلقى الوحي من الله سبحانه وتعالى وأخذ هذا التكليف وجسَّده حقيقة في المجتمع الإسلامي في مكة وفي المدينة، والنصوص كثيرة في هذا وأيضاً العوائد والأعراف تشهد بهذا مع التفاوت الملحوظ بناءً على التفاوت في البيئات والأعراف وفي الأحوال. إشراك المرأة ضروري، نعود لموضوعنا ونقول: إن المبدأ العام أن إشراك المرأة في الشورى في مجلس الشورى أو مؤسسة شورية هذا إشراك مهم وضروري، ويعتبر إضافة نوعية، طبعاً مع مراعاة بعض الملابسات الخاصة، بعض الملابسات السياقية التي تحتاج إلى تفاهم وتنزيل الأمر بحكمة وبتدرج وبعمل علمي يكون مصاحباً لهذا القرار من حيث التأصيل الشرعي وبيان المصالح المترتبة على هذا الإجراء من حيث ملاحظة بعض التعليقات وبعض الملاحظات هنا وهناك وهذا طبيعي جداً في أي قرار وفي أي سياسة، لا شك أن المجتمع يتسم بالتنوع وتفاوت المواهب وتفاوت القراءات ضمن وحدة واحدة، وحدة إسلامية، وحدة وطنية، كل هذا يقدر وهذا أيضاً من التكليف الشرعي أن الإنسان يصبر على الناس ويحاول حملهم على ما يقرر من سياسة شرعية ومصالح شرعية، كل هذا بفضل الله سبحانه وتعالى. المقاصد الشرعية * معالي الوزير، لكم كتابات في المقاصد الشرعية، وكذلك مؤلفات كثيرة في هذا الجانب، فأرجو أن تبيِّن لنا المقصد الشرعي في قرار خادم الحرمين الشريفين؟ - الشورى عموماً، بوصفها إجراءً أو مؤسسة، أو بوصفها أسلوباً في الحياة، يعني الشورى في الأسرة هي أسلوب عن تشاور كما جاء في القرآن في موضوع زوجين، أيضاً {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}، الشورى أسلوب في الحكم، في السياسة وأسلوب في المجتمع، في المدارس، في الجمعيات وفي كل المجالات، هي بهذا النظر، الشورى هي أسلوب، هي وسيلة، هي مؤسسة، هي حالة فردية، حالة جمعية، هي ثقافة، هي تربية، هي تكوين، وهي تدريب...إلخ.. فالشورى بهذه الاعتبارات يمكن أن تلحق بما يصطلح على تسميته في الدراسات المقاصدية بالوسائل، والوسائل أحكام المقاصد، ويحكم على الوسائل في ضوء المقاصد التي يفضي إليها بناءً على هذه المقاصد، ونحن في هذه القاعدة وهي قاعدة جليلة من قواعد الشريعة الوسائل لها أحكام المقاصد، يحكم على هذه الشورى بناءً على ما تفضي إليه والأهداف والغايات. فإذا كانت الشورى تفضي إلى رأي جماعي تعبِّر عن تخصص دقيق، عن مجموع شعب وعن جمع من المصالح بناءً على الوقائع وعلى الأحوال، فإن الشورى يحكم عليها بهذه المقاصد ذاتها، فالمقاصد جمع الكلمة مثلاً، اختيار السياسات، حرية التعبير، التعبير عن رأي، هذا يفضي إلى الراحة النفسية، يفضي إلى أن السياسات المتخذة تعبِّر أكثر عن تطلعات الناس ومصالحهم. أو إذا كانت الشورى تفضي إلى هذه المصالح المشروعة، فلا شك أنها مشروعة ومطلوبة وبناءً إلى أنها مفضية إلى هذه المقاصد، وقد تكون الشورى مثلاً في مجتمع من المجتمعات أو في بيئة من البيئات من المسلمات أو تكون جدلاً لا ينتج معنى ونقاشاً قد يفضي إلى أحقاد وتباغض بين الناس، وقد يؤول إلى استحقاقات فردية وإلى حظوظ عاجلة وإلى - ربما - التشكيك في المسلمات أو إلى إحداث نوع من الإرباك أو القلاقل أو الإثارات بأنواعها، إذا كانت الشورى بهذا المعنى أي أنها تفضي لهذه المفاسد وإلى هذه الأضرار، فلا شك أنه يحكم عليها في ضوء ما تفضي إليه من هذه المفاسد والأضرار. مشاورة المرأة واستشارتها * معالي الوزير، التاريخ الإسلامي حافل بنماذج من استشارة المرأة في القضايا العامة والخاصة بالنسبة للدولة، هل لك أن تذكر لنا بعضاً منها إذا كانت حاضرة في الذاكرة؟ - الأصل مثلما قلت إن مشاركة المرأة في مسألة الشورى وفي المجالس الاستشارية جائز ولا مشكلة في ذلك، هذا أصل تدل عليه نصوص من القرآن ونصوص من السنّة وأيضاً تلقته الأمة بالقبول وله شواهده عبر التاريخ من خلال مشاركة المرأة في المجال العام والشأن العام وفي قضايا اجتماعية كثيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث مع زوجاته - أعني يستشيرهن في أمور مهمة، وكان يتداول معهن الرأي وكان يسمع منهن، وكان صلى الله عليه وسلم يصغي إصغاءً جيداً لرأيهن، وأحياناً يصغي إلى نساء المؤمنين أيضاً، يصغي ويتفهم لما يصغى إليه، وأيضاً يحدد صلى الله عليه وسلم ما ينبغي تحديده بناءً على هذا الإصغاء في المجال الذي ليس هو مجالاً تشريعاً متوقفاً على الوحي الكريم وإنما ما يكون مجاله مثلاً القضاء أو مجال المتغيرّ، قضايا البيئة وقضايا المجتمع والقضايا الزوجية..إلخ. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان حقيقة يجسد هذا المبدأ والمعنى، والشواهد كثيرة ويصعب حصرها هنا وكلها تؤيِّد وتؤكد ما ذكرناه. * معالي الوزير، أمامنا مثال حي وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار زوجته أم سلمة في صلح الحديبية واستشار زوجاته؟ - هذا مثال حقيقي في الشأن العام وفي الشأن السياسي، والسياسة كما يقول العلماء هي مسألة اجتهادية وهي مسألة فرعية تُبنى لتصدير المصالح وجلب المنافع ودرء المفاسد وتُبنى كذلك على النصوص الشرعية الحاكمة والمؤسسة، ولكن هي جمع بين النص في ثباته وقداسته وبين المصلحة في تنزيلها في الوقائع وفي جلبها بناءً على معطيات وقرائن. منهج نبوي في الشورى فاستشارة المصطفى صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ولغيرها كل ذلك يجسّد منهجاً نبوياً في إجراء الشورى. ونحن إذا ذكرنا هذه الأمثلة وهي كثيرة في السنَّة قد لا يستحضرها الإنسان في مداخلة سريعة، تتوقف على بحث واستقصاء وكثير من الباحثين ذكروا هذا في ثنايا حديثهم عن المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، عن دورها، عن رسالتها، وعن مشاركتها في الدعوة، وفي الدولة ومشاركتها في المجتمع وفي الأسرة والتعليم والفتوى والاجتهاد والقضاء في جانب معين، كل هذا يضاف إليه الآية التي تلوتها في البداية: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم امتثل لهذا الأمر أحسن امتثال وبأحسن تمثّل لأنه مقام القدوة ومقام التربية وامتثاله شمل كل الذين عاشوا معه - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة رضوان الله عليهم من الرجال والنساء حتى لو لم نجد الآن أمثلة تحضرنا الآن، ربما هي في بطون الكتب وفي أعماق السيرة والسنَّة النبوية يكفي قوله تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ . دعوة لتأصيل المسألة وفي الحقيقة، نحن ندعو شبابنا وطلابنا وأهل العلم وأهل التحقيق بأن يؤصّلوا ويؤسسوا لموضوع الشورى وإشراك المرأة في هذا الموضوع من خلال الكتاب ومن خلال السنَّة، وبإذن الله عزَّ وجلَّ يكون الرأي القاطع في هذا يجدون أن هذا مراد الخالق سبحانه وتعالى، الخالق تبارك وتعالى خلق الإنسان خليفة له في هذه الأرض رجلاً وامرأة، كلاهما يعمِّر الأرض، كلاهما خليفة له، يشتركان في أصل التكليف، فيه استثناء، وهناك تخصص واختصاص بعض الأحكام الجزئية والتفصيلية، ولكن المبدأ العام أنهما شريكان في مبدأ التكليف، عمارة الأرض، في مبدأ الشورى، في قضايا الدولة وقضايا المجتمع والتربية والتعليم والإعلام..