في صبيحة يوم شتوي منعش قدر الله و اصطدم رأس صغيري (نواف) بحافة السرير مما سبب له ألماً شديداً بكى منه أحر بكاء حتى يكاد يشرق بماء دمعه، وصادف أنني وثقت المشهد تصويرا بالجوال, والعجيب في الأمر وبعد 24 ساعة فقط من الحدث أصبح هذا المقطع هو المفضل لنواف! وكم تعجبت من تلك الابتسامة العريضة على وجه ذي الثلاث سنوات وهو يرى نفسه باكيا! وقد تأملت في هذا المشهد كثيرا وخرجت بهذا الدرس الثمين: من أخلاق الحياة أنها لاتهدي بشرا في الجملة مشكلة لا يقوى عليها ولا تضع على كتفيه حملا يستحيل عليه حمله, وعندما يطرق الهم بابك ويجلل حياتك يوم أسود فلا تجزع فسيمر هذا اليوم كما مر إخوته من الأيام السوداء في زمن مضى, فاليوم الكئيب المظلم سيذهب في حال سبيله إذا استطعت أن تجالده لفجر الغد! وقد سئل أحد المفكرين ممن انفقوا أوقاتهم لدراسة التاريخ وتتبع سير الناجحين عن أعظم درس تعلمه من بحثه في التاريخ ووقوفه على أهم الأحداث؟ فأجاب من فوره: إذا اشتدت ظلمة الليل فقد قرب ظهور الفجر! و إحدى النساء ضاقت بها الأرض بما رحبت وسدت في وجهها الأبواب وتاهت خطاها تبحث عن مخرج وتتلمس منفذا، وفي خضم الأزمة تذكرت نصيحة لحكيم يستعان بها في الأزمات وكانت النصيحة أن تكتب كلمة (ابتسم) وتعلقها في مكان تشرف عليه عند زيارة المشكلات وبالفعل عملت بالنصيحة،ومع هذا لم يتغير شيء في حياتها مع تلك الكلمة! فما كان منها إلا قطعت الورقة وأتت بورقة أخرى وكتبت فيها: ابتسم رغم كل شيء! لم يُبن لبشر سورا يصده عن منغصات الأيام، وما سمعنا أن هناك قبعات خاصة تحمي البعض من مطر الهم ومن شمس الألم, ولم تكن الحياة في يوم مجرد نزهة أو مكانا للضحك أو مقهى لتناول المرطبات والعصيرات, أبدا،فهي عامرة بالمشكلات مشبعة بالمنعطفات وبالمنغصات, والحياة بدون تحديات وبلا عقبات تبدو باهتة باردة مملة، فالحياة بدون مغامرات ولا أخطار ولا منعطفات لاتستحق حتى النهوض من الفراش لملاقاتها كما يقول كوبماير، والابتسامة عند المشكلة لاتعني السلبية والصمت وعدم التفاعل, ولكن المحك الحقيقي والاختبار الصادق لثباتك ورجاحة عقلك هي أن تبتسم وتتصرف بنضج عندما تسير الأمور على عكس ما تتمنى وخلاف ما تحب وإلا فالجميع يبتسمون حال الرخاء! وحتى تتغلب على المشكلة عليك أن تكون بوضعية جيدة وهو ما تساعد عليه الابتسامة وهو لا يتحقق مع القلق والتوتر والتوجع. وحتى تكون أقوى من المشكلة فلا تعمد لتأجيجها وشحنها وتغذيتها بالأفكار السلبية ولا تجعل منها أتونا مستعرا تؤجج ضرام نارها بسكب زيت المشاعر السلبية فوقها! وتأكد أن أغلب المشكلات ليست بالتعقيد والحجم الذي تتخيله للوهلة الأولى! فالابتلاء من طبع الحياة وقدر من الله وهي وإن أهدت لنا المصائب تحدب علينا وتعود تبلسم جروحنا،وحتى تأتي تلك اللحظة فقط دع المقادير تجري في أعنتها وابتسم،استعرض شريط حياتك متأملا تلك الليالي الطوال وهاتيك الهموم التي عانيت منها لم يصمد شيئاً منها بل تولت كالسحاب وغدت كطيف عابر! واجه أزماتك وكافح العقبات فالمجد والعز والنجاح يقبلون على المكافح والحياة تعطي أجزل الجوائز سعادة وشرفا لمن يواجه أزماته ويحلها بنجاح, وستنقشع تلك السحب الداكنة قريبا وستمطر الحياة فرحا وأنسا وتعلق دائما بهدب الأمل وارقب بريد الظفر وجزما سيكون غدك أجمل ومضة قلم: ليس عليك أن تكون عظيما للتحرك بل عليك أن تتحرك لتكون عظيما!