* جَلَده بسوط كلامه وطعنه برمح ملامه، بعدما مالَ عليه ميلاً بسيطاً بسيارته! * أزبدَ وأرعدَ وغدا كأسد جريح، عندما تأخر طلبه دقائق في أحد المطاعم! * انفجر غضباً وقرصَ زوجته بأنيابه وجرّعها مسموم شرابه بسبب كلمة نطقت بها، لها في الخير ألف محمل! * أقام مأتماً وعويلاً عندما نقص درجتين في إحدى المواد! * جفا الكرى عينيه كأنما هو كسير فقر وصريع ضر بعدما خسر في صفقة مبلغاً من المال! * كأنما اجتاحتها قارعة الزمان، ونابَها يومٌ عصيب عندما سكب ابنها الشاي على السجاد! تضخيم للصغائر وتهويل للتوافه وجهاد في غير عدو واستنزاف للطاقات على لا شيء! ومن تأمَّل في حال هؤلاء لوجدهم في عمر أكبر بكثير من أعمارهم، فقد شاخوا مع تلك العقلية المدمرة! وهم كذلك مع تلك النفسية المتأزمة سيجدون أنفسهم وحيدين، فلن يتحملهم الآخرون وجزماً سينفضّون من حولهم, وفي أضعف الأحوال سيزهدون بهم! فمن سيعوِّض دمعة جرت على خد صغير؟ ومن سيبرِّد آهة حرقت قلب ضعيف؟ وأحسب أن السبب في كون البعض يتبنى هذا التوجه السقيم أن فهمه ودرجة استيعابه للأمور التافهة أكبر من كثير من فهمه للقضايا العميقة! لذا تجد وقته ضاعَ في سفاسف الأمور! يقول أحد الحكماء: بينما كنت أسير في أحد الشوارع متأمّلاً، وإذا بي أسمع بكاءً مريراً يقطع نياط القلب وإذ به شاب لم يتجاوز العشرين يَئن أَنِين الوالهة الثّكلى، فاتجهت نحوه وسألته عن سبب هذا البكاء، فقال: لقد فقدت قبعتي! فقال له الحكيم يا بني: لو أن الدنيا بأسرها كانت بين يديك ثم سقطت ما ساغ لك أن تبكي عليها مثل هذا البكاء! نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة.. فكيف آسى على شيء إذا ذهبا! وفي هذا الشأن يُذكر أن صحفياً سأل شيخاً كبيراً ناهزَ الثمانين عن سر حيويته، وعن سر تلك الابتسامة الشابة المشرقة على محياه، فأجاب لا شك عندي أن الناس بوسعهم أن يعيشوا أكبر من أعمارهم، لو ترفّعوا عن الصغائر وتركوا الحديث عنها أو الاغتمام بها! وقد ذكر أحد القضاة أن آلاف قضايا الطلاق تقع بسبب أمور لا تستحق حتى الخصام! ويقول دين سميث كبير مدربي كرة السلة لفريق نورث كارولينا: إذا جعلت من كل موقف في حياتك مسألة موت أو حياة؟.. فإنك ستموت كثيراً.. باختصار اختر معاركك بعناية! وقديماً قال ديل كارنيجى: إننا غالباً ما نُواجه كوارث الحياة وأحداثها في شجاعة نادرة وصبر جميل، ثم ندع التوافه بعد ذلك تغلبنا على أمرنا! قبل الأخير: أيها الكريم: العمر محدودٌ، والأيام تمضي فلا تسترخص حياتك بالهمّ على الدقيق والجليل، ولا ترمِ كل ذبابة تزعجك بكل ما تملك من طلقات، ولا تصنع بالوناً كبيراً من كل فقاعة صابون! ولا جبلاً كؤوداً من كل تلد يطرأ عن أي عدوان عليك! وتذكَّر أن الجروح النفسية تحتاج لجهود كبيرة لتطببيها دون ضمانة على هذا! ولا تسل عن حجم التراكم والتصعيد الذهني واللا شعوري لما تخلفه الحوادث التافهة، كما أن التفاعل مع تلك التوافه كما يقول كوبماير سينتج عنه حملٌ ثقيلٌ ضخمٌ! تجاوز الصغائر وكن كبيراً ولا تجعلها تعصف بحياتك وتذهب برشدك وتفقدك إحساسك بالحياة. ومضة قلم: ليكن حجمك كبيراً لدرجة تمنعك من التردي في الحفر الصغيرة الضيقة. [email protected]