إلخ. وأيضاً سيجدون في هذه السنَّة العطرة وفي الكتاب الكريم قبل ذلك، سيجدون الضوابط الحاكمة لهذا المبدأ وسيجدون بعض التفصيل وبعض الجزئيات التي تتعلق بكيفية تذليل هذا المبدأ. قضايا مهمة نحن الآن أمام قضايا مهمة وفيها وجهات نظر وفيها تداخلات معرفية وتداخلات اجتماعية، نقدّر هذا، ولكن مع ذلك اتخاذ الإجراء المناسب لعله يحدث مرافقاً لهذا بعض الجدل أو بعض الملاحظات أو التساؤلات، كل هذا يأتي في سياق التدريب والتدرج حتى يصل بالمجتمع الإسلامي إلى ما هو محل وفاق أو ما هو محل اختلاف محمود يحمل على مبادئ (رأي مخالف) وعدم إنكار ما ذهب إليه البعض في وحدة واحدة إسلامياً ووطنياً وحضارياً. * معالي الوزير، جاء الأمر الملكي بتعيين المرأة في مجلس الشورى ضمن ضوابط شرعية محددة بما يحافظ على خصوصية المرأة المسلمة في العمل النيابي والشورى، هذا القرار جاء مطمئن لكل مسلم ورد قاطع على من لا يرى هذا التوجه، فماذا يقول معاليكم؟ - نعم، الملك عبدالله بن عبدالعزيز - جزاه الله خيراً - حرص على أن يكون هذا القرار موافقاً لأحكام الشريعة ومطابقاً لما جاء في الكتاب والسنة وما أُثر عن سلف الأمة وما شهد به التاريخ الإسلامي من وقائع وشواهد، فحدد تلك الضوابط الشرعية التي جاءت مع هذا القرار، فالضوابط الشرعية مهمة في أي مجال أو أي إجراء، لأن الضوابط هي للاعتماد والتطبيق، نحن إذا اعتمدنا سياسة معينة أو قراراً معيناً، من حيث الاعتماد نعتبره أمراً يؤدي إلى مصلحة يرغِّب الناس فيه، نحملهم عليه بالطواعية والبيان والحجة، هذا الشطر الأول، الشطر الثاني هو أن يكون هذا الإجراء أو القرار منضبطاً ضمن قيوده وآدابه التي هي بالنسبة إلينا معشر المسلمين هي التقيد بالضوابط الإسلامية، وقولنا الضوابط الإسلامية هي ضوابط الكتاب وضوابط السنَّة وما بني عليهما من قواعد وخلاصات ومعايير أخلاقية أدبية إنسانية لا تعود على أصل الكتاب والسنَّة بالإبطال والإزالة أو التفريط، والضوابط طرحها مع هذا القرار يجعل هذا القرار يطبَّق وفقاً لمراده ومآلاته لا أن يخرج يميناً أو شمالاً فيقع خلاف ما جعل لأجله. ضوابط تقنع الجميع وثانياً: هذه الضوابط تقنع الناس وتجعلهم يطمئنون على أن هذا الإجراء أو ذاك إنما هو إضافة مصلحة خيرية ليس فيها تجاوز لدين الدولة ولعادات المجتمع وأخلاقه، فالضوابط مهمة جداً وهذا كله مثلما قلت لك أخي الكريم يأتي في سياق التجديد وسياق زيادة تطوير المؤسسات ولا شك أن العلماء والحكام وكل الذين يعملون في الصالح العام، لا شك أنهم يجوز لهم أو يجب عليهم أن يتخذوا من السياسات ومن القرارات ما يكون مصلحة وما يتبين الحق فيه والمعروف فيه والمعدل فيه ولو كان هذا قد يخالف البعض من المجتمع لأن شأن العالم وشأن ولي الأمر والحاكم العادل الذي يرعى شعبه ويحب دينه، ويحرص على تطبيقه من شأن هؤلاء الذين يتولون الشأن العام أن يجتهدوا بما هو أصلح للمجتمع (تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة) كما جاء في القاعدة الشرعية. فإذا رأى مصلحة في قرار وفي أمر ما مضوا فيه ولو وجد من يعترض أو يخالف أو يبدي ملاحظة فلا حرج ولا بأس فإن الزمن سيؤول في آخر المطاف وبعد التقبل سيؤول إلى الاطمئنان بهذا الأمر، فليس من المفترض أن يوافق الناس على أي إجراء أو إقرار أو نظام، الناس عادة لا تتفق على شيء والخلاف المحمود