شعوري نحو «حافز» هو شعور أي مواطن سعودي لم يصل إلى الخامسة والثلاثين حتى هذه اللحظة، ومتفائل بكل القرارات التي صدرت والتي لم تصدر عن الإدارة المعنيّة بشؤونه، أمد الله في عمره. فهو قبل ولادته كان اسمه (أمراً ملكياً) ومهمّته في هذه الحياة صرف إعانة إلى المعطّلين عن العمل بغير رغبتهم، ولكنّه بعد ولادته بأشهر غيّر اسمه إلى (حافز)، وأصبح له عائلة كريمة تسمى (حزمة خدمات)، من بينها (طاقات) ترعاه، و(نطاقات) تهتم بشؤونه. فمن بيت حافز (حفزه الله) خرجت عدّة برامج منها التأهيل والتدريب والتوظيف، وقائمة طويلة من الأشياء التي تقال حينما لا يجد مسؤول ما شيئاً مفيداً ليقوله! المهم أنني هنا مع السيّد (حافز) الذي سيُفك أسره بعد أيام قلائل، ومع أفراح (القابضين) وأحزان (المقبوضين)! لكن قبل أن أفرح أو أحزن لدي وقفة صمت خالية من كل شعور إلّا الدهشة، هذه الدهشة ناتجة عن علامات استفهام زرعت في رأسي كنخلة حساويّة أصلها قصيمي، في هذه الوقفة سأتولى مهمة (تحفيز) صندوق الموارد البشريّة للإجابة على كل (بساتين النخل) التي زرعت في رؤوسنا! هذا الصندوق الطيّب الذي أنشئ قبل أعوام لحل مشكلة (البطالة)، إذا به يجد في الأمر الملكي ما يحفّزه فجأة على العمل، فأرعد وأزبد وحفّز! أين كانت كل هذه (الطاقات والنطاقات) قبل الأمر الملكي؟ وأين كانت كل هذه الحكمة في التصريحات والتدريب والتطوير والتأهيل قبل الأمر الملكي؟ وأين كانت شركات التدريب والتطوير والتأهيل هذه حينما كانت البطالة تملأ المكان والزمان؟ هل البطالة ولدت قبل الأمر الملكي أم بعده؟ أنا -والحمد لله- سعيد جداً بأن صندوق الموارد البشريّة وجد ضالته أخيراً، وقضى على بطالة منسوبيه، وسعيد أكثر وأنا أسمع تصريحاتهم وتهديداتهم الرائعة لكل العاطلين بلا استثناء! وخِفت من فرط حماسي أن أشاهد أحد مسؤولي الوزارة وهو يخرج علينا بخطبة حماسية ليقول لكل العاطلين (من أنتم؟)، لكني عرفت أن الحكمة هذه الأيام تتدفّق من أروقة الوزارة، بعد أن لوّنت الشركات بالأحمر والأصفر والأخضر، وأشارت لكل العاطلين قائلة «نحن سنلوّن حياتكم، فقط راسلنا يا عاطلنا العزيز واختر لونك المفضل»! ولقد سمعت وشاهدت في أكثر من مرة كلاماً يقال بنبرة المندهش من أعداد المتقدمين للبرنامج، وهذه الدهشة تقول خفية ما لم يقله أحد من المتحدثين صراحة، فهي تفضح جهل المسؤولين عن حجم العاطلين وأعدادهم! هذه المعلومة أصبحت في أيدينا الآن وأمام مرأى ومسمع كل (حكماء حافز) الأفاضل؛ لذا عليهم أن يزدادوا حكمة حينما يخبروننا بعد نهاية هذا العام (الحافزي) عن الأعداد التي دُرّبت ووُظفت وأُهلت، وألّا يستخدموا حكمتهم إيّاها في إيجاد الكثير من المبررات؛ فالمساحة في رؤوسنا لم تعدْ تكفي لزراعة المزيد من النخل!