طيب ولا بأس به، ولا مشكلة من مخالفة البعض سواء لهذا القرار أو غيره، وتصرف وقرار ولي الأمر حاسم للخلاف ومنهٍ له، ولا أظنه يوجد إجراء أو إقرار دون أن يكون هناك من يختلف حوله ويخالف فيه هذا شيء طبيعي. وأيضاً يضاف إلى إجراء الحاكم وولي الأمر مؤسسات الدولة ومجموع القوانين الأخرى التفصيلية وأيضاً الإعلام في توجيهه وفي إفادته العلماء والخطباء والمجتمع الأهلي، النخب والجامعات، كل هؤلاء عندما يجدون أنفسهم في دائرة من الوفاق والتناغم بما يخدم مصلحة المجتمع وبما يدعم هذه الإجراءات الجديدة التي ستضيف الكثير للمجتمع، إن شاء الله. فهذا القرار الشرعي الحكيم المستمد من الكتاب والسنّة والمسنود بشواهد التاريخ والأدلة الشرعية الذي اتخذه الملك عبدالله بإشراك النساء في مسألة الشورى مهما حمل من آراء أخرى واجتهادات قد لا تتفق معه الآن لكن في النهاية سيجد الجميع أنفسهم متفقين عليه لأنه قرار شرعي صحيح ولأنه لمصلحة المجتمع، وعندما تظهر فوائده ويجني الجميع هذه الفوائد سيتفق الجميع عليه بإذن الله.. * معالي الوزير، وماذا عن إعداد المرأة بنتاً وزوجةً وأماً وأختاً لاتخاذ القرار الإيجابي وتدريبها على العمل النيابي سواء في مجلس الشورى أو المجالس النيابية؟ - يا أخي في الغالب من تم اختيارهن لهذا الشأن هن أهل له، وهن مؤهلات ومتمكنات ولديهن خبرة وتجربة وعلم ولكن لعلي أضيف هنا بعض النقاط المطلوبة في هذا الشأن: أولاً: التربية الدينية الإسلامية والثقافة الشرعية وبيان قيمة المرأة ومكانتها في القرآن الكريم والسنَّة الشريفة وفي عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعصر السلف الصالح. ثانياً: لا بد من برامج تربوية وتدريبية في المدارس وفي المؤسسات العامة وفي النوادي العلمية والثقافية، وهذا بالإضافة للتربية الأسرية وتنشئة الأسرة للطفل والطفلة منذ الصغر على الحوار بين الإخوة والأخوات وبين الوالدين والأبناء وبين الآباء والأجداد، وحتى على مستوى الأسرة الموسعة (القبيلة) أو (الربع) كما يطلق هذا الاسم الجميل في الخليج العربي، يعني أن تسود المناقشات والشورى ليس فقط في الأسرة، وإن كانت الأسرة هي النواة الأولى، فكذلك في العائلة الموسعة، القبيلة والعشيرة، بل أيضاً في المجتمع المحلي، في المجتمع العلمي والمجتمع الجامعي وحتى في المساجد وهي المنطلق الأول للتدريب على الشورى بمعنى مناقشة العالم فيما ذهب إليه من آراء، سؤاله، استفساره واستفتاؤه. أيضاً تدريب مناقشات أدبية، شرعية وخطابية دون إثارة وتوظيف حزبي وأيديولوجي، فالجامع يجمع الجميع ومع فيه اختلاف الرأي فلا بأس أن المصلين في المسجد يراجعون الإمام ويسألون الخطيب وينظمون حلقة نقاشية في أي مسألة. إذن تدريب البنت وتدريب الزوجة والأم وحتى الجدة فرأيها أجدى مع تراكم الخبرة كما هي مأمورة شرعاً قول الخير والإجابة عن السؤال بحسب علمها ومستواها العقلي. فنحن أمام مشروع طويل جداً في الإصلاح والتنشئة للمرأة، لها أن تعترض أيضاً بأدب حتى على أبيها ومعلمتها بعلم وفكر، فالمرأة اعترضت على سيدنا عمر لما أراد أن يحدد المهور، قالت: أوَلم تسمع قول الله عزَّ وجلَّ: {وّآتّيًتٍمً إحًدّاهٍنَّ قٌنطّّارْا فّلا تّأًخٍذٍوا مٌنًهٍ شّيًئْا}، وعمر رضي الله عنه قبل هذا الاعتراض. * معالي الوزير، هل دار سؤال بذهنك ولم أطرحه؟ - الأسئلة كثيرة قد تنشأ بناء على أسئلة ربما من الأسئلة ما يتعلق فقط بالجانب النظري المفاهيمي وجانب الأمثلة وجانب الأدلة والجانب التاريخي وكله معروف ونحن نقول من جانب التذكير وتدعيم الرأي، وهنالك أسئلة أخرى تترتب عليها مراعاة لبعض الأحوال الزمانية والمكانية والبيئية، مثلاً في بعض البلاد المرأة لم تأخذ حظها من الشورى أو حظها من النقاش، هل سيعود هذا لأسباب اجتماعية أم نفسية وذاتية، أنا لا أريد أن تتهم بعض المجتمعات الإسلامية بتهميش المرأة أو لا سمح الله بإهانة وتحطيم المرأة أو الإساءة إليها، نحن لا نريد ذلك ولا نريد أن نضع ذريعة لأعداء الإسلام من دواخل مجتمعاتنا بأننا نهين المرأة أو أن المرأة لدينا ليس لها قيمة ولا وزن بينما تاريخنا الإسلامي زاخر باحترام المرأة وإعطائها حقوقها وقدرها. ليكن المصطفى صلى الله عليه وسلم قدوتنا وإمامنا في هذا الشأن؛ فقد استشار النساء، وهكذا الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم وسائر الصحابة رضي الله عنهم، ما المخرج لكي تحدث المقاربة المعاصرة الآن التي تجمع بين أصالتنا وديننا وشرعنا إلى مواكبة بعض المنتجات الجديدة في تشريك المرأة في المجتمع والحياة العامة مع الضوابط الإسلامية والأخلاقية المرعية وتساؤلات أخرى كثيرة ذات بُعد فلسفي كالتحدث عن المرأة في المؤسسة العامة، في الدولة، في المؤسسة المالية الاقتصادية والعمل الأهلي وغير ذلك كثير من تساؤلات. - جزاكم الله خيراً. ***** ضيفنا في سطور: * أستاذ التعليم العالي بالمعهد الأعلى لأصول الدين بتونس، حاصل على شهادة دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية من جامعة الزيتونة، تخصص أصول الفقه ومقاصد الشريعة. * أستاذ التعليم العالي بالمعهد الأعلى لأصول الدين بتونس. * مدير مدرسة الدكتوراه بجامعة الزيتونة بتونس. * رئيس قسم الشريعة بالمعهد الأعلى لأصول الدين بتونس سابقا. * رئيس وحدة بحث فقهاء تونس بالمعهد الأعلى لأصول الدين بتونس سابقا. * عضو اللجنة الوطنية القطاعية للعلوم الإنسانية والاجتماعية والدينية بوزارة التعليم العالي بتونس. * عضو لجنة الماجستير والدكتوراه بجامعة الزيتونة. * عضو المجلس العلمي بالمعهد الأعلى لأصول الدين بتونس. * خبير بمجمع الفقه الإسلامي بجدة. * خبير بالموسوعة العربية بالألكسو. * أسهم ببحث ويعد بحثا آخر بالموسوعة الأصولية الكويتية. * خبير بموسوعة الفقه الطبي وأخلاقيات المهن الصحية بالرياض. * أستاذ بجامعة الزيتونة طلبة المرحلة الجامعية وطلبة الدراسات العليا المقررات التالية: الفقه، أصول الفقه، مقاصد الشريعة، القواعد الفقهية، فقه النوازل والقضايا المعاصرة، قواعد ومقاصد المواريث، منهج البحث والتكوين البيداغوجي. * عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة وكلية الدعوة والإعلام وكلية أصول الدين وبمركز الطالبات بالرياض في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال الفترة 1999 - 2002م. * له دروس عن بعد في جامعة تونس الافتراضية، وفي جامعة المعرفة العالمية. * عضو الهيئة العلمية الاستشارية بمجلة البحوث الفقهية المعاصرة بالرياض التي يشرف عليها فضيلة الشيخ أ.د. عبد الرحمن النفيسة. * له أكثر من عشرين 25 كتابا منشورا. وهي: الاجتهاد المقاصدي (طبعة قطرية بوزارة الأوقاف، وطبعة لبنانية) تعليم علم الأصول (كتاب كبير، مكتبة العبيكان بالرياض) علم المقاصد الشرعية (كتاب كبير، مكتبة العبيكان بالرياض) علم القواعد الشرعية (مجلد) الدليل عند الظاهرية (مجلد - دار ابن حزم لبنان) المقاصد في المذهب المالكي (مجلد) المناسبة الشرعية وتطبيقاتها المعاصرة (مجلد) الاستنساخ في ضوء الأصول والقواعد والمقاصد الشرعية (مجلد، طبعة سعودية وطبعة سورية) الإشارات في أصول الفقه المالكي (دار ابن حزم لبنان) المصلحة المرسلة: حقيقتها وضوابطها (دار ابن حزم لبنان، وطبعة تونسية). البريد الالكتروني وحكمه الشرعي (سورية) الانترنت والإخلال بالأمن (سورية) سلسلة المقاصد الشرعية (صدر منها عددان بالرياض) معالم الخطاب الإسلامي الموجه إلى الآخر (لبنان) التحكم الجيني: رؤية شرعية مقاصدية (لبنان) الاستقراء ودوره في معرفة المقاصد الشرعية (السعودية) التعديل الجيني والدول النامية (السعودية) الهندسة الوراثية في ضوء الشريعة الإسلامية. (السعودية) الحاجة الشرعية (السعودية) الحكم الشرعي لاستعمال الخنزير في الهندسة الوراثية (السعودية). الانترنت في ضوء الأصول والمقاصد الشرعية (السعودية) أبحاث في أصول الفقه (معد للنشر) أبحاث في مقاصد الشريعة: كنشولر بدار مؤسسة المعارف بلبنان. هموم أسرتنا (مجموع مقالات منشورة ببعض المجلات عن الأسرة المسلمة) مقاصد الحج وغنائمه (مجموع محاضرات ألقيت بإذاعة القرآن الكريم بالرياض، وهو معد للنشر). التيسير في الشريعة بعامة وفي العبادات بخاصة (معد للنشر) الخطاب الإسلامي وآليات الطرح المعاصرة. (منشور) العقل بين النص والخطاب الديني المعاصر. (منشور) المصلحة الملغاة في الشرع الإسلامي وتطبيقاتها المعاصرة. (لبنان والسعودية) وله عدة بحوث ومقالات منشورة بعدة مجلات ودوريات عربية وإسلامية. * له بعض الكتب والبحوث في طريق النشر. * شارك وحضر في عدة مؤتمرات وندوات علمية دولية داخل تونس وخارجها. * عمل أستاذا مشاركا بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة خلال العام 1429ه، ودرس طلبة الماجستير والدكتوراه علم مقاصد الشريعة. * عمل سابقا بكلية المعلمين بمكةالمكرمة وبكلية العلوم القانونية والاجتماعية بتونس وبكلية الشريعة والدعوة وأصول الدين بالرياض. * قام ويقوم بالتأطير والإشراف على عدد كبير من طلاب الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) بتونس وخارجها. ومجموع عدد التأطير والمناقشات أكثر من ستين 60. * قام بمراجعة وتحكيم عدة أبحاث علمية بعدة دوريات محكمة ومراكز بحوث وهيئات علمية داخل تونس وخارجها. * أسهم بعدة برامج إعلامية وإذاعية بتونس وبالمملكة العربية السعودية وغيرهما، ومنها: برنامج بإذاعة القرآن الكريم بعنوان (جليل الفوائد لعلم المقاصد) دام سنتين ويحوي 103 حلقة برنامج بإذاعة القرآن الكريم بعنوان (المقاصد الشرعية في الحج) 13 حلقة. - برنامج بإذاعة القرآن الكريم بعنوان (غنائم الحج) 13 حلقة. - برنامج فقهنا المعاصر، 51 حلقة. - بإذاعة نداء الإسلام، السنة 1429ه، وهو بصدد البث حاليا. - برنامج بإذاعة الرياض، البرنامج العام. -حلقات متفرقة. * له إسهامات إعلامية بالصحافة التونسية والعربية. * له اهتمام خاص بمقاصد الشريعة وتطبيقها في العصر الحالي، وبالنوازل، والقواعد الفقهية، وبالاجتهاد المعاصر، والخطاب الديني في العصر الحالي، وبقضايا تيسير العلوم الشرعية، وبالمساهمة في الأعمال العلمية الموسوعية والمعجمية المتخصصة. * زاول الخطابة والإمامة بجوامع ومساجد العاصمة التونسية. * رافق الحجيج لعدة مرات للإرشاد والإفتاء. * وزير الشؤون الدينية للجمهورية التونسية بحكومة حمادي الجبالي، في أول حكومة أفرزها التحول الديمقراطي بعد الثورة، منذ 21 ديسمبر 2011